متظاهرون في ساحة التحرير ببغداد يرفعون لأول مرة شعار المطالبة برحيل المالكي

قيادي في ائتلاف دولة القانون لـ«الشرق الأوسط»: صناديق الاقتراع هي التي تغير

عراقيون يحملون صور ذويهم المعتقلين خلال مظاهرة ضد الحكومة في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ب)
TT

في تحدٍّ واضح للقرار الذي اتخذته قيادة عمليات بغداد، القاضي بحصر المظاهرات في أماكن بديلة عن ساحتي التحرير والفردوس في قلب بغداد، توجه المئات من المتظاهرين، منذ الصباح الباكر أمس، ومن مناطق مختلفة من العاصمة بغداد والبلدات القريبة منها، إلى ساحة التحرير، على الرغم من الإجراءات الأمنية المكثفة التي انتشرت بكثافة في محيط المظاهرة وعدم فرض إجراءات منع التجوال أو قطع الطرق المؤدية إلى مكان المظاهرة.

كان المتحدث الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد، اللواء قاسم عطا، قد أعلن، أول من أمس، أنه لن يتم السماح بالقيام بمظاهرات في ساحة التحرير بدءا من أمس. وبينما أطلق من أطلقوا على أنفسهم «شباب نصب الحرية» اسم «جمعة كفانا صبرا» التي تتعلق بالدرجة الأولى بإطلاق سراح المعتقلين، فإن الظاهرة الأبرز التي ميزت مظاهرة أمس هي أن المتظاهرين رفعوا، لأول مرة، شعارا يطالب برحيل رئيس الوزراء نوري المالكي؛ حيث تم ترديد شعار «ارحل ارحل يا مالكي» و«هبت رياح التغيير»، علما بأن كل المظاهرات التي انطلقت في بغداد ومعظم المدن والمحافظات العراقية، حتى أمس، كانت قد ركزت على الجوانب الخدمية والإصلاحات وإطلاق سراح الأبرياء من المعتقلين أو المطالبة بإقالة عدد من المسؤولين الخدميين.

كان يوم أمس هو الجمعة التاسع الذي يتظاهر فيه العراقيون للمطالبة بالإصلاح والخدمات وسط تباطؤ حكومي، ليس على صعيد وتيرة الإصلاحات فقط، وإنما حتى على صعيد الاهتمام بالمظاهرات التي كانت ترافقها إجراءات أمنية صارمة وحضور عدد من النواب والمسؤولين إلى ساحة التحرير، الأمر الذي زاد من نقمة المتظاهرين هذه المرة، وهو ما جعلهم يرفعون سقف مطالبهم، ليس على صعيد الاستمرار بالمطالبة بالخدمات وإنما المطالبة بالتغيير هذه المرة. وفي تصريح لأحد الناشطين في منظمات المجتمع المدني لـ«الشرق الأوسط» قال، طالبا عدم الكشف عن اسمه بسبب تعرضه أكثر من مرة للاعتقال: «إن مظاهراتنا بدأت بالمطالبة بالخدمات والإصلاحات من باب أن العراق بلد يزخر بإمكانات كبيرة، وبإمكان الحكومة القيام بالكثير؛ لذلك تم منحها فرصة لاختبار كفاءتها، سواء في تفعيل عملية الإصلاحات أو الاستجابة لمطالب المتظاهرين، وهو أمر لم يتحقق بما فيه الكفاية حتى الآن، الأمر الذي جعل المتظاهرين يبرزون شعار التغيير والمطالبة برحيل المالكي علنا».

من جانبه، اعتبر صادق اللبان، عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه نوري المالكي، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، ردا على شعار المطالبة برحيل المالكي، أن «وراء رفع مثل هذه الشعارات أجندات سياسية معروفة كانت قد فشلت في تسويق مثل هذه الشعارات خلال الفترة الماضية وقد وجدت اليوم، من خلال استغلال المطالب المشروعة للمظاهرات والمتظاهرين، الفرصة التي قد تعتقد أنها سانحة لطرح مثل هذا الشعار ومحاولة تسويقه لأغراض سياسية معروفة»، مشيرا إلى أنه «ليست هناك ضرورة لرفع شعارات تطالب برحيل المالكي؛ لأن المالكي يمكن أن يرحل وبسهولة، لكن من خلال صناديق الاقتراع التي جاء منها إلى السلطة». وأضاف اللبان: «إننا في الوقت الذي نؤكد فيه أن مثل هذه الشعارات لم يعد لها سوق في بلد مثل العراق يجري فيه تبادل السلطة سلميا على الرغم من كل الإشكالات والمشكلات فإن ما نخشاه حقيقة هو أن يجري استغلال مثل هذه الشعارات بحيث تدخلنا في دوامة من المشكلات نحن في غنى عنها». وردا على سؤال بشأن تراجع الاهتمام الحكومي والبرلماني بالمظاهرات، وهو ما أدى إلى رفع سقف مطالب المتظاهرين، حمل اللبان «البرلمان مسؤولية ذلك»، معتبرا أن «البرلمان هو من يوجه الحكومة ويتعين على أعضائه النزول إلى الشارع والتعامل مع مطالب المتظاهرين ومعرفة أوجه القصور الحكومي بحيث يمكن من خلالها محاسبة المالكي وغيره، لا سيما أن الميزانية قد تم تخصيصها ويجب أن يعرف الناس أن الحكومة لا تستطيع أن تفعل شيئا يتعدى ما هو مقرر في الميزانية السنوية».