الجيل الثالث من اليهود العرب يدعون شباب الثورات العربية للحوار لإعادة التراث المشترك

قالوا: نغار منكم.. فنحن أيضا نعاني من إسرائيل لكن ليست لدينا القدرة على الخروج للشوارع

TT

توجه عدد من المثقفين اليهود المنحدرين من عائلات يهودية عربية مهاجرة لإسرائيل، برسالة تحية إلى الشعوب العربية، يحيونها على هبتها الثورية التي تؤدي إلى إحداث تغييرات كبرى في العالم العربي ويعربون عن ألمهم لسقوط القتلى خلال قمع المظاهرات ويؤكدون أهمية إحياء التراث المشترك للعرب واليهود وسائر سكان المشرق العربي والإسلامي.

ووقع على البيان 40 شخصية ثقافية بارزة في المجتمع اليهودي الشرقي. وجاء فيه: «نحن، الحفيدات والأحفاد من سلالات الطوائف اليهودية والإسلامية من الدول العربية والإسلامية في المغرب والمشرق، وكأبناء الجيلين الثاني والثالث للشرقيين في إسرائيل، ننظر بتأثر كبير واهتمام شديد إلى الدور المركزي الذي يؤديه أبناء جيلنا رجالا ونساء في العالم العربي، من خلال المظاهرات الشعبية الاحتجاجية الهادفة إلى الحرية والتغيير».

وقال البيان «إننا نعبر عن تضامننا الكامل وأملنا في مستقبل الثورتين الناجحتين في تونس ومصر، وفي الوقت نفسه نعبر عن ألمنا لسقوط الضحايا في ليبيا والبحرين واليمن وسورية وغيرها. إن هبة الاحتجاج على أنظمة الظلم والاستبداد والدعوة إلى الحرية والتغيير والديمقراطية، تشكل مرحلة درامية في تاريخ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ونحن الإسرائيليين من سلالات اليهود الذين عاشوا لمئات وألوف السنين في هذه البلدان، أسهم خلالها آباؤنا وأجدادنا في تطور ثقافتها وأصبحوا جزءا لا يتجزأ منها.. ونحن أيضا نشعر أن ثقافة البلدان العربية والإسلامية والانتماء طويل المدى إليها يشكل جزءا لا يتجزأ من هويتنا».

ويضيف البيان: «إننا نشعر بالشراكة للتاريخ الديني واللغوي والثقافي للمنطقة، رغم أن ما يبدو على السطح هو أننا منسيون في هذا التاريخ، أولا في إسرائيل حيث تتخيل نفسها وكأنها تتأرجح ما بين أوروبا وأميركا الشمالية، وثانيا في العالم العربي الذي تقبل بشكل أو بآخر الشخصية الأوروبية الوهمية لليهود وفضل اعتبار اليهود العرب وكأنهم فصل هامشي في تاريخه أو حتى قام بتغييبهم، وثالثا في صفوفنا نحن، ونحن نعترف بأنه كان بيننا يهود شرقيون ممن خجلوا بماضينا المشترك مع الشعوب العربية، من جراء الاستعمار الغربي والقومية اليهودية والقومية العربية. فاخترنا الانخراط في التيارات الأقوى في المجتمع من خلال محو أو تقليص تاريخنا. ولكن عبق هذا التاريخ بدا واضحا في العديد من سمات حياتنا، في الموسيقى واللغة والصلوات والأدب».

وعبر البيان عن الأمل في أن تجلب رياح التغيير في العالم العربي الحرية والعدالة والتوزيع السليم للموارد ويتوجهون بهذا إلى أبناء جيلهم من الشباب «أبناء عمومتنا في العالمين العربي والإسلامي لفتح حوار صادق يعيد الاندماج».

ويقول البيان إن الشباب الإسرائيلي اليهودي من أصول عربية كانوا يشاهدون الصور في تونس وفي ميدان التحرير في القاهرة بشيء من الغيرة، «فنحن أيضا نعيش واقعا سلطويا، يظهر نفسه نظاما ديمقراطيا منيرا، ولكنه في الحقيقة يدوس على الحقوق الاقتصادية لغالبية السكان داخل إسرائيل وفي المناطق الفلسطينية ويدير مسيرة تقليص للحريات الديمقراطية وتبني جدارات عنصرية أمام ثقافة الشرق اليهودية والعربية. ولكننا على عكس ما جرى في تونس ومصر، ما زلنا بعيدين عن القدرة على تحقيق التعاضد وتوحيد الصفوف والانطلاق إلى الساحات للمطالبة بنظام مدني عادل». ويضيف: «إننا نؤمن بأن نضالنا كشرقيين في إسرائيل من أجل حقوقنا الاقتصادية والثقافية والاجتماعية يستند إلى الإدراك بأن التغيير السياسي لا يمكن أن يتحقق بالاعتماد على دول الغرب العظمى، التي استغلت منطقتنا وسكانها عبر أجيال، إنما التغيير يجب أن ينبع من الحوار الداخلي في بلداننا وبإيجاد السبيل للانخراط في نضالات الشعوب العربية الحالية، ومن ضمن ذلك نضال المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل من أجل حقوقهم السياسية والاقتصادية ونضال الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من أجل زوال الاحتلال والفوز بالحرية والاستقلال».

وأوضح الشاعر ألموغ بيهار، أحد الموقعين على البيان، أن هذا هو البيان الثاني الذي يصدر عن هذه المجموعة، حيث إن البيان الأول كان قد صدر في عام 2009 تعقيبا على خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في القاهرة، حيث عبروا فيه يومها عن دعمهم «الروح الجديدة التي طرحها، وننضم إلى الأمل الذي يحدو بنا نحو مستقبل تتغير فيه جدران الشك والعدوانية والكراهية إلى جسور من الاحترام المتبادل. كل هذا بروح العدل والإنسانية المشتركة لليهودية وللإسلام».