مؤتمر «المقابر الجماعية في العراق»: معاقبة المنفذين غير كاف.. وتعويض أسر الضحايا واجب

الإحصاءات تشير إلى وجود 185 مقبرة جماعية

TT

بدأ في أربيل، أمس، المؤتمر الثالث للمقابر الجماعية في العراق برعاية برهم صالح رئيس حكومة الإقليم وبالتنسيق مع مركز «العراق الجديد للدراسات» في لندن ومؤسسة «شهيد المحراب» وهيئة المساءلة والعدالة العراقية ومؤسسة «الشهداء» العراقية. والمؤتمر هو الثالث من نوعه، حيث عقد مؤتمران سابقان الأول في لندن عام 2006 والثاني في النجف بالعراق عام 2008.

وأبلغ مصدر في اللجنة المشرفة على المؤتمر «الشرق الأوسط» أن المؤتمر يهدف إلى تفعيل جهود وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين بحكومة إقليم كردستان لتحرك عراقي شامل نحو تعريف عمليات الإبادة الشاملة التي تعرض لها الكرد وبقية مكونات الشعب العراقي إلى المحافل والأوساط الدولية لوضع الجرائم التي ارتكبها النظام السابق بحق الكرد في خانة جرائم الإبادة الشاملة وذلك لمنع تكرارها مستقبلا في العراق، ولتحقيق الحقوق القانونية المشروعة لأسر الشهداء».

وأشار فؤاد عثمان، مسؤول المكتب الإعلامي لوزارة الشهداء والمؤنفلين، في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط» أن جرائم الإبادة التي ارتكبها النظام السابق لا تقتصر فقط على الشعب الكردي، حيث تعرض أبناء بقية المكونات إلى القتل الجماعي ودفنوا في مقابر جماعية على امتداد أراضي العراق، فبحسب المعلومات الموثقة هناك 185 مقبرة جماعية تم اكتشافها في العراق لحد الآن، وجميعها تعود إلى عهد النظام السابق، منها نسبة 85 في المائة من تلك المقابر تحتوي على رفات أكراد نساء وشيوخا وأطفالا يعتقد أن معظمهم قضوا في حملات الأنفال التي نفذتها القوات العراقية بين عامي 1988 - 1989، ومنها مقابر دفن فيها أكراد الانتفاضة الشعبية التي اجتاحت العراق بعد خروج قوات النظام العراقي من هزيمته بحرب الكويت عام 1991 عندما تقدمت قوات الحرس الجمهوري الصدامي لقمع الانتفاضة في 15 محافظة عراقية قتل خلالها الآلاف من أبناء الشعب العراقي والكردي».

وأشار عثمان إلى أن «ثلاثة محاور رئيسية تبحث في المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام بمشاركة 100 باحث متخصص في شتى المجالات من عراقيين وأجانب، وهي: المحور القانوني، الذي تهدف بحوثه ودراساته ومناقشاته إلى التعريف القانوني للجرائم التي تعرض لها الضحايا ومسألة التعويضات، والمحور الثاني هو المحور الدولي الذي يبحث في تفعيل دور الحكومتين العراقية والإقليمية ومؤسسات الدولة المعنية على الصعيد الدولي للعمل من أجل انتزاع اعتراف الدول بتلك الجرائم كجرائم الإبادة البشرية (الجينوسايد)، والمحور الثالث فني تبحث فيه العلاقة بين الوزارات والمؤسسات المعنية بهذه المسألة وكيفية إدارة العمليات المتعلقة بتلك المقابر».

وكان الرئيسان العراقي جلال طالباني والإقليمي مسعود بارزاني قد أنابا عضوين إلى المؤتمر، فيما ألقى رئيس البرلمان الكردستاني كمال كركوكي كلمة في المؤتمر أكد خلالها أن «نظام صدام حسين اقترف العديد من الجرائم المنكرة ضد الشعب الكردي في ظل صمت دولي مريب، ولكن مع سقوط ذلك النظام تبينت الحقائق كاملة أمام أنظار العالم، وتكشفت مدى وحشية النظام السابق في ارتكابه لتلك الجرائم التي لم تستثن حتى الأطفال الرضع والنساء الحوامل والشيوخ، وبذلك فإن إقليم كردستان الذي هو اليوم جزء من العراق يمتلئ بالمئات من المقابر الجماعية، إلى جانب المقابر الأخرى المنتشرة بصحارى الجنوب وهي تضم رفات الأكراد، هذه الجرائم هي جرائم الإبادة الشاملة باعتراف محكمة الجنايات العليا والبرلمانين العراقي والكردستاني»، وتابع «رغم أننا نحمد الله على انتهاء الحكم الديكتاتوري في العراق إلى غير رجعة، لكننا نعتقد بأن مجرد معاقبة مرتكبي تلك الجرائم وسوقهم إلى المحاكم أمام مرأى العالم خطوة غير كافية لتهدئة أرواح الضحايا، بل هناك جانب آخر يتعلق بالمسؤولية المدنية التي تقع على عاتق الدولة العراقية والتي تتمثل بواجب الحكومة العراقية بوضع برنامج واضح ومحدد لتعويض أسر ضحايا تلك الجرائم ماديا ومعنويا، كما يجب عليها أن تتعاون مع حكومة الإقليم والمؤسسات المعنية من أجل تحقيق هدفين مهمين، الأول هو السعي لتعريف تلك الجرائم بالمحافل الدولية لكي لا تتكرر تلك المآسي مرة أخرى في العراق، والثاني لكي تكون تلك الجرائم وإدانتها دوليا رادعا أمام جميع حكام العالم».