الناتو يسعى لتوسيع عملياته لتشمل مراكز اتخاذ القرار في جيش القذافي

فرنسا تريد شن المزيد من الهجمات وبريطانيا تطلب المزيد من الطائرات * اتفاق على اجتماع بين الاتحاد الأوروبي والأطلسي

قافلة عسكرية تابعة لثوار ليبيا في طريقها إلى مدينة أجدابيا أمس (أ.ف.ب)
TT

يسعى حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتكثيف عملياته في ليبيا، وتوسيعها لتشمل مراكز الخدمات اللوجستية ومراكز اتخاذ القرار في جيش الزعيم الليبي معمر القذافي بدلا من البدء في تسليح المعارضة الليبية. في وقت يعتزم فيه ممثلو الناتو والاتحاد الأوروبي الجلوس حول طاولة واحدة لبحث الأزمة الليبية، في سابقة هي الأولى من نوعها.

وقال وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونجيه لقناة «إل سي إي» التلفزيونية أمس إن فرنسا وبريطانيا تريدان توسيع الضربات الجوية لتشمل مراكز الخدمات اللوجيستية ومراكز اتخاذ القرار في جيش القذافي. وبسؤاله عما إذا كان الوقت قد حان لإرسال الأسلحة إلى المعارضة قال لونجيه: «هذا هو سبب أن فرنسا وبريطانيا تريدان إظهار تصميمنا بما في ذلك توجيه ضربات لمراكز اتخاذ القرار العسكرية في ليبيا أو المستودعات اللوجيستية التي لم تستهدف حتى الآن». وقال لونجي:ه «لماذا.. لأننا إذا كنا نريد تجنب الحرب الأهلية.. يجب تحييد قوة الجانب الآخر ولذلك فإن الضربات التي نطالب بها لا تهدف إلى تسليح المعارضة. ليس هدفنا تنظيم جبهة.. هدفنا عودة قوات القذافي إلى ثكناتها».

وكانت بريطانيا وفرنسا قد دعتا الأعضاء الآخرين بحلف الأطلسي إلى المشاركة بمزيد من الطائرات التي تشن هجمات على الأرض في ليبيا بهدف وقف هجمات قوات الزعيم الليبي معمر القذافي على المدنيين. لكن الولايات المتحدة وأعضاء حلف الأطلسي الأوروبيين رفضوا خلال اجتماع عقد في برلين أول من أمس دعوات الفرنسيين والبريطانيين إلى الإسهام بقدر أكبر في الحملة الجوية.

من جانبه قال وليام هيغ وزير الخارجية البريطاني أمس، إن بلاده أحرزت تقدما في إقناع الدول الأخرى بتوفير المزيد من الطائرات المقاتلة للمشاركة في عمليات الحلف بليبيا. غير أن إيطاليا التي تعتبر مرشحا محتملا أساسيا لزيادة قوة نيران الحلف في ليبيا استبعدت على الفور إصدار أوامر لطائراتها بفتح النار. وفتحت روما قواعدها الجوية لقوات حلف الأطلسي وأسهمت بثماني طائرات في المهمة لكنها تشارك بالاستطلاع والمراقبة وحسب.

وقال هيغ للصحافيين بعد أن أجرى محادثات مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على هامش اجتماع وزراء خارجية الحلف: «نتحدث مع دول أخرى حول توفير مزيد من الأدوات الهجومية». وأضاف: «بالقطع حققنا بعض التقدم في هذا الصدد ولذلك آمل أن يتوفر المزيد من الأدوات الهجومية لحلف الأطلسي». وأحجم عن ذكر أسماء الدول التي ستوفر المزيد من الطائرات قائلا إن كل دولة حرة في الإعلان عما يخصها.

غير أن إيطاليا قالت على الفور إنها لن تغير موقفها على الرغم من الضغوط من فرنسا وبريطانيا. وقال وزير الدفاع الإيطالي انياتسيو لا روسا إن بلاده لن تأمر طائراتها المشاركة في العمليات العسكرية في ليبيا بفتح النار رغم ضغط بريطانيا وفرنسا. وقال لا روسا في حديثه للصحافيين بعد اجتماع لمجلس الوزراء في روما: «الطريق الحالي الذي تتبعه إيطاليا هو الصحيح ونحن لا نفكر في تغيير مساهمتنا في العمليات العسكرية في ليبيا».

وصرح هيغ بأن الولايات المتحدة وبريطانيا متفقتان على الاحتياجات العسكرية الإضافية اللازمة للمهمة في ليبيا. وقال عن مناقشاته مع كلينتون: «بالطبع ناقشنا بعض التفاصيل بشأن ما سنفعله. لا أستطيع الخوض في تفاصيل علنا بشأن هذه الأمور في الوقت الحالي».

بدورها حذرت روسيا حلف شمال الأطلسي من اللجوء للقوة العسكرية المفرطة في ليبيا ودعت إلى تسوية سياسية للصراع.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إنه من المهم ألا تستخدم «القوة العسكرية المفرطة التي ستؤدي إلى المزيد من الخسائر البشرية الإضافية بين المدنيين». وقال في مؤتمر صحافي عقد خلال اجتماع لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي «نعتقد أن من المهم نقل الأمور بسرعة إلى الحيز السياسي والمضي قدما في تسوية سياسية ودبلوماسية». وقال لافروف إنه قد حدث في ليبيا في بعض الحالات تجاوز لتفويض الأمم المتحدة على سبيل المثال من خلال الحديث عن أن التفويض يمكن استخدامه للسماح بالقيام بعملية برية وهو ما قال إنه ليس صحيحا. وأضاف أنه يريد أن يرى الأطراف المتقاتلة في ليبيا على طاولة المفاوضات حتى يتفقوا على بناء بلدهم.

إلى ذلك يعتزم ممثلو حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي الجلوس حول طاولة واحدة لبحث الأزمة الليبية، في سابقة هي الأولى من نوعها. وقال دبلوماسيون أمس إن هذا ما اتفق عليه وزراء خارجية دول الحلف في ثاني أيام اجتماعاتهم بالعاصمة الألمانية برلين. وأضافت المصادر الدبلوماسية أن سفراء الدول الأعضاء في حلف الأطلسي (28 دولة) ودول الاتحاد الأوروبي (27 دولة) سيعقدون اجتماعا في وقت قريب. سيكون هذا اللقاء ممكنا بسبب تخلي أنقرة عن معارضتها الشديدة للعلاقات مع الاتحاد الأوروبي بسبب خلافات تركيا مع قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي. غير أن تركيا أصرت في الوقت نفسه على وصف اللقاء بأنه «غير الرسمي»، بمعنى ألا يصدر عنه قرارات رسمية.

كان أمين عام حلف شمال الأطلسي، أندرس فوغ راسموسين دعا أكثر من مرة إلى إزالة الجمود بين الاتحاد الأوروبي والتكتل العسكري. وذكر دبلوماسيون أن الحلف والاتحاد الأوروبي كثفا تنسيقهما أمس من أجل العملية الإنسانية التي يعد لها الأوروبيون لمساعدة مصراتة (غرب ليبيا) التي تحاصرها منذ شهرين القوات الموالية للعقيد القذافي. وناقشت وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون التي أتت من القاهرة حيث أجرت مشاورات أول من أمس في الجامعة العربية حول ليبيا أمس الشراكة بين الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي وخصوصا حول ليبيا مع وزراء خارجية الحلف الأطلسي وأمينه العام أندرس فوغ راسموسين.

وقال مسؤول في الحلف الأطلسي لوكالة الصحافة الفرنسية إن تبادل المعلومات بين المنظمتين لا يشمل مدينة مصراتة التي يبلغ عدد سكانها 300 ألف نسمة يحتاجون إلى كل شيء إنما «حول كل ما يتعلق بليبيا». وأضاف: «إلا أن من الضروري أن نأخذ في الاعتبار أن الحلف الأطلسي قد أعد في مارس (آذار) الماضي مهمة إنسانية في ليبيا وأن الاتحاد الأوروبي يقوم بالمهمة نفسها في هذا الوقت». ولم يتخذ بعد القرار الرسمي بإطلاق عملية تتطلب أن يؤمن الاتحاد الأوروبي سلامتها بوسائله العسكرية الخاصة لأن بعض البلدان ومنها بريطانيا ترى أنها ليست ملحة.