الثوار يتجهون للسيطرة على البريقة ولفك حصار مصراتة رغم تمترس قوات القذافي

الضربات الجوية تصيب مقر إقامة القذافي بطرابلس للمرة الثانية وضرب سرت للمرة الأولى

مقاتلون من ثوار ليبيا عند أحد الحواجز في البوابة الغربية لمدينة أجدابيا أمس (أ.ب)
TT

بدأ حلف شمال الأطلسي (الناتو) في توظيف الدعم السياسي والمعنوي الذي حصل عليه مؤخرا من قبل المنظمات الإقليمية والدولية لتصعيد وتيرة عملياته العسكرية ضد نظام حكم الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، حيث شنت الطائرات الحربية التابعة للحلف غارات جوية للمرة الأولى على مدينة سرت مسقط رأس القذافي والعاصمة السياسية للبلاد. كما تعرض مقر إقامة العقيد القذافي الحصين في ثكنة باب العزيزية ولليوم الثاني على التوالي لقصف مما وصفه التلفزيون الرسمي الليبي بالعدوان الصليبي الاستعماري.

وصعد حلف الناتو من مستوى استهدافه للمواقع الحربية التابعة لنظام القذافي، على نحو دفع بعض مصادر المجلس الانتقالي الوطني الممثل للثوار المناهضين للعقيد القذافي إلى اعتبار أن هذا التصعيد يمثل ما وصفته بنقلة نوعية مهمة في أداء حلف الناتو. وقال مسؤول عسكري من الثوار لـ«الشرق الأوسط» هذه معلومات جيدة وأخبار سارة، نتمنى أن يركز الحلف على قصف الآلة العسكرية الرهيبة التي يمتلكها القذافي.. يبدو في نهاية المطاف أنهم استمعوا إلينا». وتعرض أداء الحلف من قبل لانتقادات واسعة النطاق ومعلنة من قبل اللواء عبد الفتاح يونس رئيس المجلس العسكري للثوار والمسؤول عن جيش الثوار المعروف باسم جيش ليبيا الحرة.

وجاء هذا التطور في وقت كان فيه نظام القذافي يحتفل بالذكرى الخامسة والعشرين لتصديه للعدوان الأميركي الأطلسي عام 1986، فيما قال مسؤول ليبي رسمي لـ«الشرق الأوسط» إن استمرار هذا القصف لن يجبر القذافي على التخلي عن السلطة أو الرحيل عن الحكم.

وأضاف المسؤول في اتصال هاتفي من طرابلس: «تعرضت أهداف عسكرية ومدنية للقصف، هذا لن يهزنا، لن نستسلم ولن نرفع الرايات البيضاء، ليقصفونا مائة عام، نحن سنبقى مكاننا، الحل السياسي هو المطروح عبر المفاوضات، استخدام القوة بهذه الطريقة لن يؤدي إلى أي نتيجة». وقالت وكالة الأنباء الليبية أن ليبيا تتعرض للاعتداء الخارجي ومحاولة السيطرة عليها بسبب أنها أصبحت دولة محرضة على الوحدة العربية وعلى التحرير ورافضة لوجود الكيان الصهيوني، وداعمة لحركات التحرر الأفريقي والآسيوي والأميركي اللاتيني، ومدافعة صلبة عن قضايا الإسلام والمسلمين.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الثوار في مدينة بنغازي التي خرجت عن سيطرة القذافي تماما منذ بضعة أسابيع قد تلقوا مؤخرا شحنة جديدة من الأسلحة الثقيلة ستؤهلهم لمواجهة قوات القذافي وفك الحصار المفروض على مدينة مصراتة ثالث أكبر المدن الليبية في الغرب. وقالت مصادر عسكرية من الثوار إن هذه الشحنة تتضمن صواريخ مضادة للطائرات محمولة كتفا بالإضافة إلى مدفعية مضادة للطائرات، مشيرة إلى أن مدربين عسكريين من قطر وفرنسا يتولون حاليا تدريب وتأهيل مجموعة من العسكريين الليبيين المنشقين على نظام القذافي لاستخدامها.

وأضافت المصادر التي طلبت عدم تعريفها عبر الهاتف من بنغازي: «سنحدث انقلابا في موازين القوى على الأرض، بدأنا نتعامل كجيش حقيقي، وصول السلاح يعني أن القذافي يواجه أيامه الأخيرة».

لكن مسؤولين في الحكومة الليبية قالوا في المقابل إن القوات العسكرية والكتائب الأمنية الموالية للقذافي ما زالت متأهبة لسحق من وصفوهم بأعداء النظام بغض النظر عن مستوى تسليحهم. وبدأ المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي جولة خارجية هي الأولى منذ تأسيس المجلس في شهر فبراير (شباط) الماضي ستشمل كلا من قطر وفرنسا وإيطاليا، وهي الدول الثلاث التي اعترفت حتى الآن بشرعية المجلس كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي وأسقطت شرعية نظام القذافي.

وقال مقربون من عبد الجليل لـ«الشرق الأوسط» إنه سيجري محادثات مع زعماء ومسؤولي حكومات هذه الدول تتضمن تعزيز القدرات التسليحية للثوار، بالإضافة إلى مساعدتهم لوجستيا وأمنيا لإدارة شؤون المناطق المحررة من قبضة النظام الليبي.

ميدانيا بدأ الثوار يحققون تقدما ملحوظا في مواجهة قوات القذافي، حيث أعلن إسماعيل الصلابي مسؤول عمليات كتيبة 17 فبراير أن الثوار دخلوا مدينة البريقة، ويسيطرون بالكامل على جزئها الشرقي. وأكد الصلابي إرسال المجلس الوطني الانتقالي لأسلحة حديثة وجنود إلى مصراتة، لافتا إلى أن الاستعدادات قائمة لدحر قوات القذافي في مصراتة، والتقدم صوب زلتان والخمس. واستهدفت غارات لحلف الناتو دبابات لقوات القذافي في منطقة الزنتان (غرب) حيث تتكثف الاشتباكات مع الثوار على بعد عشرة كيلومترات عن مدينة الزنتان» التي يقطنها نحو 40 ألف شخص وتبعد 150 كلم جنوب غربي طرابلس.

كما توجهت قافلة من الآليات التابعة للثوار إلى منطقة غرب اجدابيا (شرق ليبيا) للتحقق من انسحاب قوات القذافي بعد تحليق طائرات حلف شمال الأطلسي فوق المنطقة. وأحبطت قوات القذافي هجوما مضادا للثوار قرب بلدة اجدابيا الاستراتيجية على بعد كيلومتر من البوابة الغربية للمدينة التي تعتبر آخر بلدة كبيرة قبل بنغازي معقل المعارضة في الشرق. وقصفت قوات القذافي مدينة مصراتة التي تحاصرها في محاولة لعزل الطريق الواصل إلى الميناء الذي يسيطر عليه الثوار ويعد منفذهم الوحيد للعالم الخارجي بالنسبة للمدنيين المحاصرين. وقال طبيب في المدينة إن قوات القذافي أطلقت وابلا من الصواريخ على المدينة المحاصرة مما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وإصابة سبعة آخرين بينهم أطفال ومسنون. وتحاصر قوات القذافي مصراتة منذ أكثر من ستة أسابيع، علما بأن الثوار حذروا مما وصفوه بمذبحة وشيكة ما لم يكثف حلف الناتو ضرباته الجوية.