سلفيون «يثأرون» من حماس بقتل متضامن إيطالي.. والحركة تتعهد بملاحقة «المنحرفين فكريا»

أريغوني وجد مشنوقا بعد ساعات من مطالبة خاطفيه حكومة غزة بإطلاق سراح زعيمهم

صورة ارشيفية للمتضامن الايطالي المغدور به فيتوريو ايغوني مرتديا الكوفية الفلسطينية في غزة (رويترز)
TT

واجهت حركة حماس في قطاع غزة، تحديا من نوع آخر، أمس، عندما قتل سلفيون مناهضون لها، ناشطا ومتضامنا إيطاليا بعد ساعات من اختطافه والتهديد بقتله إذا لم تفرج حكومة حماس عن أحد أبرز قادة السلفيين الذين تعتقلهم، وهو أبو الوليد المقدسي.

وعثر أمس، على جثة الناشط والصحافي الإيطالي فيتوريو اريغوني، مشنوقا في أحد المنازل المهجورة شمال مدينة غزة، في تحد واضح لحكومة حماس التي تعهدت بملاحقة القتلة وإنزال العقوبات المناسبة بحقهم.

وقالت وزارة الداخلية المقالة في بيان، إنها كانت نجحت في التوصل إلى أحد أفراد المجموعة التي اختطفت اريغوني، الذي اعترف على باقي أفراد المجموعة، لكن الأجهزة الأمنية وصلت إلى المكان وقد قتل المختطف منذ ساعات، متوعدة في الوقت ذاته بأنها «ستلاحق باقي أفراد المجموعة وستنفذ القانون بحقهم».

وفورا شنت أجهزة أمن حكومة حماس المقالة، عمليات ملاحقة واعتقال طالت عشرات السلفيين الذين تواروا عن الأنظار بشكل كامل.

وحاولت الحكومة المقالة أمس التخفيف من آثار العملية، قائلة إنها «لا تعكس الحالة الحقيقية لأجواء الأمن والنظام في قطاع غزة، ولا تعبر عن تراجع، وستبقى الحكومة حريصة على تعزيز الاستقرار والأمن والأمان حيث إن هذه الحادثة هي الأولى من نوعها منذ سنوات».

وكانت جماعة سلفية في غزة، أطلقت على نفسها جماعة «الصحابي الهمام محمد بن مسلمة»، أعلنت عن اختطاف المتضامن الإيطالي اريغوني الليلة قبل الماضية، وطالبت «ما يسمى بحكومة (إسماعيل) هنية المحاربة لشرع الله.. بالإفراج عن جميع معتقلي السلفية الجهادية وعلى رأسهم الشيخ هشام السعيدني، الملقب بـ(أبو الوليد المقدسي)».

وهددت الجماعة في فيديو بأنه في حال لم يتم تنفيذ مطالبها خلال أقل من 30 ساعة فسيتم تنفيذ حكم الإعدام بحق الرهينة الذي ظهر معصوب العينين في الفيديو وتغطي وجهه الدماء، وقالت «نعلمكم بأنه إذا لم يتم تنفيذ مطالبنا على وجه السرعة وفي خلال أقل من 30 ساعة من تاريخ 14 أبريل (نيسان) بدءا من الساعة 11 صباحا فسيتم تنفيذ الإعدام في هذا الأسير بعد انتهاء المهلة».

لكن هذه الجماعة التابعة لمجموعة «التوحيد والجهاد» السلفية تراجعت بعد العثور على اريغوني مقتولا، ورغم ذلك نسبت المجموعة ما جرى إلى سياسة الحكومة الحمساوية إزاء التنظيمات السلفية في القطاع.

وقالت الجماعة في بيان وزع على منتدياتها عبر الإنترنت: «رغم أننا في جماعة (التوحيد والجهاد) لم يكن لنا أي صلة بعملية الاختطاف، فإننا نؤكد أن ما حدث هو نتاج طبيعي للسياسة التي تنتهجها الحكومة المقالة ضد السلفيين».

ونددت حماس بشدة بجريمة الجماعات السلفية، ووصف فوزي برهوم المتحدث باسم الحركة ما حدث بأنه مشين، وقال برهوم في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «نقدم تعازينا لعائلته ولذويه ولشعبه، ونعتبر أن أهداف هؤلاء المنحرفين والخارجين عن القانون هي إثارة الفوضى والفلتان في قطاع غزة ومحاولة بائسة لضرب المنظومة الأمنية المستقرة والنيل من كل حالات التضامن الدولي مع القطاع المحاصر وتشويه سمعة الشعب الفلسطيني، التي تتقاطع تماما مع أهداف الاحتلال الذي يسخر كل إمكاناته لعزل قطاع غزة ولمنع وصول المتضامنين معه، لا سيما محاولاته الحثيثة لمنع (أسطول الحرية 2) من الوصول إلى قطاع غزة وكسر حصارها».

وأكدت حماس أن ما قامت به هذه المجموعة لا يعبر مطلقا عن عادات وتقاليد وثقافة الشعب الفلسطيني المنفتح على الجميع والمتطلع إلى المزيد من حالات التلاحم والتضامن العالمي مع قضيته العادلة ومع غزة المحاصرة.

وطالبت الحركة وزارة الداخلية المقالة بالكشف عن ملابسات هذه الجريمة ومن يقف وراءها بملاحقة القتلة واعتقالهم وتقديمهم للعدالة. وتمنت حماس ألا يؤثر هذا الحادث على وصول المتضامنين من كل أنحاء العالم إلى غزة.

وجاءت عملية قتل الناشط الذي دخل غزة قبل 3 سنوات، على متن سفينة دولية، ومعروف بنشاطاته ضد إسرائيل والمتضامنة مع الفلسطينيين، قبل أشهر من رحلة دولية أخرى من المفترض أن تضم 15 سفينة على متنها ناشطون من 25 دولة وتنطلق إلى غزة في أواخر مايو (أيار) وتحمل مساعدات إنسانية إلى القطاع.

وقدم الرئيس تعازيه لآل الضحية، مثمنا عاليا الدور الذي يقوم به المتضامنون الأجانب بالدفاع عن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني. كما اتصل عباس بالقنصل الإيطالي العام بالقدس، لوتشانو بيزوتي، معزيا باغتيال اريغوني. وأبلغه بأن وفدا فلسطينيا سيتوجه إلى العاصمة الإيطالية روما لتقديم التعازي للحكومة الإيطالية وآل الضحية.

وأدانت كل الفصائل الفلسطينية والحركات، بلا استثناء، جريمة قتل اريغوني، وراح فلسطينيون مناصرون لحماس، على منتديات تابعة للحركة، ومواقع التواصل الاجتماعي، يدعون إلى إعدام السلفيين في غزة والتخلص منهم بصفتهم «منحرفين فكريا».