المهاجرون القادمون من شمال أفريقيا يثيرون مشكلات بين دول الاتحاد الأوروبي

تصريحات تتضمن تبادل الاتهامات بين بروكسل وباريس وروما وفيينا

TT

أعلنت المفوضية الأوروبية في بروكسل أن التدابير الاحتياطية التي اتخذتها فرنسا وتحديدا تعليق حركة النقل بالقطارات مع إيطاليا هي تدابير مشروعة، وتستند على معايير منظومة شنغن بينما انتقدت روما بشدة القرار الفرنسي في هذا الصدد وفي الوقت نفسه أبدت دول أوروبية مخاوفها من قرار إيطاليا منح إقامة مؤقتة لآلاف الأشخاص القادمين من شمال أفريقيا خلال عمليات هجرة غير شرعية. وقال مصدر أوروبي إن عدة دول أوروبية تقدمت بشكاوى للمفوضية بشأن قرار إيطاليا منح المهاجرين غير الشرعيين تراخيص إقامة مؤقتة تسمح لهم بالتنقل في منطقة شنغن ولمدة ستة أشهر. وأعلن وزير شؤون الهجرة واللجوء في بلجيكا، ملكيور واتلي أن السلطات البلجيكية قررت تكثيف إجراءات الرقابة على منافذ البلاد الخارجية وأصدرت تعليمات لسلطات الجمارك في مطار بروكسل وشارل روا بمراقبة صارمة لحركة دخول المسافرين. وقال الوزير البلجيكي إن الإجراء يأتي ردا على قرار السلطات الإيطالية منح ترخيص إقامة مؤقت لآلاف من المهاجرين القادمين من شمال أفريقيا في الآونة الأخيرة. وأضاف أن ضوابط منظومة شنغن الأمنية الأوروبية تجبر كل مسافر على حمل جواز سفر ساري المفعول ومبلغ مالي كاف لتدبير شؤون معيشته اليومية.

أما فيما يتعلق بقرار باريس تعليق رحلات القطارات القادمة من إيطاليا، فقد علق وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني على القرار قائلا: «لا نفهم هذا الجذب والإرخاء من جانب باريس» منوها إلى أن هذا قد يعني «وقفا لاتفاقية شينغن» الخاصة بالمرور بين دول الاتحاد الأوروبي، وقال الوزير: «موضوعيا نحن لا نفهم عملية الشد والإرخاء (من جانب باريس) بعد قرار إيجابي من جانب الاتحاد الأوروبي لقبول تصاريح الإقامة المؤقتة الصادرة من إيطاليا، كما يقتضي قانون الاتحاد الأوروبي»، وتابع: «منذ 48 ساعة وفرنسا تقبل السفر وفق وثائق الهوية ولكن بعد ذلك، ربما أدركت أن الفتح من شأنه أن يضاعف الوافدين الجدد، لأنه صحيح أن معظم التونسيين يريدون الذهاب إليهم، لكن بصراحة هذا ليس سببا جيدا بما فيه الكفاية لتبرير إغلاق واحد من أكثر الطرق العابرة وأكثرها حساسية، هذا الإغلاق مذهل، وهناك شيء نريد أن نفهمه بشكل أفضل»، ولفت فراتيني إلى أن «البعض يقول إن ما حدث سيعني نهاية شينغن»، وحسب رؤية رئيس الدبلوماسية الإيطالية: «إذا استمر الوضع، حينئذ يمكن أن نقول إن صفحة حرية الحركة قد انطوت، وهي أحد الأسس التي يقوم عليها الاتحاد، ولكننا على ثقة من أن فرنسا سوف توضح هذا الأمر»، من جانبها انتقدت وزيرة الداخلية النمساوية ماريا فكتر الحكومة الإيطالية بشدة لمنحها تأشيرات سياحية للاجئين غير شرعيين من شمال أفريقيا تمكنهم من دخول منطقة شينغن الأوروبية التي تشمل النمسا أيضا. ووصفت الوزيرة النمساوية المنتمية لـ«حزب الشعب المحافظ» تصرف السلطات الإيطالية بأنه يفتقر إلى «روح التضامن»، مشيرة إلى أن فرنسا وألمانيا أيضا رفضتا هذا التصرف. وقالت إن النمسا كانت قد رفعت شكوى ضد إيطاليا بهذا الصدد خلال اجتماع مجلس وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأسبوع الماضي. وأوضحت أن السلطات المختصة سجلت أن عدد اللاجئين غير الشرعيين الذين تم القبض عليهم في النمسا تضاعف ثلاث مرات مؤكدة في الوقت ذاته أن بلادها متمسكة بمبدأ استقبال اللاجئين قائلة «إن هذا المبدأ مستقر ولا تعتريه أي نواقص إلا أن المشكلة تكمن في اللجوء غير الشرعي». ولم تكتف ماريا فكتر بانتقاد إيطاليا فحسب بل انتقدت أيضا المفوضية الأوروبية «التي لم تحسن اختيار الأولويات رغم أنها وضعت تنظيما محكما ومتطورا لطالبي اللجوء إلا أنها لم تهتم بوضع حلول لمشكلة الهجرة غير الشرعية». إلا أن المسؤولة النمساوية أعربت في الوقت ذاته عن تقديرها لما وصفته بـ«بعض المبادرات الجيدة ولكن المنقوصة» التي قامت بها منسقة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي سيسيليا ملمستروم.