تطهير فوكوشيما: شركات تتنافس دون إجابات محددة عن مدة العمل

عملية تنظيف المحطة من المخلفات النووية قد تستغرق ما بين 10 إلى 30 سنة.. وتكلفتها بالمليارات

نوريو ساساكي الرئيس التنفيذي لشركة «توشيبا»
TT

حتى قبل السيطرة على مفاعل فوكوشيما النووي الذي أثار اضطرابا في الآونة الأخيرة، قدرت شركتان تجاريتان، تتنافسان للفوز بعقود للمشاركة في عملية تنظيف نهائية للتلوث والمخلفات النووية الناجمة عن أزمة محطة فوكوشيما النووية، أن هذه العملية يمكن أن تستغرق 10 سنوات أو 30 عاما.

وتؤكد النظرات المتباينة بشكل واسع على الشكوك الرئيسية التي تحوم حول أي تقدير يتعلق بمفاعل فوكوشيما؛ مثل: متى يتم إعادة عمل قضبان التبريد ووقف الانبعاثات الإشعاعية، وما سرعة إمكانية وصول العمال إلى بعض أجزاء من المحطة، وما مدى الضرر الذي لحق بالمفاعلات ووقودها وما كمية الوقود المخزن بالقرب منها. وقد حذرت هيئة الرقابة النووية الأميركية من إمكانية تسرب وقود أحد المفاعلات على الأقل من وعاء الضغط في المفاعل، وهو أمر لم يحدث من قبل على الإطلاق في أي حادث نووي.

وذكر فريق عالمي بقيادة شركة «هيتاشي» اليابانية، يوم الثلاثاء الماضي، أن الأمر سيستغرق ثلاثة عقود على الأقل من أجل إعادة الموقع إلى حالة «الميدان الأخضر»، حسبما أشار إليه المهندسون، وهو ما يعني في إطار الحدود القانونية المسموح بها للإشعاع والمناسبة لكل المقيمين. وذكرت شركة «توشيبا»، أكبر مورد للمفاعلات النووية في اليابان، أن هذا الجهد قد يستغرق نحو 10 سنوات فقط.

وتمتلك كلتا الشركتين أعمالا كبيرة متعلقة بالطاقة النووية، ويبدو أنهما حريصتان على الحديث عن سيناريوهات نهاية اللعبة لأزمة أسهمت في رفع مشاعر الارتياب العام العالمي إزاء الطاقة النووية.

وهناك أيضا مليارات الدولارات من المحتمل أن تتعرض للخطر في عملية التنظيف، وهو ما يمكن أن يساعد شركتا «هيتاشي« و«توشيبا» على تعويم خطوط الإغراق السفلية الخاصة بهما. وذكرت الشركتان خلال الأسبوع الماضي أن الأرباح السنوية سوف تنخفض عن تقديراتهما بسبب الاضطرابات الواسعة في الإنتاج وسلاسل الإمدادات.

وفي اجتماع طاولة مستديرة عقده مع الصحافيين يوم الخميس الماضي، قدم نوريو ساساكي، الرئيس التنفيذي لشركة «توشيبا»، عرضا موجزا يوضح خطة التفكيك التي قدمتها شركته للشركة المشغلة لمحطة فوكوشيما النووية، وهي شركة «طوكيو» للطاقة الكهربائية خلال الأسبوع الماضي. وكانت شركة «هيتاشي» قد قدمت خطة منافسة.

ويمكن القول إن مستوى وتعقيد التحدي الناجم عن هذه الأزمة لم يسبق له مثيل. ولم يتم من قبل إخراج أي مفاعل نووي من الخدمة تماما في اليابان، باستثناء المفاعلات الأربعة المؤكد أن يتم تفكيكهم في محطة فوكوشيما النووية، بعدما تم إغراقهم بمياه البحر للحيلولة دون انصهارهم، وبعد التعرض لانفجارات وبعض الأضرار الأخرى. ولم يتم الإعلان عن المصير النهائي للمفاعلين الآخرين الموجودين في هذه المحطة، ولكن قد يحتاج هذان المفاعلان إلى أن يتم إخراجهما من الخدمة أيضا.

وقد ألحق الحادث الذي وقع بمحطة «ثري مايل آيلاند» النووية في عام 1979 ضررا بمفاعل واحد فقط، وكان من المعتقد أن هناك انصهارا جزئيا في قضبان الوقود النووي، ولم تنفجر الغرفة التي كانت تحتوي على هذه المفاعلات. ولكن عملية التخلص من التلوث والمخلفات النووية في هذا المكان استغرقت 14 عاما، ووصلت تكلفتها إلى نحو مليار دولار (ومن المنتظر أن يتم تفكيك مفاعلين يستمران في العمل بالموقع في عام 2014).

وفي نفس الوقت، تقدم عملية التغلب على الآثار الكارثية لأزمة انفجار مفاعل تشرنوبيل في عام 1986 مثالا لا يحرص المهندسون على دراسته.

وبعد الانفجارات المتعددة والنيران التي أطلقت أعمدة دخان مشعة ضخمة في الجو، غطى العمال بقايا المفاعل بالرمال والرصاص، وفي النهاية دفنوه بالخرسانة لكي يتوقف عن إصدار إشعاعات. وما زال الغطاء الخراساني باقيا في محطة تشرنوبيل النووية، ولا تزال المنطقة غير صالحة للسكن.

وحتى الآن، يستمر العمال في تجربة وقف تسريبات المياه عالية الإشعاع من محطة تشرنوبيل النووية، على الرغم من مساهمتهم في حدوث هذا التدفق عبر الاستمرار في ضخ المياه العذبة الخالية من الملح. ويتسابق هؤلاء العمال من أجل إحياء أنظمة التبريد المتضمنة التي تقوم بتدوير المياه ولا تسهم في تقطير الملوثات.

ولكن التحديات الخطيرة الباقية، ومن بينها تصريحات الهيئة المنظمة للعمل النووي الياباني الخميس بأن درجات الحرارة أخذت ترتفع في إحدى الوحدات، بالإضافة إلى سلسلة من الهزات الارتدادية القوية. وخلال مرحلة لاحقة، قال هيديكو نيشياما، نائب المدير العام لوكالة السلامة الصناعية والنووية في اليابان إن الوضع في المحطة لا يزال «صعبا».

وقال ساساكي إن مهندسي شركة «توشيبا» يتوقعون استقرار الوضع في المحطة واستئناف عملية التبريد الشاملة خلال «عدة شهور». وسوف يحتاج الأمر لمدة خمس سنوات قبل أن يتمكن مهندسون من فتح أوعية الضغط للتخلص من الوقود النووي، حسبما ذكر ساساكي، وأن عملية تفكيك المفاعلات والتخلص من الإشعاع في المنطقة سوف تستغرق خمس سنوات أخرى على الأقل.

ويضم فريق شركة «توشيبا» مهندسين من شركة «ويسنتغهاوس»، التي تمتلك شركة «توشيبا» غالبية أسهمها، وشركة «بابكوك آند ويلكوكس»، وهي شركة متخصصة في مجال خدمات وتقنية الطاقة تتولى عملية التخلص من المواد الخطرة. وتجدر الإشارة إلى أن هاتين الشركتين كانتا قد ساعدتا في إغلاق المفاعل المتضرر بجزيرة «ثري مايل آيلاند».

وقال يويشي إزوميساوا، المتحدث باسم شركة «هيتاشي» في طوكيو إن السيناريو الذي يستمر لمدة 10 سنوات كان متفائلا إلى حد كبير. وذكر أن مهندسي شركة «هيتاشي» يتوقعون أن إزالة قضبان الوقود النووي من المحطة ووضعها في براميل من أجل نقلها إلى منشأة تخزين آمنة فقط سوف يستغرق هذه المدة. وبعد تنفيذ هذه الخطوة فقط، يمكن أن تبدأ عملية تفكيك تركيبات المحطة، وبعد ذلك تنظيف الإشعاع المتبقي، حسبما ذكر إزوميساوا.

وتمتلك شركة «هيتاشي»، ثاني أكبر مورد للمفاعلات في اليابان، فريقا مكونا من 50 خبيرا يعملون على خطة تفكيك المفاعلات. وتمتلك هذه الشركة علاقة شراكة نووية مشتركة مع شركة «جنرال إلكتريك» كما تعمل مع شركة «إكسيلون» النووية الأميركية وشركة «بيكتيل» الهندسية. وقال إزوميساوا: «سوف نحتاج بشكل أساسي إلى تفكيك المحطة من الداخل، وما زالت المنطقة الموجودة داخل المحطة مشجعة جدا. وفي شركة (هيتاشي)، نشعر بالارتباك إزاء نوع التقنية التي سوف تسمح بالانتهاء من كل شيء خلال 10 سنوات».

وقال تيتسو ماتسوموتو، أستاذ الهندسة النووية في جامعة مدينة طوكيو إن الوقت الذي سوف تستغرقه عملية إخراج المفاعلات من الخدمة يعتمد بقوة على حالة الوقود النووي. وقال: «هل سيكون شكلها مثل القضبان؟ أم سوف تنصهر وتتساقط إلى كتلة كبيرة؟ وقد تستغرق هذه العملية 10 سنوات ويمكن أن تستغرق 30 عاما. لن نعرف هذا الأمر إلى أن نفتح المفاعل».

* أسهم كين إيجيشي في إعداد هذا التقرير

* خدمة «نيويورك تايمز»