أعضاء من حزب بن علي يحتجون على إقصائهم سياسيا

جدل تونسي حول مبدأ التناصف بين الرجال والنساء في الترشح للمجلس التأسيسي

TT

احتج مئات من أنصار التجمع الدستوري الديمقراطي، حزب الرئيس التونسي المخلوع، أمس، في العاصمة التونسية، على إقصائهم من الحياة السياسية في مظاهرة غير مسبوقة منذ سقوط النظام في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي. واحتج المتظاهرون على هذا القرار الذي اتخذته مؤخرا اللجنة العليا المكلفة بتنظيم انتخاب المجلس التأسيسي في 24 يوليو (تموز) المقبل، ويقضي بإقصاء كل الأشخاص الذين تولوا مسؤوليات في الحكومة أو في التجمع الدستوري الديمقراطي خلال السنوات الثلاث والعشرين التي استغرقها حكم زين العابدين بن علي.

وجاء هذا الاحتجاج تزامنا مع أول لقاء للولاة (المحافظين) بعد ثورة 14 يناير الماضي الذي احتضنته الإدارة العامة للحرس التونسي. وكان لافتا أن اللقاء شهد أيضا جدلا حول قرار آخر يقضي بالتناصف بين الرجال والنساء في الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي.

وقد دعا رئيس الحكومة المؤقتة الباجي قائد السبسي في افتتاح ندوة الولاة، إلى «مزيد التمعن ومواصلة المناقشة بخصوص قرار إقصاء مسؤولي التجمع من العملية الانتخابية عبر الاستماع إلى آراء جميع الأطراف». واعتبر أن القرار، وعلى الرغم من أهميته، سيكون من نتائجه «انخرام للتوازن في المشهد السياسي ولن يكون لفائدة الأحزاب الجديدة بل لفائدة حزب معين أو فئة معينة»، دون أن يحددها.

وكان محمد جغام الأمين العام لحزب الوطن الحاصل على الترخيص بعد ثورة 14 يناير، قد استبق ندوة الولاة ودعا مناصري «التجمع الدستوري الديمقراطي» المقصيين من الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي، إلى التظاهر السلمي في ساحة القصبة قائلا إن الحزب «سيدافع عن حقنا في شرعية التمثيل وحقنا في الوجود السياسي». وكان جغام قد شغل عدة مناصب في عهد بن علي من بينها وزارة الداخلية ووزارة السياحة ووزارة الدفاع الوطني وواصل العمل مع بن علي طوال 13 سنة، وقد أطلق مع أحمد فريعة حزب الوطن بعد الإطاحة بنظام بن علي.

وقد استجاب المئات من أنصار حزب التجمع للنداء، بينهم وزراء سابقون ومسؤولون في حزب التجمع، وشاركوا في وقفة احتجاجية في ساحة حقوق الإنسان بشارع محمد الخامس بالعاصمة، والواقع على مقربة من مقر «التجمع»، ورفعوا لافتات كتب عليها «الشعب يريد شرعية الصندوق» و«نعم للمحاسبة الفردية لا للإقصاء الجماعي» و«لا للمحاكمات السياسية». ووقع المشاركون على عريضة تندد بما سموه «الإقصاء التعسفي للدستوريين (أنصار التجمع الدستوري الديمقراطي) من الحياة السياسية» ودعوا إلى ضرورة تعديل الفصل 15 من مشروع المرسوم المنظم لانتخابات المجلس التأسيسي يوم 24 يوليو (تموز) المقبل. وقالوا إنهم سيبعثون بنسخ من تلك العريضة إلى الرئيس المؤقت للجمهورية، وإلى الوزير الأول في الحكومة المؤقتة وإلى رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، في حركة احتجاجية على ما سموه «الإقصاء والتهميش».

وحول مبدأ التناصف بين الرجال والنساء في الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي، قال قائد السبسي في أول تقييم لرأي الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة حول هذا الموضوع، إن «القرار جريء وهام وتقدمي» غير أنه لاحظ أن كل الجهات قد لا يكون بإمكانها احترام هذا المبدأ بما سيؤدي إلى سقوط بعض القوائم، وتفاديا لذلك أشار إلى أهمية احترام مبدأ التناصف بنسبة 30 في المائة على الأقل. وفيما يتعلق بدفع التنمية بالجهات التي تعيش على نسق المطالبة اليومية بالتشغيل والعدالة في توزيع مشاريع التنمية، قال السبسي أمام الولاة إن الحكومة المؤقتة ستحرص خلال شهر مايو (أيار) المقبل على قلب المعادلة وتخصيص 80 في المائة من الميزانية للمناطق الداخلية المتضررة و20 في المائة للمناطق الساحلية بالإضافة لاستفادة المناطق الداخلية للبلاد من مشروع تشغيل استثنائي هدفه خلق 60 ألف موطن شغل جديد.

وكانت عدة مناطق تونسية قد ثارت خلال الفترة التي تلت الثورة على ولاتها الذين واجهوا حملات طرد وإبعاد طالت 25 واليا وتضررت مقرات عدد من الولايات وأحرق البعض منها وأدخل والي توزر (500 كلم جنوب العاصمة) المستشفى بعد هجوم المطالبين بالعمل ومشاريع التنمية على مقر الولاية. ومن ناحية أخرى أدى 14 من الولاة المعينين حديثا اليمين الدستورية أمام فؤاد المبزع رئيس الجمهورية المؤقت الذي دعاهم إلى الانتقال إلى «مرحلة جديدة على درب تعزيز مقومات التنمية العادلة والمتوازنة».