مظاهرات الرباط أضحت مشهدا مألوفا والنقابات ترى أنها الحل الأمثل

مصدر حكومي: نقابات تنظم مظاهرات ووقفات احتجاجية حتى قبل أن تقدم مطالبها

جانب من مظاهرة الأطباء والصيادلة أمام وزارة التعليم («الشرق الأوسط»)
TT

بات مشهدا معتادا تنظيم مظاهرات في وسط العاصمة المغربية، حيث يعتقد نقابيون أن تلك هي الطريقة الأجدى حتى تسمع الجهات الحكومة مطالبهم، وغالبا ما تكون مطالب النقابات تحسين الظروف المادية للعاملين في القطاع العام. وإلى جانب هذه «المظاهرات المطلبية»، هناك أيضا مظاهرات أخرى تطالب بإصلاحات سياسية ودستورية، ويشارك فيها شباب ينتمون إلى ما أصبح يعرف في المغرب حركة «شباب 20 فبراير» أو بعض المجموعات الشبابية الأخرى المتفرعة عن هذه الحركة، جميع هذه المظاهرات سلمية، حيث لا تخرج عن سياق ترديد شعارات ورفع لافتات بمطالب المشاركين فيها.

وتجري هذه المظاهرات في شارع محمد الخامس أمام البرلمان خاصة إذا كانت المطالب ذات طابع سياسي، أو على طول الشارع إذا كانت المطالب فئوية، وتحولت ساحات أخرى مثل ساحة أخرى أمام وزارة التربية والتعليم إلى مكان مفضل للاعتصام أو التظاهر، ويتباين تعامل قوات الأمن مع هذه المظاهرات، إذ تتدخل أحيانا بالقوة لفضها، في حين تكتفي في أحيان كثيرة بمراقبة هذه الاحتجاجات، لكن دون أن تتدخل. وعادة ما ترابط سيارات الشرطة والقوات المساعدة (قوات لمكافحة الشغب وحفظ النظام) في شوارع خلفية قريبا من وسط العاصمة المغربية، حتى إذا طلب منها التدخل تفعل ذلك دون إبطاء.

وفي هذا السياق، واصل أمس مدرسون مظاهراتهم أمام وزارة التربية والتعليم، حيث يتلقى الوزير أحمد أخشيشن، وهو أصلا أستاذ جامعي، سيلا من مطالب النقابات حول تحسين أوضاع مختلف فئات المدرسين، وغالبا ما يلتزم أخشيشن الصمت، ولا يعلق على هذه الاحتجاجات المتكررة، وينتمي أحمد أخشيشن إلى حزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض، لكنه استمر في شغل منصبه على الرغم من أن حزبه انتقل إلى المعارضة، بيد أنه لا يزال يحضر اجتماعات الحزب.

وكان الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان الداخليين (الذين يعملون في المستشفيات قبل تخرجهم) تظاهروا بدورهم أول من أمس أمام وزارة التعليم، حيث طرحوا عدة مطالب من بينها اعتبار شهادة التخرج بمثابة شهادة دكتوراه، ذلك أنهم يدرسون لمدة سبع سنوات ويحضرون بحثا جامعيا في السنة النهائية يناقش أمام لجنة أكاديمية. بيد أن مصادر وزارة التعليم تقول إن قرارا صدر عام 2009 يعتبر أن الشهادة التي يحصل عليها الأطباء مماثلة لشهادة الماجستير، ولا يمكن اعتبارها بمثابة شهادة دكتوراه.

وقال الدكتور عبد المالك لهناوي وهو نقابي يمثل هؤلاء الأطباء، إن مظاهرتهم تندرج ضمن «خطة للتصعيد» وضعتها النقابة في الشهر الماضي، مشيرا إلى أنها المرة الأولى التي يقوم فيها أطباء بوقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم، على اعتبار أنها هي المكلفة بمعادلة شهادة الدكتوراه في الطب والصيدلة، وأشار إلى أن «الوقفة الاحتجاجية» جاءت بعد أن ظلوا يقدمون مطالبهم منذ عام 2004، وشدد على أن بين المطالب التي يتشبث بها الأطباء والصيادلة الداخليين التعيين المباشر في القطاع الحكومي مند السنة الأولى، مع احتساب سنوات الأقدمية ومراجعة التعويضات المادية التي تمنح للأطباء عندما يتفرغون لإنجاز التخصص وحقهم في اختيار التخصص الذي يرغبون فيه، وشارك في الوقفة الاحتجاجية التي جرت أول من أمس طبقا لإفادة النقابية نحو ألفي طبيب جاؤوا من مختلف المدن المغربية، لكن مصادر أخرى تقول إن هناك تضخيما لعدد المشاركين. وكانت هناك فئة أخرى تشارك في وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم، وهي مجموعة من موظفي التعليم الذين من فئة السلم التاسع (الدرجة التاسعة)، ويطالب هؤلاء بترقية استثنائية إلى السلم العاشر تشمل جميع الموظفين الذين قضوا 6 سنوات. وقال إبراهيم شحيما، ممثل النقابة، إنهم سيخوضون إضرابا في جميع أنحاء المغرب، مشيرا إلى أن الإضراب سيتبعه اعتصام أمام الوزارة في الشهر المقبل. وليس بعيدا عن وزارة التعليم، نظم موظفو المحافظة العقارية مظاهرة أمس في «شارع مولاي يوسف»، وقال بن عاشر الذي يمثل نقابة هؤلاء الموظفين، إن مطالبهم تتمثل في زيادة الرواتب وتحديد الحد الأدنى للراتب في 3500 درهم (نحو 440 دولارا). ويطرح النقابيون مطالب كثيرة حول ظروف عملهم والأوضاع داخل هذا المرفق.

وفي سياق منفصل، نفت مؤسسة المطارات أن تكون قد حدثت الجرائد بخصوص حصول اضطرابات في حركة النقل الجوي ببعض المطارات المغربية نتيجة عملية احتجاج نظمها موظفي هذه المؤسسة، وقال بيان أصدرته المؤسسة إن «أي مطار من المطارات المغربية لم يشهد اضطرابا في حركة النقل الجوي، ولم يكن هناك أي تأثير سلبي لعملية الاحتجاج على الرحلات الجوية أو حركة المسافرين أو الخدمات الأرضية التي تقدمها المؤسسة». وأشار البيان إلى أن «أية شركة للنقل الجوي أو أي منظمة أو لم تتقدم بشكوى تتعلق بالخدمات التي تقدمها المؤسسة». وكانت مصادر نقابية قالت إن موظفي هذه المؤسسة نظموا وقفات احتجاج في مطارات الدار البيضاء وفاس وأكادير، وإن معظم العاملين شاركوا في هذه الوقفات الاحتجاجية. بيد أن إدارة المؤسسة قالت إن عددا ضئيلا هم الذين شاركوا في الاحتجاج، وأشارت إلى أنها ومنذ الشهر الماضي عقدت اجتماعات منتظمة مع النقابة التي تمثل العاملين، وتقرر تشكيل لجنة لدراسة مطالبهم. ويطالب موظفو هذه المؤسسة بتحسين مرتباتهم وتعويضاتهم.

وفي معرض تعليقه على ظاهرة المظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي أصبحت مشهدا مألوفا في العاصمة المغربية، قال مصدر حكومي من رئاسة الوزراء لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة تفاوضت مع النقابات حول مختلف المطالب، ولا يمكنها أن تتفاوض مع مطالب فئوية، مشيرا إلى أنه في كثير من الأحيان لا تتقدم النقابات بمطالبها، بل تبادر مباشرة إلى تنظيم مظاهرات أو وقفات احتجاجية، وأكد المصدر أن الحكومة قررت الزيادة في رواتب جميع الموظفين ابتداء من يوليو (تموز) المقبل، كما أنها ستواصل سياستها لدعم أسعار السلع الغذائية الأساسية، واتخاذ إجراءات تحد من الغلاء وتصاعد الأسعار. وأشار المصدر إلى أن معظم المظاهرات التي تجري في وسط الرباط، يقوم بها خريجون جامعيون يطالبون بتوظيفهم دفعة واحدة في القطاع العام، وهو أمر غير ممكن، والحل هو تأهيل هؤلاء الخريجين ثم بعد ذلك العمل على استيعابهم تدريجيا.