وكيل الخارجية السعودية: إيران «تصدر الثورة».. وتلعب بورقة «الطائفية»

لدى طهران الكثير مما يغري للتدخل في شؤونها.. ونأمل ألا نضطر لسحب بعثتنا من إيران

TT

شن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية السعودية، أمس، هجوما هو الأعنف على النظام الإيراني، متهما إياه بالعمل على «تصدير الثورة» إلى دول المنطقة العربية، واللعب على ورقة «الطائفية».

ودافع الأمير الدكتور تركي بن محمد، وكيل وزارة الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف، عن استجابة دول مجلس التعاون لإرسال قوات «درع الجزيرة» إلى البحرين، قائلا: إن تحرك دول المجموعة الخليجية جاء حينما تحولت المطالب «المشروعة»، إلى مطالب بتغيير النظام وتحويل البحرين إلى «جمهورية إسلامية»، مشددا على أن أمن الجارة البحرينية واستقرارها «خط أحمر»، كما هو الحال في أي دولة خليجية.

وقال الأمير تركي بن محمد، الذي كان يتحدث في ندوة تبحث العلاقات الدولية والسياسة الخارجية للسعودية: على إيران الكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الخليجية والعربية.

وشدد وكيل الخارجية السعودية على أن الرياض لا تتدخل في الشؤون الداخلية لطهران، على الرغم من «وجود الكثير مما يغري للتدخل في الشؤون الإيرانية»، قائلا: «الوضع الإيراني فيه الكثير من المغريات للتدخل في شؤونه، لكننا لا نتدخل في شؤونهم، كما لا نقبل لهم أن يتدخلوا في شؤوننا».

وحذر وكيل وزارة الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف إيران من اللعب على ورقة «الطائفية»، وقال: إن الشيعة في السعودية ودول الخليج «إخوان لنا، ولهم حقوق، ويحصلون عليها في الإطار الوطني؛ فالولاء للوطن وليس للخارج».

من جانب آخر، حمل الأمير تركي بن محمد إيران مسؤولية حماية البعثة الدبلوماسية السعودية العاملة على أراضيها، في وقت لم يؤكد فيه أو ينفي أن تكون قوات الباسيج، التابعة للحرس الثوري الإيراني، خلف الاعتداءات التي طالت سفارة الرياض لدى طهران وممثليتها في مشهد. وأكد في الموضوع نفسه، في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك خللا في حماية البعثة الدبلوماسية في إيران من الاعتداءات. وقال: «حماية السفارات هي من صميم ومسؤولية الدولة المضيفة، ولاحظنا أن هناك خللا في هذا الجانب؛ فهناك مسؤولية كبيرة على الجانب الإيراني، بينما لو لا سمح الله تعرض أحد أفراد البعثة، سواء أكانوا في طهران أو مشهد لأي أذى أو أي مشكلات، فإن القانون الدولي ينص على أن الدولة المضيفة تتكفل بحماية البعثات الدبلوماسية».

وهدد وكيل وزارة الخارجية السعودية أن بلاده ستتخذ مواقف أخرى في حال استمرت الاعتداءات على السفارة السعودية في إيران، قائلا: «نأمل ألا تدفعنا هذه التجاوزات المستمرة إلى اتخاذ مواقف أخرى».

وقال، في رد على سؤال آخر لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت هناك معلومات تفيد بضلوع قوات الباسيج خلف الاعتداءات: «وسائل الإعلام تطرقت لهذا الجانب، لكن ما يهمنا هو حماية البعثة الدبلوماسية والأفراد، فهذه مسؤولية الدولة المضيفة، فإذا أخلت بهذه الشروط أخلت بالقوانين والأنظمة المتعلقة بحماية البعثات الدبلوماسية».

وأمل وكيل وزارة الخارجية السعودية ألا تصل الأمور إلى حد تفكير السعودية بسحب بعثتها الدبلوماسية من إيران. وقال: «نأمل ألا نصل إلى خيارات أخرى، لكن إذا وصلت الأمور إلى حد غير مقبول فمن حقنا حماية أمن موظفينا. نحن لا نفكر في سحب البعثة، لكن نأمل ألا تصل الأمور إلى هذا الحد».

في شأن متصل بالملف النووي الإيراني، أعرب الأمير تركي بن محمد عن مخاوف بلاده من قرب تشغيل مفاعل بوشهر النووي الإيراني الذي لا يبعد سوى 240 كيلومترا عن دول الخليج، خصوصا أنه شُيد بتقنية متواضعة، يضاف إلى ذلك وقوع إيران ضمن منطقة حزام زلزالي.

ورأى الأمير تركي أن مخاوف بلاده من البرنامج النووي الإيراني «مشروعة»، وعلل ذلك بقوله: «كما هو معلوم، فقد أعلنت إيران، منذ فترة قصيرة، قرب موعد تشغيل مفاعل بوشهر النووي، الذي يقع على ضفاف الخليج العربي؛ حيث لا يبعد عن شواطئ دول مجلس التعاون بأكثر من 240 كيلومترا، وقد تم إنشاؤه على مراحل وخلال عدة عقود بإشراف ألماني ثم روسي وباستخدام تقنية متواضعة، وإذا أضفنا إلى ذلك وقوع إيران ضمن منطقة الحزام الزلزالي وكون التيارات في مياه الخليج، كما يقول الخبراء، تسير من جهة إيران إلى بقية دول الخليج، وحقيقة أن معظم مياه الشرب في المملكة وبقية دول مجلس التعاون تأتي من محطات تحلية المياه على ضفاف الخليج، فإنه يتضح مدى مشروعية المخاوف التي تبديها دول مجلس التعاون تجاه البرنامج النووي الإيراني والمخاطر البيئية الجسيمة التي قد يجلبها إلى شعوب المنطقة في حالة وقوع حادث أو تسرب، مما قد يمتد أثره إلى مناطق أخرى من العالم بالنظر لموقع المنطقة المتوسط من العالم ولما يمثله مضيق هرمز من أهمية كممر عالمي للشحن البحري».

وجدد وكيل وزارة الخارجية موقف السعودية الداعم للمساعي الدولية الدبلوماسية لمعالجة الملف النووي الإيراني، داعيا إيران إلى التعاون مع هذه الجهود بشفافية، مع ضمان حقها وبقية دول المنطقة في الحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية وفق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، شريطة ألا يشكل ذلك أي خطر أو تهديد لأمن وسلامة الدول المجاورة والمنطقة.

وحذر وكيل الخارجية السعودية من دخول المنطقة في سباق محموم لامتلاك أسلحة دمار شامل، قائلا: «إن أهداف الأمن والاستقرار والتنمية، التي تحتاجها جميع دول المنطقة بما فيها إيران، لا تأتي عن طريق إنتاج أو امتلاك أسلحة دمار شامل فتاكة، لكن يمكن تحقيقها بطريق التعاون والتشاور وتفهم المشاغل الأمنية للدول المجاورة».

وفي موضوع آخر، أعلن الأمير تركي بن محمد أن بلاده لن تقبل بأن تكون لها مشاركة عسكرية في موضوع ليبيا، غير أنه أكد دعم الرياض للثوار الليبيين إلى حين تحرير بلدهم.

وفيما يخص القضية الفلسطينية، اتهم وكيل وزارة الخارجية السعودية التدخلات الخارجية بالضلوع خلف إفشال اتفاق مكة الذي توصلت إليه حركتا فتح وحماس في فبراير (شباط) 2007، مؤكدا أن الرياض ستظل تجمع كل إمكاناتها لخدمة القضايا العربية والإسلامية، لافتا إلى أن العلاقة مع واشنطن مرت بحالة من «التأزم»، نتيجة الدعم السعودي للقضية الفلسطينية.

وعن الحالة العربية الراهنة، نبه الأمير تركي بن محمد إلى مغبة أن تؤدي الثورات، التي حدثت في أكثر من بلد عربي، إلى «حالة من التشرذم العربي»، ملمحا إلى وجود أياد خارجية تقف خلف الثورات التي حدثت في بعض البلدان العربية.