حركة التغيير الكردية المعارضة: لسنا ضد برهم صالح.. وسبقنا تونس ومصر بوقت طويل

«الشرق الأوسط» تزور ساحة السراي.. معقل المتظاهرين في السليمانية.. وأعداد المحتجين تتناقص

TT

بعد مرور 54 يوما على انطلاق المظاهرات الاحتجاجية في ساحة السراي بمدينة السليمانية للمطالبة بإجراء الإصلاحات السياسية في إقليم كردستان العراق، الذي يديره الحزبان الكرديان (الاتحاد الوطني بقيادة الرئيس العراقي جلال طالباني، والديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني)، لا يبدو في الأفق أي حلول للأزمة السياسية الراهنة بكردستان، وهناك من يرى أن مرور كل هذا الوقت على المظاهرات بساحة السراي، والتي تبدأ يوميا مع نهاية الدوام الرسمي بدوائر الحكومة إلى ما قبل غروب الشمس، قد أصابت المحتجين بحالة من الإحباط واليأس.

«الشرق الأوسط» زارت ساحة السراي ولاحظت تناقصا في أعداد المجتمعين هناك قياسا إلى بدايات الأزمة، وشمل التناقص حتى عدد الخطباء الذين صعدوا منابر الخطابة بالساحة، وكان الأمر اللافت في تلك الجولة أنه كان هناك مكان عزل في الساحة وتم تسييجه بعلب الكارتون لتخصيصه لتجمع البنات، رغم أن الحركة الشبابية التي أطلقت الانتفاضة تطالب بالحرية والمساواة وتحقيق العدالة.

قيل الكثير عن ركوب حركة التغيير المعارضة التي يرأسها السياسي الكردي نوشيروان مصطفى للموجة، بل إن هناك من يعتقد أن ساحة السراي أصبحت تحت إمرته يستطيع إخلاءها متى شاء، وعندما كاشفت «الشرق الأوسط» القيادي الثاني بالحركة محمد توفيق رحيم، وهو المتحدث الرسمي باسمها، بهذه الحقيقية لم ينكرها، وقال إن «مطالب الشارع الكردي ومطالبنا كحركة سياسية وكقوى معارضة للسلطة تلتقي في الكثير من التفاصيل إن لم تتطابق تماما، فالشعب يريد الإصلاحات، ونحن هدفنا الأول والأخير هو الإصلاح السياسي بالإقليم، وكانت الاحتجاجات في البداية قد خرجت إلى الشوارع بشكل عفوي ولم تكن هناك أي تنظيمات سياسية أو حزبية خلف تلك المظاهرات، لكن استمرارها وتقدم المتظاهرين بمطالبهم، لم تكن حركة التغيير والأحزاب الأخرى في المعارضة أو منظمات المجتمع المدني تستطيع أن تقف إزاءها موقف المتفرج، أو تتردد في الدفاع عنها ودعمها».

وتابع قائلا: «إننا كحركة التغيير قدمنا في أغسطس (آب) 2010 ورقة للإصلاح السياسي إلى قيادة الإقليم، وقلنا إن بقاءنا داخل الكتلة مرهون بتنفيذ هذه الورقة، وهذا يعني بأننا قبل ظهور هذه الموجة تقدمنا بمشروعنا للإصلاح السياسي الذي أصبح شعار وهدف المتظاهرين، ونحن أساسا كحركة التغيير تشكلنا لتغيير وإصلاح السلطة ومؤسساتها في الإقليم، لذلك تقدمنا بمطلب الإصلاح السياسي قبل الكثير من دول المنطقة، وبذلك لا علاقة لما يجري في كردستان بتقليد تونس أو مصر لأننا سبقناهم بوقت طويل».

وحول سؤاله عن أنه بعد مرور 54 يوما هل ما زالت حركة التغيير تنتظر حلا من السلطة، أجاب أن «في المحصلة لا بد من أن تنتهي هذه الأحداث إما لصالح السلطة وإما لصالح الشعب، وأنا أعتقد أن السلطة ستخسر الكثير إذا لم تتعامل مع هذه المطالب والمشاريع الإصلاحية بحكمة وتعقل». وحول إعلان السلطات في الإقليم عن استعدادها لتلبية مطالب الشارع الكردي بما فيها المطالب التي رفعتها الحركة، قال إن «كل سلطة في العالم عندما تواجه أزمة سياسية تبدأ بإطلاق الوعود، ولكن في المحصلة تبقى تلك الوعود مجرد حبر على الورق، وإلا ما الذي يعرقل قيام السلطة في كردستان بتلبية مطالب الشعب؟ من ناحيتنا قدمنا مشروعا يتضمن خمس نقاط زائد نقطتين، النقاط الخمس الأولى تشخص طبيعة المرض، والنقطتان المتبقيتان تمثلان خارطة الطريق للخروج من الأزمة، وهي تنظيم انتخابات مبكرة، ولكن أي نوع من الانتخابات وكيف سيجري تنظيمها؟ نحن نشك في قدرة الحكومة الحالية على تنظيم انتخابات نزيهة ونظيفة، لذلك طالبنا بحل هذه الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية تتولى عدة مهام، أولا تنظيم الانتخابات وفق معايير الشفافية والنزاهة وتوافق عليها جميع الأطراف، وأن تقوم الحكومة الانتقالية بخطوات أساسية مثل فصل الحزب عن الحكومة، أما النقطة الأخرى فإن هناك مؤسسات لها تماس مباشر بحياة الناس مثل الأجهزة الأمنية والعسكرية والشرطة والمحاكم التي يجب أن تكون محايدة لضمان شفافية ونزاهة الانتخابات»، كما أشار إلى الأموال العامة «التي يجب أن لا تستخدم لمصالح أحزاب السلطة لأنها ملك للجميع، نحن في كردستان لنا حصة في نسبة 17% التي تتسلمها الحكومة من بغداد، وهي حصة الجميع وليس فقط الذين صوتوا لأحزاب السلطة، بل تشمل أحزاب المعارضة أيضا». وعما إذا كانت حركة التغيير ستوافق على حل وسط لتقاطعاتها مع السلطة في ما يتعلق بالانتخابات المبكرة من خلال دعوة مراقبين دوليين ودعوة الأمم المتحدة للإشراف عليها لضمان نزاهتها مقابل تخلي المعارضة عن فكرة حل الحكومة الحالية التي تتمسك بها أحزاب السلطة، قال رحيم: «عندما نطلب إجراء الانتخابات المبكرة فهي مشترطة بوجود مراقبة دولية، ومعها شرط أن تكون الحكومة ومؤسساتها غير منحازة ولا تستخدم للتأثير على الانتخابات لصالح أحزاب السلطة، وهذه الحكومة لا تستطيع ضمان ذلك».

وحول أسباب إصرار كتلة التغيير على حل الحكومة الحالية وإن كان هذا استهدافا لرئيسها برهم صالح، قال: «ليست لدينا أي مشكلة مع أي شخص معين، بل خلافنا هو مع السلطة تحديدا، فنحن لن نحصر مطالبنا كقوة سياسية بشخص معين، ليس هدفنا أن يستقيل برهم ويأتي عضو آخر من المكتب السياسي لأحد حزبي السلطة الحالية. نحن نقول: نريد حكومة انتقالية غير منحازة ولا نفضل شخصا على آخر داخل أحزاب السلطة، فإذا تمكنت السلطة من إجراء انتخابات ولو بنسبة 80% من الشفافية والنزاهة فنحن نقبل بها».

ونفى متحدث حركة التغيير أن تتلقى حركته دعما من أي جهة خارجية، وقال: «هناك من يدعي لدى الأميركان بأننا نتلقى الدعم من إيران، ولدى الإيرانيين يتهموننا بأن أميركا تدعمنا، وعند الشيعة يقولون إن السنة والبعثيين يدعمونهم، هذه الأمور لا تخرج عن نطاق حملة دعائية ولكنها لم تعد تنطلي على الناس.. نحن أكدنا بأننا لا نعقد أية علاقات مع أي طرف خارجي، ولكننا لا نمانع الاتصال بالدول التي لها سفارات في العراق والتي سنتعامل معها كقوة سياسية داخل العراق».