افتتاح مركز طبي لعلاج ضحايا العنف وانتهاكات حقوق الإنسان في المغرب

شيد في مكان بناية قديمة للشرطة كانت تبث الرعب خلال «سنوات الرصاص»

TT

افتتح أمس في الدار البيضاء، مركز طبي المتعدد الاختصاصات سيكرس لعلاج ضحايا العنف وانتهاكات حقوق الإنسان في المغرب، في بادرة تهدف إلى «جبر الضرر» وطي صفحات الماضي.

وقالت مصادر «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» إن المركز الطبي الذي شيد في «الحي المحمدي» وهو من الأحياء التاريخية في الدار البيضاء، واحد من بين ثمانية مراكز تهدف إلى «رفع الضرر» عن بعض المناطق التي تضررت جماعيا من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال ما يعرف في المغرب بـ«سنوات الرصاص»، وهي سنوات الستينات والسبعينات والثمانينات.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن المركز شيد في مكان بناية قديمة للشرطة في دلالة رمزية، وكان سكان الحي يخشون هذا المركز الذي يبث الرعب في نفوسهم، واعتقل كثيرون داخله من ضحايا حقوق الإنسان.

وقالت فاطنة البيه إحدى المعتقلات السابقة في معتقل «درب مولاي الشريف» في الدار البيضاء وهو معتقل سيئ السمعة، إن اختيار المكان الذي كان يخشاه سكان «الحي المحمدي» بمثابة إشارة تصالح مع الماضي ومع المتضررين والسكان. لكنها شددت على ضرورة أن تتحمل الدولة مسؤوليتها في تلبية الحقوق الأساسية لجميع الناس بما في ذلك الحق في العلاج والصحة والعيش بكرامة ومن دون عنف. يشار إلى أن عددا من ضحايا العنف ومعتقلين سابقين عانوا من التعذيب وخرجوا من المعتقلات بذكرى بإعاقات جسيمة نفسية وجسدية، حضروا افتتاح المركز. وعلقت في ردهات المركز صور معتقلات سابقات قضين فترات متفاوتة داخل المعتقلات السرية المغربية، يحكين في سطور تجربتهن وذكرياتهن مع الاعتقال والتعذيب الذين تعرضن له.

وقال محمد الصبار الأمين العام للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، إنه رصد لهذا المشروع مبلغ 3 ملايين و817 ألف درهم (نحو نصف مليون دولار) ساهم فيها الاتحاد الأوروبي بجزء كبير. وقال عبد الكريم مانوزي رئيس الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا العنف، إن هذه المبادرة ستظل رمزية في انتظار إنجاز مشاريع لجبر الضرر في جميع المناطق المغربية.

وسيركز المركز الطبي على إعادة تأهيل وتمكين ضحايا العنف من الاستفادة من خدمات أطر متخصصة في مجال المساعدة الطبية والصحة النفسية والترويض الطبي، وتشمل أنشطة المركز الترويض الطبي والعلاج الوظيفي لمدة خمسة أيام في الأسبوع. وقالت إلهام مومن المكلفة بالمركز إن اختيار المستفيدين سيتم من خلال تشخيص أولي من طرف طبيب بالمركز، وسيتكلف بالكشف عن الحالات وتشخيصها وتوجيهها نحو الطبيب المختص سواء الترويض الطبي أو غيره من الاختصاصات، كما يمكن للمرضى أن يستفيدوا من مواكبة خارجية بالنسبة لأولئك الذين يحتاجون إلى إنجاز تحاليل في مراكز مختصة أو عمليات جراحية. وتضيف مومن أن الضحايا سيستفيدون من خدمات طبيبة نفسية من خلال جلسات استماع. وسينظم المركز إضافة إلى المتابعة الطبية، دورات تكوينية حول احتياجات ضحايا العنف، إلى جانب تنظيم حملات توعية لإدماج هذه الفئات، وتكوين فرق طبية ومساعدين اجتماعيين من أجل متابعة أوضاع الأشخاص المتضررين.