المسيحيون بعد الأكراد ينضمون للاحتجاجات في «جمعة الصمود».. والقوى الأمنية تمنع متظاهرين من دخول العاصمة

أهالي حمص وحماة يحاولون إسقاط تمثالي حافظ الأسد.. وسكان درعا يدعون إلى إسقاط النظام

TT

بعد يوم على إعلان تشكيل الحكومة الجديدة وقيام السلطات بإطلاق سراح عشرات المعتقلين في الأحداث الأخيرة، خرجت مظاهرات احتجاجية في مختلف أنحاء البلاد تطالب بالحرية، وتهتف لنصرة درعا وبانياس. وفي تطور لافت، أمس، انضم المسيحيون إلى المظاهرات للمرة الأولى، في قرية أزرع في درعا، حيث قالت مصادر محلية إن أبناء الطوائف المسيحية كانوا في مقدمة المتظاهرين. ولم يكن قد سُجل حتى الآن حضور يذكر لأبناء الطوائف الأخرى مع الغالبية السنية، باستثناء الأكراد الذين انضموا إلى المظاهرات الأسبوع الماضي.

وفي دمشق، تظاهر المئات أمام جامع في برزة عقب انتهاء الصلاة، وحصل اشتباك مع الشرطة وجرى تراشق بالحجارة، كما خرجت مظاهرات في عدة مدن في ريف دمشق عقب صلاة الجمعة، وتم إحراق صور للرئيس بشار الأسد في حرستا، ورفعت لافتات كتب عليها: «لا لعصابات الأمن» في مظاهرات حرستا التي التقت مع مظاهرات أخرى في دوما وعربين وزملكا وكناكر، كما رفعت لافتات في دوما كتب عليها: «لا للقتل.. لا للعنف.. لا للدم»، و«أرواحنا فداء لبانياس»، و«خلي عينك يا بلد.. الحرية بتتولد»، و«حرية.. حرية».

وقالت مصادر محلية إن قوات الأمن تمكنت من منع تدفق المحتجين القادمين من ريف دمشق الذين تجمعوا في جوبر وانطلقوا للاعتصام في ساحة العباسيين جنوب غربي دمشق. وقالت المصادر إن أعدادا كبيرة وفدت إلى الساحة وتمت مجابهتهم بجماهير من المؤيدين ورجال الأمن. وتعد ساحة العباسين من الساحات الكبيرة في دمشق، وأهم مداخل العاصمة، حيث يصب فيها الطريق القادم من حمص وعدة طرق أخرى حيوية.

وفرقت أيضا قوات الأمن السورية بالقوة مظاهرة شارك فيها محتجون قادمون من قرى دمشق لدى دخولهم من المدخل الشمالي الغربي للعاصمة. وقال ناشط حقوقي، فضل عدم الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «قوات الأمن فرقت بالقوة نحو ألفي متظاهر قدموا من دوما وعربين وحرستا، بينما كانوا يهمون بدخول العاصمة في حي جوبر»، الواقع في الطرف الشمالي للعاصمة. وأضاف الناشط أن «القوات قامت بتفريق المتظاهرين باستخدام الهراوات وإطلاق قنابل مسيلة للدموع».

وفي الكسوة في ريف دمشق، خرجت مظاهرة كبيرة تنادي بالحرية ونصرة جرعا وبانياس، وتتأسف لترك جبهة الجولان والتوجه لقمع درعا وبانياس. وفي الزبداني، في ريف دمشق خرج متظاهرون من مسجد الجسر الكبير يهتفون للحرية ويتضامنون مع باقي المدن والمحافظات السورية.

أما في مدينة بانياس الساحلية التي شهدت أياما دامية مؤخرا، وحصارا عليها، فقد تجمع المئات أمام جامع أبو بكر بعد أدائهم صلاة الغائب على أرواح شهداء الأسبوع الماضي. وهتف المتظاهرون: «حرية.. سلمية»، و«بالروح بالدم نفديك يا شهيد». وفي قرية البيضا في بانياس، جرى تشييع الشاب حكم حنا الذي قتل على يد عناصر الأمن، واتهموا المسلمين بقتله. إلا أن المسيحيين والمسلمين خرجوا معا في الجنازة يهتفون: «كلنا إيد واحدة».

وفي درعا، من حيث انطلقت المظاهرات في منتصف الشهر الماضي، خرج، أمس، آلاف المواطنين من الرجال والنساء والأطفال في مظاهرة سلمية عقب صلاة الجمعة في منطقة درعا البلد والمحطة، واعتصموا في ساحة السرايا مرددين هتافات لتحية «الشهيد» ولنصرة بانياس، وتدعو إلى إسقاط النظام، ومن الهتافات: «الموت ولا المذلة».

ولم يسجل حصول أي حوادث أو احتكاكات أو تدخل لقوات الأمن، بحسب مصادر إعلامية محلية. وجاء ذلك بعد يوم واحد من لقاء الرئيس السوري، بشار الأسد، بوفد من أهالي درعا، وتعهده بسحب الأمن والجيش من المدينة.

كما عمت المظاهرات قرى ومدن محافظة درعا من جاسم وانخل الحارة وغيرهما. وحاول أهالي القرى والمدن المجاورة الانضمام إلى المتظاهرين في درعا ودخول المدينة عبر طرق التفافية، إذ لا يزال الجيش يقيم حاجزا على مدخل المدينة يمنع دخول المتظاهرين. وفي قرية أزرع قالت مصادر محلية إن أبناء الطوائف المسيحية كانوا في مقدمة المتظاهرين في تطور جديد على المظاهرات التي لم تسجل حتى الآن حضورا يذكر لأبناء الطوائف الأخرى مع الغالبية السنية. وتركزت الهتافات على إسقاط النظام والمطالبة بالحرية. وفي قرية خربة غزالة خرجت أيضا مظاهرات تطالب بإسقاط النظام. وأطرف هتاف سمع في درعا الأغنية الشعبية المصرية الشهيرة «السح الدح امبو.. الواد طالع لأبوه»، و«ارحل.. ارحل»، ورفعوا لافتات كتب عليها: «سنية ومسيحية دروز وعلوية.. كلنا سورية»، وأخرى كتبوا عليها: «يا بانياس حقا نساءك رجال».

وفي مدينة طرطوس الساحلية التي تتبع لها بانياس، خرجت مظاهرة لنصرة بانياس، وهي أول مظاهرة تشهدها مدينة طرطوس. وفي حمص، قال شهود إنه سمع إطلاق نار كثيف خلف جامع خالد بن الوليد، حيث يتجمع نحو 4 آلاف متظاهر، كانوا يهتفون بإسقاط النظام. وانطلق نحو ألفي شخص من جامع النور عقب صلاة الجمعة باتجاه السوق والتقوا مع نحو 4 آلاف متظاهر قادمين من أحياء البياضة وباب عمرو ذات الأغلبية البدوية. وبدأت المظاهرة سلمية حيث لم تتدخل قوى الأمن إلا حين حاول المتظاهرون الوصول إلى ساحة الدوار حيث يوجد تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد، فتدخلت قوات حفظ النظام والأمن وجرى تفريق المتظاهرين بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع. فعاد المتظاهرون إلى جامع النور وتجمعوا مرة ثانية وانطلق نحو 10 آلاف شخص باتجاه السوق بعد ظهر يوم أمس، الجمعة، كما عمت المظاهرات غالبية الأحياء الحمصية؛ مقبرة الكتيب وباب سباع وعند جامع كعب الأحبار.

وعند نزلة وادي السايح كانت هناك مظاهرة أخرى جرى إطلاق رصاص في الهواء كثيف جدا لتفريق المتظاهرين. كما تم رمي قنابل مسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين. وقالت مصادر محلية إن الدبابات بدأت بالانتشار في محيط دير بعلبة منذ الصباح حيث تتركز الأغلبية البدوية من السكان في ريف حمص. وقال ناشطون في حمص إنهم بدأوا حملة نظافة لإزالة صور رموز النظام من الشوارع. وفي قرية كفر لاها قام ناشطون بإزالة صورة الرئيس من مدخل القرية.

كما جرى إطلاق نار عند فرع الحزب بالسوق في حمص على آلاف المتظاهرين واستخدام رشاشات المياه والقنابل الغازية، ومنع الأمن الناس من دخول السوق، وشوهد دخان كثيف قرب جامع الدروبي والقيام باعتقالات بين صفوف المتظاهرين.

كما خرجت مظاهرات في بلدات ريف حمص في تلبيسة والحولة وتلدو، التي لم تهدأ فيها الأجواء لأكثر من 3 أسابيع. كما شهدت مدينة القصير القريبة من الحدود مع لبنان مظاهرة حاشدة انطلقت من الجامع الكبير وتوجهت نحو جامعين آخرين في المدينة، وانضم إليها الأهالي من مختلف الطوائف. ولم يسجل أي احتكاك مع قوات الأمن رغم وجودهم الكثيف في المنطقة حتى في الأحوال العادية؛ كونها منطقة حدودية. كما خرجت مظاهرات حاشدة في مدينة تلكلخ في محافظة حمص القريبة من الحدود مع شمال لبنان، وهتف المتظاهرون: «الشعب يريد إسقاط النظام».

وفي حماة خرج الآلاف في مظاهرة كبيرة للأسبوع الثاني على التوالي، وأبرز الهتافات تلك التي وجهت إلى مفتي الجمهورية، أحمد بدر حسون: «يا حسون يا حسون.. الشعب السوري ما بيخون»، و«سلمية.. سلمية»، والمظاهرات في حماة كانت حول جامع عمر بن الخطاب وجامع المناخ.

وشهدت مدن ريف حماة مظاهرات أخرى أكبرها كان في مدينة الرستن، مسقط رأس العماد مصطفى طلاس، وذلك بعد يوم على زيارته لمدينة حمص ولقائه وفدا من الرستن. وقام المحتجون في الرستن بالتوجه إلى الساحة لإسقاط تمثال الرئيس حافظ الأسد. ويشار إلى أن الاضطرابات لم تهدأ في الرستن منذ أكثر من أسبوعين حيث توعد الأهالي بإسقاط التمثال بعد فشل محاولاتهم أكثر من مرة، ووضع حراسة مشددة إلى جانب التمثال، لكن وبحسب الأنباء التي وردت من الرستن أن المحتجين أظهروا إصرارا كبيرا على إسقاط التمثال وتمكنوا من ذلك، بحسب ما ذكرته مصادر محلية. وجرى تفريق المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع.

وفي اللاذقية، تجمع «نحو ألف شخص في ساحة أوغاريت في مركز المدينة للمطالبة بإطلاق الحريات».

وفي شمال شرقي سورية، حيث تتركز الغالبية الكردية خرجت مظاهرات للأسبوع الثاني في عدة مدن. ففي القامشلي خرج عدة آلاف وانطلقوا من جامع قاسمو باتجاه دوار التمثال في جنوب المدينة وهم يحملون إعلاما سورية ولافتات كتب عليها: «لا كردية لا عربية.. بدنا وحدة وطنية»، و«من القامشلي لحوران.. الشعب السوري ما بينهان». كما رددوا هتافات تنادي بالحرية والتضامن مع بانياس ودرعا. وخرج المئات في بلدة عامودة الكردية والدرباسية التابعتين للحسكة. وخرج عشرات المتظاهرين في قرية رأس العين التابعة لمحافظة الحسكة انطلقت من جامع الأسد باتجاه الدرباسية ولم يحصل أي احتكاك مع قوات الأمن التي لم تتدخل وانفضت المظاهرات سلميا.

وخرجت في دير الزور مظاهرة حاشدة تنادي بالحرية. وفي قرية محيميدة التابعة لدير الزور وقعت اشتباكات على خلفية منع المصليين من الدخول إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل علي العجيل الذي حاول منع دخول القوات الأمنية من اقتحام المسجد. وقرية محيميدة، مسقط رأس الشيخ نواف الراغب البشير شيخ البقارة الذي يعد من أبرز المعارضين للنظام في محافظة دير الزور.

وسجلت السلطات السورية، اليوم، تغيرا في طريقة التعاطي مع المتظاهرين، إذ بدت أقل عنفا بكثير، ولم تنقل أي معلومات عن إطلاق رصاص، كما جرى في الأسابيع الماضية. كما بث التلفزيون السوري صورا لبعض المظاهرات في دير الزور وأنحاء أخرى من البلاد في محاولة لإظهارها كمظاهرات محدودة الحجم وليست بالضخامة التي تبدو عليها في وسائل الإعلام الخارجي.