جدل بين المصريين حول مشروعي «البرنامج النووي» و«ممر التنمية»

فاروق الباز هاجم الأول وتبنى الثاني.. وخبراء انتقدوا مواقفه

العالم المصري - الأميركي د. فاروق الباز
TT

أثار العالم المصري - الأميركي الدكتور فاروق الباز مدير مركز الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء بجامعة بوسطن الأميركية، جدلا بين المصريين بتصريحاته حول اثنين من أهم المشاريع الاستراتيجية الكبرى في البلاد، وهما مشروع إنشاء محطات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية، ومشروع ممر التنمية لإحياء الصحراء الغربية وتوطين 20 مليون مصري فيها. وقال الباز إن «إنشاء مفاعل نووي لتوليد الكهرباء في منطقة الضبعة (شمال غربي القاهرة)، هو قرار سياسي غير مدروس»، واقترح في المقابل الاعتماد على محطات الشمس والرياح. متهما هيئة الطاقة الذرية بمحدودية الإمكانات، لكنه دافع عن المشروع الآخر الذي اقترحه، والمعروف باسم «ممر التنمية».

وتمتلك مصر 3 هيئات نووية، الأولى «هيئة الطاقة الذرية»، والثانية «هيئة المحطات النووية»، والثالثة «هيئة المواد النووية». وأكد الدكتور محمد طه القللي رئيس هيئة الطاقة الذرية، أن الهيئة التي يبلغ عمرها 55 عاما خرجت الكثير من الكوادر البحثية والعلمية والكفاءات النادرة، ولا يصح أن توصف بهذا الوصف.

وأبدى الدكتور إبراهيم العسيري مستشار البرنامج النووي المصري الوليد كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا، دهشته من «التصريحات المتناقضة» للباز. مشيرا إلى أنه رحب من قبل بإنشاء محطة نووية في مصر. لافتا إلى أن الاعتماد على محطات الشمس والرياح التي يقترحها الدكتور الباز غير ممكنة خاصة أن تلك المحطات ضعيفة الإنتاج، مقارنة بالمحطات النووية، ضاربا المثل بالولايات المتحدة الأميركية التي لا يتعدى إنتاج محطات الشمس والرياح بها 10 في المائة من إنتاج الكهرباء، وتعتمد بشكل أساسي على الطاقة النووية ولديها ما يقرب من 104 محطات نووية.

من جهته، أوضح الدكتور محمد عزت عبد العزيز الرئيس الأسبق لهيئة الطاقة الذرية، أن إصدار قرار تخصيص أرض الضبعة للمحطة النووية جاء بشق الأنفس من النظام السياسي السابق، وبالتالي فإن أي حديث عن تسييس القرار لا أساس له من الصحة. لافتا إلى أن مصر تجري دراسات منذ الخمسينات على موقع الضبعة، أثبتت جميعها صلاحيته كأفضل موقع في مصر صالح لإنشاء المحطة النووية.

ولكن الدكتور محمد إبراهيم شاكر، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية والخبير النووي السابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، أوضح لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «علينا أن نتريث بعض الوقت، خاصة بعد حادثة مفاعل فوكوشيما الياباني.. حادثة بتلك الخطورة تستحق الدراسة». وكشف عن تأجيل ألمانيا لإعادة تشغيل عدة مفاعلات نووية جرى تجديدها في الفترة الماضية. وقال شاكر: «أعتقد أن الدكتور الباز على حق. من الأفضل الآن الاعتماد على الطاقات الآمنة مثل الرياح والطاقة الشمسية». لافتا إلى أن القدرات المصرية غير مكتملة النضوج الآن، على الرغم من إشادته بالكوادر المصرية النووية التي تحتاج لمزيد من الوقت لتكون على أعلى مستوى.

وتعرض مشروع ممر التنمية الذي دعا الدكتور الباز الحكومات عدة مرات في السابق لتبنيه، لانتقادات من بعض الخبراء المصريين. ووصف الدكتور ممدوح حمزة، المهندس الاستشاري المعروف والناشط السياسي، المشروع بالفاشل، وقال لـ«الشرق الأوسط»: إنه «لا بد أن يقدم الدكتور الباز دراسة جدوى حقيقية لمشروعه (ممر التنمية)، لأن المشروع يحتاج إلى دراسة مستوفاة من قبل الخبراء والعلماء». مضيفا أن «ما يحدث الآن هو عرض المشروع إعلاميا، ولكن الأهم هو عرضه جماهيريا وعلميا ليتعرف الشعب عليه ويحظى بنقاش العلماء لتحديد الإيجابيات والسلبيات».

ويرى حمزة أن هناك «الكثير من المآخذ العلمية والهندسية والفنية على المشروع»، الذي يقوم على إنشاء طريق بطول مصر يربط شمالها بجنوبها فوق الهضبة الغربية لنهر النيل، بعيدا عن مجرى النيل الحالي بمسافة تتراوح من 8 إلى 10 كيلومترات، ويستهدف استيعاب 20 مليون مواطن مصري.

ودافع حمزة عن رأيه فنيا قائلا باستحالة تنفيذ مشروع ممر التنمية، «لأن الهضبة الغربية لنهر النيل مرتفعة عن مستوى سطح النهر، وهي هضبة جيرية لا يمكن أن توجد بها مساحات زراعية تصل إلى مليون فدان، كما يستهدف المشروع».