قتلى وجرحى في تفجيرين انتحاريين عند مدخل المنطقة الخضراء في قلب بغداد

مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: أحدهما استهدف مسؤولا عسكريا كبيرا

جندي عراقي يؤمن موقع تفجير انتحاري قرب المنطقة الخضراء في وسط بغداد أمس (أ.ب)
TT

كشف مصدر أمني مسؤول في وزارة الداخلية العراقية أن السيارتين اللتين فجرهما انتحاريان عند المدخل 12 للمنطقة الخضراء في قلب بغداد أمس كانتا تستهدفان موكبين لمسؤولين في الحكومة العراقية، أحدهما مستشار لرئيس البرلمان أسامة النجيفي.

وقال المصدر الأمني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن «التفجيرات التي شهدتها بغداد اليوم (أمس الاثنين) تمت بسيارتين مفخختين كانتا تستهدفان موكبين لمسؤولين عراقيين، وهو ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص أغلبهم من المارة، وجرح 13 آخرين». وفي الوقت الذي أعلن فيه البرلمان العراقي أن إحدى السيارتين المفخختين كانت تستهدف مستشار رئيس البرلمان أمجد عبد الحميد الدوري، الأمر الذي أدى إلى مقتل أحد أفراد حمايته وجرح 3 آخرين. وطبقا للبيان الذي أصدره المكتب الإعلامي لرئيس البرلمان وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، فإن المسؤول الأمني رفض الإفصاح عن المسؤول الثاني الذي كان مستهدفا بالانفجار، مكتفيا بالقول «إنه كان مسؤولا عسكريا لا سيما أن السيارتين اللتين انفجرتا كانتا ضمن طابور من السيارات التي تستهدف الدخول إلى المنطقة الخضراء».

وكانت السيارتان المفخختان قد انفجرتا عند حدود الساعة الثامنة صباحا، الأمر الذي أربك حركة السير في شوارع العاصمة بغداد، لا سيما في جانب الكرخ. وكان قد رافق عملية التفجير التي سمع دويها في أنحاء مختلفة من بغداد سريان شائعات كثيرة عند الصباح الباكر من قبيل استهداف مناطق أخرى داخل العاصمة بعبوات ناسفة أو قصف بالهاونات.

من جهته، اعتبر النائب عن العراقية وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك يدا خفية تعبث بالملف الأمني في العراق، وإنها تعمل بهذا الاتجاه التخريبي بقدر ما تتمكن». معتبرا أن من بين الأسباب الرئيسية التي تقف خلف ما يحصل بين فترة وأخرى على صعيد التفجيرات بالسيارات المفخخة أو العمليات الانتحارية هو الشد السياسي المستمر بين الكتل، بالإضافة إلى قرب خروج الأميركيين من العراق مع وجود رغبة أميركية في البقاء بالعراق، وهي الرغبة التي بقدر ما تتفق مع هوى البعض من الكتل والأحزاب، فإنها تتعارض مع هوى ورغبات كتل أخرى في الوقت نفسه». وردا على سؤال بشأن طبيعة عمل لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ومدى فاعليتها حيال الملف الأمني، قال المطلك إن «المشكلة أكبر من حدود مهام وفعاليات لجنة الأمن والدفاع، فهناك مثلا الحدود المفتوحة للعراق إلى حد كبير مع عدم قدرة الجهات العسكرية على السيطرة على الأجواء العراقية، فضلا عن ضعف الإمكانات الفنية لدى القوات العسكرية وتصادم الولاءات بالنسبة للكثير منها». كاشفا في الوقت نفسه أن «هناك من يعمل في بعض الأجهزة العسكرية والأمنية تنفيذا لأجندات خارجية، وعلى الرغم مما تقوم به اللجنة وتعمل عليه، فإنها في كثير من الأحيان لا تجد أذنا صاغية لما تقول وتنبه به، وهذه واحدة من المشكلات التي لا يوجد حل لها حتى الآن».

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يقع المدخل المستهدف بتفجيري أمس على الطريق المؤدي من المطار إلى المنطقة الخضراء الخاضعة لإجراءات أمنية مشددة في العاصمة العراقية وحيث المباني الرسمية ومقر السفارة الأميركية، ولا بد من الحصول على ترخيص خاص من قوات الأمن لسلوك هذه الطريق.

وقال رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي في مؤتمر صحافي تعليقا على التفجيرين: «إن الوضع الأمني فيه اختراقات واضحة». مضيفا «ما حصل في صلاح الدين وصباح اليوم يؤشر إلى أن هناك اختراقات أمنية كبيرة مهمة والحكومة يجب أن تعمل على منع الاختراقات ومكافحة الجماعات الإرهابية». ورأى النجيفي، وهو قيادي في القائمة العراقية، بزعامة إياد علاوي، أن «عدم تسمية الوزراء الأمنيين مسألة أساسية، وهو إخلال بالالتزام السياسي وضعف في المشتركين بالعملية السياسية في عدم القدرة على اختيار وزراء محددين». وأضاف «لا يستطيع رئيس الوزراء إدارة ملف أربع وزارات أمنية، بالإضافة إلى واجباته المهمة (...)، أعتقد أن هناك تقصيرا في الملف الأمني، ويجب أن نسرع في تسمية الوزراء الأمنيين ويجب أن نختار الأكفاء لإدارة هذه الملفات الحساسة، خصوصا في هذه الفترة التي تتزامن مع انسحاب القوات الأميركية». يشار إلى أن رئيس الوزراء يدير وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات، بالوكالة، لعدم حصول توافق على المرشحين لهذه المواقع الحساسة بين الكتل السياسية.

ومن المفترض أن تمر الوفود المشاركة في القمة العربية المقرر عقدها في 10 و11 مايو (أيار) المقبل في بغداد من هذا الطريق. وكان من المقرر أن تعقد القمة في 29 مارس (آذار)، لكن الجامعة العربية قررت إرجاءها إلى مايو. وطالبت دول الخليج بإلغاء القمة العربية الشهر المقبل. ولم يستضف العراق قمة عربية عادية منذ عام 1978، لكن قمة استثنائية عقدت في بغداد عام 1990.