«جمعة الإصرار» تكشف تخطي السلطات مرحلة الصدمة.. وبدء مرحلة البحث عن الحلول

الحملة الإعلامية ضد الإعلام الخارجي مستمرة.. ولكن توجه تجاهل المظاهرات تغير

TT

كشف يوم «جمعة الإصرار» أن السلطات السورية استوعبت مرحلة الصدمة، وراحت تبحث عن وسائل جديدة للتعاطي مع أعنف أزمة تواجهها منذ تسلم الرئيس بشار الأسد زمام السلطة عام 2000. وكان واضحا أن يوم الجمعة الذي شهد مظاهرات احتجاجية في مختلف أنحاء البلاد، مع تسجيل تطورات جديدة لجهة زيادة رقعة امتداد الاحتجاجات، وأيضا لجهة زيادة أعداد المتظاهرين، مع إصرار أكبر على إزالة صور وتماثيل رموز النظام، قد أحدث تحولا على سلوك السلطة حيال المحتجين، هو تجنب حصول احتكاك مباشر ما عدا حمص واللاذقية والرستن.

ففي حمص والرستن لم تحصل الاشتباكات مباشرة، وإنما جاءت مع تصاعد وتيرة الهياج الشعبي، واستخدمت الهراوات والقنابل المسيلة للدموع ورشاشات الماء لتفريق المتظاهرين. وبحسب مصدر محلي في حمص قريب إلى السلطة، فإن المتظاهرين رفضوا طلب قوات الأمن بعدم الوصول إلى ساحة الساعة، تجنبا لأي أعمال تخريب قد تطال المركز التجاري للمدينة، حيث تتركز فروع البنوك الخاصة والمولات ذات الواجهات الزجاجية، ومنعا لوقوع أي أضرار في حال حدث ما لا يحمد عقباه. إلا أن المتظاهرين أصروا على الوصول للساحة، مما اضطر قوات الأمن إلى تفريقهم ودفعهم للتجمع في محيط جامع خالد بن الوليد.

وقال المصدر إنه كان هناك مسافة كبيرة بين المتظاهرين وقوات الأمن عندما انطلق رصاص من منطقة الخالدية باتجاه قوات الأمن، مؤكدا أن الرصاص لم يأت من المتظاهرين، وإنما من أحد الأسطح ومر فوق رؤوس المتظاهرين، مما أزم الوضع. إلا أن المتظاهرين يتهمون الأمن بإطلاق الرصاص، وقد أسفرت الاشتباكات عن قيام المتظاهرين الهائجين بالاعتداء على المساعد أول عصام محمد حسن، من عناصر الشرطة بحمص، وبضربه حتى الموت.

ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن اللواء، حميد أسعد المرعي، قائد شرطة حمص، قوله: «بعد انتهاء صلاة الجمعة خرجت مظاهرة من أمام جامع خالد بن الوليد متجهة إلى مركز المدينة تخللها أحداث شغب واعتداء على رجال الأمن، واستشهد على أثرها المساعد أول حسن من شرطة حمص مواليد 1979 طرطوس - دوير رسلان.. متأهل وله ولدان، إثر ضربه من قبل المتظاهرين على صدره ورأسه بواسطة العصي والحجارة».

وتحاول السلطة، لا سيما بعد لقاء الرئيس بشار الأسد لوفود من دوما وحمص ودرعا، إلى احتواء الأزمة، وتجنب إسالة مزيد من الدماء، ومحاولة تدارك الأخطاء التي وقعت مع استخدام الأجهزة الأمنية للعنف المفرط في قمع الاحتجاجات، التي لا تزال تغذي الغضب في الشارع السوري.

ومع أن الحملة الإعلامية السورية على ما تبثه وسائل الإعلام الخارجية من أخبار الاحتجاجات لا تزال مستمرة، فإن توجها جديدا برز لجهة عدم تجاهل خروج مظاهرات، وإن أعطتها صفة «تجمعات»، حيث عرض التلفزيون السوري صورا لتلك «التجمعات» في أكثر من مدينة.

كما جالت كاميرا التلفزيون في أحياء المدن للتأكيد على عودة الحياة الطبيعية والهدوء إلى الأحياء السكنية. وأجرى المراسلون لقاءات مع الأهالي بعيدا بأقل قدر من ممكن من التجييش الدعائي الذي كان سائدا خلال الفترة الماضية. وجاء هذا بالتزامن مع تراجع استخدام الأجهزة الأمنية للعنف المفرط في قمع الاحتجاجات.