الجدل الأميركي يحتدم مجددا حول الميزانية.. وتصويت مهم على مشروع للخفض

أوباما يتهم الجمهوريين بتحويل أميركا إلى بلد من «العالم الثالث»

أوباما في طريق عودته إلى واشنطن أمس بعد سلسلة حفلات جمع تبرعات في شيكاغو (أ.ف.ب)
TT

استأنف الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس، أمس، مواجهتهم بشأن خفض العجز في الميزانية بعد التصويت على اتفاق مثير للجدل لتجنب شلل الدولة. وكان مقررا أن يصوت مجلس النواب، أمس، على مشروع ميزانية 2012، الذي تقدم به الجمهوريون. ويقضي هذا النص، الذي عرضه رئيس لجنة الميزانية في مجلس النواب، بول راين، باقتطاعات كبيرة (4.4 تريليون دولار على 10 سنوات) وتخفيضات ضريبية للشركات والأميركيين الأكثر ثراء وإعادة صياغة برامج التأمين الصحي. وفي حال أقر في مجلس النواب، فإن مشروع راين يتمتع بفرص ضئيلة ليمر في مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الديمقراطيون.

كان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد انتقد المشروع في خطاب حول الميزانية، الأربعاء الماضي، معتبرا أن خفض النفقات يحتاج إلى «مبضع لا إلى ساطور». وأشار إلى أن الهدف هو خفض الـ4 آلاف مليار دولار خلال 12 عاما.

وانتهى في الكونغرس، أول من أمس، فصل من معركة الميزانية التي تهز واشنطن في بداية حملة الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 2012 بإقرار قانون المالية المثير للجدل بـ260 صوتا مقابل 167 (وفي مجلس الشيوخ بـ81 صوتا مقابل 19)، بعد مفاوضات شاقة استمرت أسابيع بين الحزبين. ويسمح النص بتجنب شلل الحكومة الفيدرالية وتمويل الإدارة الأميركية حتى 30 سبتمبر (أيلول) المقبل، كما يسمح بخفض الميزانية 38.5 مليار دولار عما كانت عليه في 2010.

ولم يعد صدور القانون موقعا من أوباما سوى إجراء شكلي. وعبر الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني عن ارتياحه للاتفاق بين الديمقراطيين والجمهوريين، لكنه قال في بيان: «نعرف جميعا أن تحديات صعبة تنتظرنا بين تنمية اقتصادنا وخفض عجزنا». وكان قد تم التوصل إلى الاتفاق الأسبوع الماضي قبل أقل من ساعة من انتهاء المهلة، مما سمح بتجنب إغلاق إدارات الدولة، لكن القضية تثير انقساما في المعسكرين.

ففي اليسار، يرى عدد من الديمقراطيين أن الاقتطاعات قاسية جدا، بينما في اليمين يطلب الجمهوريون المتشددون في «حزب الشاي» مزيدا من الاقتطاعات، ورفض 59 منهم النص أول من أمس. وقال الرئيس الجمهوري لمجلس النواب جون بونر، قبل التصويت أول من أمس: «إن مشروع القانون هذا ليس كاملا.. ليس هناك ما يدعو إلى السرور.. إنه مجرد خطوة أولى، والمرحلة المقبلة ستأتي غدا»، في إشارة إلى يوم التصويت أمس. وينص الاتفاق على اقتطاعات كبيرة، خصوصا في النفقات الأميركية للمساعدة الغذائية للخارج والبيئة.

بدورها، عقدت الديمقراطية نانسي بلوسي، عضو مجلس النواب وزعيمة الأقلية، مؤتمرا صحافيا خارج قاعات الكونغرس، صباح أمس، طالبت فيه الجمهوريين برفع أيديهم عن برنامج الرعاية الصحية. وقالت: «الميزانية يجب أن تعكس قيمنا وأولوياتنا، لا أن تهدف لدعم الأغنياء وشركات البترول وتقطع الأموال عن التعليم وتحرم 10 ملايين أميركي من فرص للتعليم الجامعي وتحرم كبار السن من برامج الرعاية الصحية».

وأول من أمس، اتهم الرئيس أوباما، في شيكاغو، خصومه الجمهوريين بتحويل الولايات المتحدة إلى دولة من «العالم الثالث». وانتقد خطط الجمهوريين لخفض النفقات بشكل كبير، معتبرا أنها محاولة لكسر تلاحم المجتمع الأميركي. وقال أوباما، لمجموعة من نخبة الديمقراطيين، في ثاني لقاء لجمع أموال في مدينته شيكاغو: «بموجب هذه الرؤية لا نستطيع الاستثمار في الطرق والجسور والقطارات السريعة». وأضاف: «أعني بذلك أننا سنكون بلدا مليئا بالحفر وستكون مطاراتنا أسوأ من أي مكان نفكر فيه ونسميه عادة (العالم الثالث)، الذي يستثمر حاليا في البنى التحتية». وتابع أوباما أن خطط الجمهوريين بتقليص نفقات الحكومة «ليست رؤية تستند إلى الأرقام» بل «خيار» يقضي بإعطاء تريليون دولار من خفض الرسوم للأغنياء بدلا من أن نطلب من «الميسورين» إعطاء «أكثر بقليل». وقال أوباما إن رؤيته تتعلق بأميركا طموح ورحيمة وتهتم بمواطنيها «حيث يمكننا أن نعيش بما نملكه ونستثمر في مستقبلنا». وأكد الرئيس الأميركي لمؤيديه في مطعم «إن ناين إن اي» في شيكاغو: «إذا اتبعنا بعض الحس العملي السليم فسنحل التحديات الضريبية وتبقى لدينا أميركا التي نؤمن بها». وتابع أن «هذا ما ستكون عليه المناقشات حول الميزانية، وهذا ما ستكون عليه حملة 2012».