الغموض يكتنف موقف حكومة المالكي من قرار بقاء القوات الأميركية نهاية 2011

المتحدثة باسم قائمة علاوي لـ «الشرق الأوسط»: إذا استمرت الأوضاع هكذا سنطلب سحب الثقة من الحكومة

TT

بين نفي وشك واعتقاد، تتفاعل قصة التمديد أو اللاتمديد لبقاء القوات الأميركية التي من المزمع رحيلها من العراق نهاية العام الحالي، فهذه القصة يغلفها ضباب كثيف من الغموض والمداخلات، فأسامة النجيفي، رئيس مجلس النواب (البرلمان) العراقي، وهو أعلى سلطة تشريعية في العراق، يؤكد أن «الحكومة لم تعلمنا بأي تطورات جديدة» حول موضوع القوات الأميركية في البلد، مشيرا إلى أن «الاتفاقية بين العراق والولايات المتحدة تنص على رحيل القوات الأميركية في نهاية عام 2011».

وقد جاء ذلك خلال استقبال رئيس مجلس النواب في مكتبه أمس السفير البولوني ستانيسواف سمولن والقائم بأعمال وفد الاتحاد الأوروبي في بغداد، حيث تم «بحث أهم المواضيع التي ستناقش في جدول أعمال الزيارة التي سيقوم بها وفد من البرلمان الأوروبي إلى بغداد في 26 من الشهر الجاري»، حسبما قال بيان صادر عن مكتب النجيفي وتسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس. وحتى يقطع رئيس البرلمان العراقي الشك باليقين، مثلما يقال، أفاد «في حال قيام الحكومة بأي اتفاق جديد، ستتم مناقشة الموضوع في جلسات مجلس النواب». ويفتح لقاء وتصريحات رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي مع رئيس مجلس النواب جون باينر وعدد من أعضاء الكونغرس الأميركي ومساعد وزير الخارجية الأميركي جيفري فيلتمان بحضور سفير واشنطن لدى بغداد جيمس جيفري أمس، باب التأويل حول نية الحكومة العراقية بالتمديد أو عدم التمديد لبقاء القوات الأميركية، إذ وردت تعبيرات غير واضحة، مثل «جرى التباحث بشأن العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية ومستقبل التعاون الاستراتيجي بين البلدين الصديقين».

وجاء في البيان الصادر عن مجلس الوزراء والمنشور على موقع الحكومة العراقية أمس، أن «رئيس الوزراء أكد على ضرورة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين وفي جميع المجالات، سيما التجارية والثقافية بالإضافة إلى العسكرية»، مع تنويه المالكي بأن «القوات المسلحة والأجهزة الأمنية العراقية أصبحت قادرة على تحمل المسؤولية والحفاظ على الأمن والعمل بمهنية ووطنية، وإننا نتطلع إلى تعاون مستقبلي مع الولايات المتحدة الأميركية في مجال التسليح والتدريب»، من دون الإشارة إلى طبيعة العلاقات التي ستنظم جانبي التسليح والتدريب، في حين جاءت تصريحات باينر عامة وغير محددة فيما يتعلق ببقاء أو عدم بقاء القوات الأميركية في العراق، وحسبما نقل بيان الحكومة العراقية، فإن «رئيس مجلس النواب الأميركي عبر عن رغبة بلاده وحرصها على مواصلة الدعم والمساندة للعملية السياسية في العراق ومسيرته الديمقراطية».

عضو مجلس النواب العراقي ميسون الدملوجي، الناطقة الرسمية باسم القائمة العراقية التي يتزعمها الدكتور إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، أكدت لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس، عدم «معرفة كتلتنا بأية معلومات فيما إذا كانت الحكومة ستوافق أو لا توافق على تمديد بقاء القوات الأميركية»، منبهة إلى أن «المالكي لم يخبرنا بأي شيء عن هذا الموضوع».

وتؤكد الدملوجي أنه «إذا كان هناك قرار ببقاء القوات الأميركية فهذا يعني تنظيم اتفاقية جديدة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، كون الاتفاقية السابقة تنتهي نهاية العام الحالي».

وكشفت الناطقة الرسمية باسم القائمة العراقية عن أن «زعيم القائمة، علاوي، وقيادات في (العراقية) كانت قد التقت يوم الجمعة الماضي جيفري فيلتمان، مساعد وزير الخارجية الأميركي، قبل أن يلتقي المالكي»، موضحة أن «كتلتنا طرحت على الإدارة الأميركية ومن خلال فيلتمان أربعة نقاط، فيما إذا كانت هناك اتفاقية جديدة، توجب على الإدارة الأميركية التعامل بشفافية ووضوح مع العراق والعراقيين حول أي اتفاق يبرم بين الحكومتين، العراقية والأميركية، وأن تقيم المخاطر والبدائل والجداول الزمنية للاتفاقية الجديدة المقترحة»، منبهة إلى أنه «يجب أن تكون هناك اتفاقية بعد 2011». وفيما يتعلق بالنقاط الأخرى التي طرحتها كتلتها على فيلتمان، قالت الدملوجي «يجب على المالكي وباعتباره القائد العام للقوات المسلحة أن يطرح لمجلس النواب رؤيته مع ذكر أسباب رفض أو قبول بقاء القوات الأميركية، وإذا كان هناك تمديد أم لا، وأن يوضح (المالكي) مدى جاهزية واستعداد القوات العراقية والأجهزة الأمنية والوضع الحقيقي لهذه القوات وقدرتها وكفاءتها في ظل المتغيرات المحلية والإقليمية»، منبهة إلى أن «على الولايات المتحدة الأميركية أن تدرج التزاماتها للعراق والعراقيين في مجالات الأمن والدفاع والتوازن السياسي وذلك بخلاف ما حصل في الاتفاقية السابقة».

وتتلخص النقطة الرابعة في قيام «القائمة العراقية باجتماعات لقياداتها وقواعدها وأنصارها وجمهورها لسماع آرائهم حول موضوع إبرام اتفاقية جديدة أو التمديد للقوات الأميركية لاتخاذ القرار المناسب».

وأشارت الدملوجي إلى أنه «ليس هناك أي وضوح أو صراحة في التعامل مع رئيس الحكومة وكتلته، بل هناك غياب للشفافية والوضوح في التعامل مع المالكي وهذا ما يلغي تعريف الشراكة الوطنية عن هذه الحكومة»، مشددة على أنه «في حالة استمرار المالكي بالتعامل مع الآخرين بهذه الطريقة وإلغائه لمبدأ الشراكة فسوف نطلب من البرلمان سحب الثقة من حكومته وقد نسقنا مواقفنا بهذا الاتجاه مع كتل سياسية مهمة».

ووسط معلومات إعلامية أكثر منها رسمية عن أن المالكي يتجه للموافقة على التمديد لبقاء القوات الأميركية للحفاظ على العملية السياسية وبقائه في منصبه، ناهيك عن خشيته من تحركات التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر الذي أعلن رفضه التام للتمديد للقوات الأميركية، نفى عزة الشابندر، عضو مجلس النواب عن كتلة دولة القانون والمقرب من زعيم الكتلة، المالكي، أن يكون «رئيس الوزراء قد وافق أو سيوافق على بقاء القوات الأميركية».

وقال الشابندر لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من دمشق أمس، أن «المالكي أبلغ الجانب الأميركي وعلى كل مستوياته بأن بقاء القوات الأميركية أمر غير ممكن ولا يلبي حتى الطلب الأميركي بسحب القوات إيفاء لوعود كان قد قطعها الرئيس أوباما خلال حملته الانتخابية والتي أوصلته إلى كرسي الرئاسة»، مشيرا إلى أن «الجانب الأميركي لم يطلب من الحكومة العراقية التمديد لبقاء قواتها في العراق».

ونقل الشابندر عن حديث «خاص دار بيني وبين المالكي قال فيه إنه ليست هناك حاجة على مستوى التحديات الداخلية لبقاء القوات الأميركية فهي منذ فترة ليست قصيرة لم تتدخل في مواجهة التحديات الداخلية، أما على مستوى التحديات الخارجية فالمالكي مقتنع بأن دول المنطقة تعيش راهنا حالات لا تمنحها إمكانية التدخل في دول الجوار ومنها العراق».

وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قد طلب من الحكومة العراقية أن تبلغ واشنطن بشكل عاجل إن كانت ترغب في بقاء القوات الأميركية أم لا قبل موعد انسحابها نهاية العام الجاري.