في أعقاب اتهامه بإهمال شاليط.. نتنياهو يعين مفاوضا باسمه مع حماس

والدا الجندي الأسير: رئيس الوزراء يجري عملية غسيل دماغ للجمهور

TT

عين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أحد قادة الصف الثاني في «الموساد» (جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي)، ليفاوض باسمه حركة حماس على إبرام صفقة تبادل أسرى تفضي إلى إطلاق سراح الجندي الأسير في قطاع غزة، جلعاد شاليط. وقد اعتبر هذا التعيين السريع، بعد استقالة المفاوض السابق حجاي هداس، ردا على اتهامه بإهمال هذا الملف، ولكنه لم يسعفه؛ إذ إن عائلة شاليط واصلت اتهامه بالإهمال، بل شددت من لهجتها ضده، وقالت إن «رئيس الحكومة يجري عملية غسل دماغ مفضوحة للجمهور الإسرائيلي».

وكان حجاي هداس، وهو أيضا من قادة «الموساد» السابقين، قد استقال من منصبه بعد أن يئس من هذه المفاوضات. ومع أنه كتب في رسالة الاستقالة أنه يترك المنصب لكي يرافق زوجته في تعليمها في الخارج، إلا أن المراقبين أجمعوا على أنه شعر بأن نتنياهو لا يعينه في إنجاز هذه الصفقة. المعروف أن الصفقة وصلت إلى حدود الجمود؛ في إسرائيل يتهمون حماس بأنها تعرقل التوصل إلى اتفاق بشأنها، نتيجة للخلافات الداخلية بين القيادة العسكرية في قطاع غزة، بقيادة أحمد الجعبري ومحمد ضيف، المدعومة من إيران وخالد مشعل في سورية، وبين القيادة السياسية في القطاع. وأن هذه القيادة رفضت اقتراحا جديدا من نتنياهو. بينما حماس تتهم نتنياهو بالتعنت وتتهم الوسيط الألماني، غيرهارد كونراد، بالتحيز للموقف الإسرائيلي.

والمفترض أن الطرفين متفقان على أن يطلق سراح 1100 أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق شاليط، ولكن إسرائيل تصر على طرد الأسرى المحررين إلى قطاع غزة أو الخارج، بينما حماس تصر على إعادة كل أسير إلى أهله، بما في ذلك الضفة الغربية. كما أن هناك خلافا حول بعض الأسماء، مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات والأسرى من سكان إسرائيل (فلسطينيو 48 والقدس الشرقية).

وهناك خلاف واسع بين بعض قوى اليمين المتعصب في الحكومة الإسرائيلية وبين أوساط واسعة في الموضوع، حيث إن عددا كبيرا من الوزراء وقادة الجيش يرون أن على إسرائيل أن تنهي هذا الملف بأقصى سرعة وتدفع الثمن القاسي الذي تطلبه حماس فداء للجندي الإسرائيلي. وفي حين يقول المعارضون إن إطلاق سراح الأسرى إلى الداخل سيعيدهم بسرعة إلى العمل المسلح ويهدد أمن إسرائيل، وإن على إسرائيل أن لا تتسرع في إبرام الصفقة وأن تبحث عن حلول أخرى مثل تحرير شاليط بالقوة، يرى المؤيدون للصفقة أن تحرير شاليط بالقوة سوف يهدد حياته وأن هناك ضرورة بأن يقتنع كل جندي إسرائيلي بأن دولته ستبذل كل ما في وسعها لإطلاق سراحه في حالة وقوعه في الأسر. ويقولون إن إسرائيل تستطيع أن تنتقم من حماس وقادتها بعد تنفيذ الصفقة وليس قبله.

وتدير عائلة شاليط نضالا مؤلما من أجل ابنها، الذي يقبع في الأسر منذ سنة 2006. ومنذ سنة وهي تقيم خيمة اعتصام أمام بيت رئيس الوزراء في القدس. وأمس زار الخيمة رئيس الدولة، شيمعون بيريس، محاولا التضامن معها. كما قام عدد من الوزراء بزيارة الخيمة في اليومين الأخيرين، بمناسبة حلول عيد الفصح العبري. وقد انفجرت والدة الأسير، أفيفا، غاضبة وقالت: «ما ينقصنا ليس التضامن. نريد منكم أن تضربوا الطاولة بقبضاتكم وتطالبوا رئيس الحكومة بأن يطلق الصفقة لإطلاق سراح ابننا».

وكان نتنياهو استقبل في بيته والدي شاليط وأبلغهم أنه عين ديفيد مدان مفاوضا باسمه وأنه يواصل العمل بكل الوسائل من أجل إطلاق سراح ابنهم. وقال إنه مثلهم قلق على شاليط ولكنه يتعامل مع أناس (يقصد قادة حماس) «لا يعرفون قيمة الولد والوالدين ولا يهتمون بأن صفقة شاليط ستعيد أكثر من ألف أسير فلسطيني إلى عائلاتهم ويواصلون ابتزاز إسرائيل». وقد رد والدا شاليط بأنهم يشعرون بالإحباط لأن نحو ألفي يوم مضت من دون رؤية ابنهما. وقالا إن الواقع بأن حكومتين في إسرائيل لم تبذلا الجهد اللازم لإطلاق سراح جندي أسير يزيد من إحباطهما ويزيد من قلقهما على حياته.

وعندما غادرا مقر نتنياهو شددا من لهجة الانتقاد له فقالا إنه يدير الجهود لما يسميه إطلاق سراح شاليط بواسطة تخويف المواطنين الإسرائيليين من أن إطلاق الأسرى الفلسطينيين يهدد أمن إسرائيل. و«نحن نرفض حملة التخويف هذه ونعتقد أن هدفها تضليل الجمهور وغسل دماغه، ولكن الجمهور الإسرائيلي ليس غبيا ويدرك ألاعيب الحكومة»، قال نوعم شاليط، والد الجندي الأسير.

يذكر أن المفاوض الجديد باسم نتنياهو هو رئيس دائرة كبيرة في «الموساد»، لها علاقة مباشرة بملف شاليط. ويعتبر من الضالعين في تفاصيل المفاوضات والمطلعين على تفاصيل النقاشات الدائرة داخل قيادة حماس بشأن هذه القضية. وسيضطر إلى ترك منصبه في «الموساد»، طالما يفاوض حول الموضوع. وهو يعرف الوسيط الألماني كونراد، الذي يعتبر أيضا من قادة جهاز المخابرات الألماني. وسيعمل ديفيد مدان جنبا إلى جنب مع سابقه، هداس، حتى يتعمق في التفاصيل وينطلق إلى المفاوضات مع الوسيط الألماني.