سيف الإسلام القذافي: موقف أوباما من ليبيا كان صادما لوالدي

قال في مقابلة تنشرها «الشرق الأوسط» إن الديمقراطية لا تمثل الآن أولوية للشعب لأننا في حالة حرب

سيف الإسلام القذافي
TT

قال سيف الإسلام، نجل العقيد معمر القذافي، إن نظام والده لم يقم بأي عمل خاطئ، مشيرا إلى أنه لن يتراجع أمام الإرهاب، نافيا استهداف المدنيين في مدينة مصراتة.

وأضاف سيف الإسلام، في حديث خص به صحيفة «واشنطن بوست»، أنه سيتم إقرار دستور جديد في البلاد يحد من دور والده.

وأكد وجود عناصر من تنظيم القاعدة في صفوف الثوار، لا سيما في مدينة مصراتة وغيرها من المدن التي تسيطر عليها المعارضة، معتبرا أنه على الأمم المتحدة أن تساعد ليبيا على التصدي له.

ورأى سيف الإسلام أن ما يحصل هو مؤامرة دولية لزعزعة استقرار ليبيا، معتبرا أن ما يجري في مصراتة يشبه ما جرى في مخيم نهر البارد في لبنان، وأن قوات القذافي تحارب الإرهابيين ولا تقتل المدنيين.

وأعلن أن النظام الليبي لن يتراجع عن مواقفه التي يتخذها بشأن العصابات الإرهابية في بلاده، وقال: إن العالم يخوض حربا ضد ليبيا، مستندا إلى مجموعة من الشائعات والادعاءات الإعلامية.

وزاد قائلا: «نريد من الأميركيين ومن منظمة حقوق الإنسان أن يرسلوا غدا فريقا لتقصي الحقائق في ليبيا ليشاهدوا، عن قرب، حقيقة ما يجري على أرض الواقع، نحن على ثقة من أمرنا ولا نخشى المحكمة الجنائية الدولية؛ لأننا لم نرتكب أي جريمة ضد شعبنا».

ووصف سيف الإسلام معارضي والده بأنهم عصابات إرهابية يقودها تنظيم القاعدة بهدف إحداث الانقسام في الصف الليبي، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الليبي، خاصة في مدينة مصراتة، هي للقضاء على هذه العصابات وليست لقتل المدنيين كما يشاع.

وقال سيف الإسلام: «الجيش يعمل على استئصال عناصر الإرهاب من مصراتة، تماما كما فعل الجيش الروسي في العاصمة الشيشانية غروزني والجيش الأميركي في مدينة الفلوجة العراقية»، مضيفا: «لكنني لن أقبل مطلقا أن يستهدف الجيش المدنيين الأبرياء، هذا لم ولن يحدث».

وعبَّر سيف الإسلام عن صدمته من موقف الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه ليبيا، قائلا: «لم يكن أحد في منطقة الشرق الأوسط، وفي ليبيا على وجه الخصوص، يتوقع أن يقوم الرئيس أوباما بمهاجمة ليبيا أو غيرها من الدول العربية، لقد كان موقفه هذا صادما للجميع وبخاصة والدي».

وقال سيف الإسلام: «كان الأولى بالولايات المتحدة مساعدتنا في مواجهة عناصر تنظيم القاعدة بدلا من مهاجمتنا؛ حيث نسعى للتخلص من الإرهاب والجماعات المسلحة في بنغازي ومصراتة للتفرغ بعدها للحديث عن المصالحة في مناخ ديمقراطي» وإجراء إصلاحات واسعة في ليبيا تجعل من دور والده دورا رمزيا.

وسُئل سيف الإسلام عن علاقاته مع شخصيات ليبية انشقت على نظام والده ضمنهم مصطفى عبد الجليل، وزير العدل السابق، الذي يتولى حاليا رئاسة المجلس الوطني الممثل للثوار، فقال: «لقد كانوا أصدقائي، وكنا نشرب ونأكل ونجلس ونسافر سويا.. لقد كانوا أهلي.. وحتى أكون صريحا معك، إن هذه أكبر مشكلة أواجهها في ليبيا».

وزاد قائلا: «أتلقى رسائل من متطوعين على الجبهة يقولون لي: بعد النصر لن يكون لك مكان يا سيف في ليبيا. هذا كله بسببك وبسبب هؤلاء المجرمين، لقد كان هؤلاء الخونة أصدقاءك وأنت الذي أتيت بهم إلى هنا وساعدتهم على أن يصبحوا وزراء ورجالا مهمين في ليبيا. ليس لك مكان هنا ولا لأصدقائك في المستقبل». وفيما يلي مقتطفات من الحوار..

* ما الذي حدث بالضبط بخصوص المؤامرة الدولية لزعزعة الاستقرار في ليبيا؟

- ربما سأقول هذا للمرة الأولى. هل تعرف ماذا حدث بالضبط يوم الأحد 17 فبراير (شباط) الماضي؟ لقد سمع الليبيون وزير الخارجية البريطاني يقول إن القذافي وأبناءه في طريقهم إلى فنزويلا. خبر عاجل على شاشة قناة «الجزيرة»، يفيد بمغادرة القذافي البلاد، ثم أعقبه خبر عاجل آخر عن مقتل سيف الإسلام وأخيه. أنت تعلم القصة، لقد كانا خبرين شهيرين. غادر أبي البلاد وأنا قتلت! يالها من مؤامرة. لقد ألقينا القبض عليهم؛ فقد جندوا أناسا في شركة «ليبيان بوست» وشركة الاتصالات وأذاعوا أخبارا زائفة مثل ملايين القنوات. لقد سقطت الشبكة تماما. هل سمعت عن الإغلاق؟ أنت تعرف أنه حتى أصدقائي غادروا البلاد في ذلك الوقت. هل تعرف لماذا؟ لأنهم قالوا إن التلفزيون الليبي غبي ويذيع موسيقى. لقد تم قطع الشبكة وشبكة الهواتف وانتهى كل شيء. لهذا هرب الناس، وهربت الشرطة والجنود وعاد الجميع إلى منازلهم. ثم وجدنا من يهاجم مخازن الذخيرة والثكنات العسكرية وسرقوا الذخيرة والأسلحة وأشعلوا الثورة المسلحة. لقد كان كل شيء منظما، لكن الناس استيقظت وانتبهت الآن. لا نعتزم قتل أحد، بل نريد بناء الدولة، نريد أن نعيش في سلام وفي ظل القانون والنظام. الفوضى في ليبيا ليست في مصلحة أحد، لكن مع الأسف تلعب الدول العربية مثل قطر دورا في ذلك.

* وما سبب اعتقادك خطأ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؟

- إلام كان يستند قرار مجلس الأمن؟ إلى أن القوات الجوية الليبية تقصف طرابلس في منطقتي تاجوراء وفاشلوم. إنهم ذكروا منطقتين، قل لي أثرا أو دليلا واحدا على قصف تاجوراء، لن تجد. قالوا إننا اختطفنا دبلوماسيين وصحافيين. الآن هناك حظر جوي وتقصفوننا بالطائرات وتقتلوننا كل يوم. على أي أساس فرضتم علينا عقوبات من خلال الأمم المتحدة؟ على أساس شائعات، فقط لأنهم قالوا إن القوات الجوية الليبية تقصف طرابلس وتقتل الآلاف. يمكنك الذهاب إلى هناك وسؤالهم. كل شيء قائم على شائعات. إنه مثل ما حدث في العراق، قالوا هناك أسلحة دمار شامل، اذهبوا وهاجموا العراق. الآن تقولون: المدنيون المدنيون، اذهبوا لمهاجمة ليبيا. إن التاريخ يعيد نفسه.

* وماذا عن المقاطع المصورة على موقع «يوتيوب» التي صورت في طرابلس؟

- لقد عرضوا هذا المقطع المصور الشهير. لقد حدث ما تم عرضه منذ عام في مدينة راس لانوف. لقد كان ذلك خلال فصل الصيف وكان الناس يرتدون ملابس صيفية. ونحن كنا في فصل الشتاء. لقد تم تصوير المقطع في مدينة راس لانوف. لقد كانت مشكلة بين قبيلتين تتنازعان على مشروع سكني جديد. لكنهم قالوا إن القوات الجوية الليبية تقصف المتظاهرين وإنها تسببت في دمار منطقتين كاملتين، وإننا استعنَّا بآلاف المرتزقة.

* هل ترى أنه تم ارتكاب أخطاء؟ هل تم إطلاق النار على الناس؟

- ربما على واحد أو اثنين أو ثلاثة أو عشرين أو ثلاثين، لا أحد يعرف. لكن ربما حدث ذلك من دون قصد، فلم يكن هناك تعمد. ثانيا: يتحدث الناس عن مئات وآلاف، وهناك فرق بين أن تتحدث عن اثنين أو ثلاثة وألفين أو ثلاثة آلاف.

* وماذا عن تقارير بشن حملات اعتقال واسعة النطاق ضد المعارضين؟

- نعم حدث ذلك؛ نظرا لفداحة الوضع في ليبيا. تعلم أن لدينا كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة. لقد كان الوضع خطيرا جدا؛ فقد كانت الأسلحة في كل مكان. لكن بدأت قوات الشرطة إطلاق سراحهم الواحد تلو الآخر. أنا أشرف على ذلك بنفسي؛ لأنهم أهلي ونعيش في البلد نفسه. ليس من مصلحتنا إهانتهم أو قتلهم أو تعذيبهم. لقد تم إطلاق سراح من قاتلونا، تستطيع الذهاب إلى السجن ومقابلتهم. إنهم في حالة جيدة ويأكلون ويستحمون ولديهم ملابس وكل ما يريدون. لا يوجد أي انتهاك لحقوق الإنسان. هناك جهود كبيرة تُبذل في ليبيا من أجل إطلاق سراحهم. وقد بدأنا نستعين بأطباء نفسيين ورجال دين لمساعدة المجرمين في السجون. ستحمل الأيام المقبلة مفاجأة، وهي خروج المئات منهم حتى ينضموا إلينا في القتال.

* وماذا عن حصار مصراتة وقصف القوات التابعة للنظام للمدنيين؟

- هل تعلم ماذا حدث في مصراتة؟ إنه بالضبط ما حدث في مخيم نهر البارد في طرابلس بلبنان. شن الجيش اللبناني هجوما على 4 أحياء سكنية في طرابلس لمحاربة تنظيم جند الشام وجند الإسلام الإرهابيين في لبنان. لقد دمروا نصف المدينة ولم يقتلوا مدنيين، لكنهم كانوا يحاربون الإرهابيين لأنهم كانوا يختبئون داخل البنايات. وساعد الأميركيون والغرب الجيش اللبناني وكانت مهمة مشروعة لمحاربة الإرهابيين داخل طرابلس في لبنان. هل تتذكر؟ وأتذكر أيضا أنهم أرسلوا جسرا جويا بسيارات الهامر والأسلحة والذخيرة. حدث الشيء نفسه في غروزني بالشيشان عندما حارب الجيش الروسي الإرهابيين لأنهم كانوا يختبئون داخل البنايات في غروزني. وحدث أيضا في الفلوجة.. إنك لا تحارب أو تقتل أبرياء أو مدنيين لأن ذلك ليس من مصلحة أحد، لكن الإرهابيين قابعون هناك.

يتم توريد الأسلحة والذخيرة والإرهابيين كل يوم من خلال ذلك الميناء. وقال وزير الخارجية الفرنسي: إنه ينبغي علينا السماح بدخول الأسلحة والذخيرة إلى مصراتة. ولا ينبغي أن نمنعهم. لقد قال: إن قوات حلف شمال الأطلسي منعت شحن الأسلحة عدة مرات، وهذا خطأ. وإنه ينبغي عليهم تغيير سياستهم والسماح بمرور تلك الشحنات. هل تريدون أن يجلس النظام الليبي وينتظر أن يزداد الإرهابيون قوة يوما بعد الآخر؟ لقد انخرط الجيش في حوار ومفاوضات مع هؤلاء الناس لمدة شهر. شهر ونحن نحاول إقناعهم بتسليم أسلحتهم والعودة إلى منازلهم، لكننا أخفقنا. وقد استفادوا من الوقت في تحصين مواقعهم. هل تريدون منا إذن أن نكرر الخطأ نفسه؟ بالطبع لن نفعل. بالمناسبة هؤلاء المجرمون يخطفون ويقتلون الناس ولديهم محاكمهم وقوات الشرطة والجيش الخاصة بهم. لا يمكن لأي نظام حكم في العالم أن يسمح بهذا. يمكنك اليوم أن تتحدث مع العاملين في الصليب الأحمر؛ فقد حاولوا اليوم الذهاب لتفقد الأوضاع هناك. هل تعرف ماذا حدث؟ أطلقوا النيران عليهم. عذرا، إنك تطلق النار على الصليب الأحمر.

اليوم يطلقون النار على الصليب الأحمر لأنه مسيحي، فأنت كافر فيجب قتلك. ربما يكونون غير مسلمين لكنهم هنا ليساعدوك.. لا تقتلهم.

لديهم قذائف هاون وصواريخ مضادة للدبابات وبنادق آلية مضادة للطائرات. إنهم يستخدمون ذخيرة الجيش الليبي، لكنهم يطلقون النار من المنازل والمتاجر ومن كل مكان. لن أقبل ذلك، لن أقبل أن يقتل الجيش الليبي المدنيين. لم يحدث ولن يحدث هذا. لكن ماذا عن الإرهابيين؟ كفاهم ذلك. يريد الغرب أن نتنحى جانبا ونقدم البلاد للإرهابيين على طبق من فضة. لا يمكن لأحد أن يقبل ذلك. يقاتل الناس من أجل ليبيا لا من أجل أبي.

* وماذا عن الثوار؟ وهل يوجد تنظيم القاعدة بينهم؟

- لقد قلنا للجميع: إن تنظيم القاعدة يوجد في البلاد، وإن هؤلاء الناس إرهابيون. لكنهم قالوا لا، ليس صحيحا. هل سمعتم تصريح «القاعدة» اليوم؟ إنه ليس كلامي. لقد قالوا: «نحن تنظيم القاعدة في ليبيا ونحن نقاتل ولدينا إمارتنا». لقد وجدنا جزائريين ومصريين وباكستانيين يقاتلون معهم في الزاوية ونالوت. فبعضهم إذن إرهابيون وهم إسلاميون، والآخرون عصابات مثل الذين يوجدون في بنغازي. لكن المفارقة هي أنهم يريدون الاستيلاء على مدينة بنغازي، و90% من البلاد في أمان. المشكلة في مدينة بنغازي فقط. لديك تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية وعصابات ومسجونون سابقون وجنرال لديه 200 جندي على أقصى تقدير، ويريد أن يكون شخصا مهما. هناك 3 مجموعات يقاتلون بعضهم البعض. والآن هناك شيء جديد في ليبيا مثل مجالس الصحوات.

إنهم يحاربون الإرهابيين وتنظيم القاعدة والعصابات. هل سمعت الأخبار التي وردت بالأمس عن الهجوم على فندق في بنغازي؟ لقد عرضت على شاشة قناة «بي بي سي». حدث انفجاران هائلان ومعركة كبيرة في وسط بنغازي. لديك جماعة مسلحة جديدة تقاتل العصابات والإرهابيين لحسابها وتدعمها قوات حلف شمال الأطلسي. ياله من أمر سخيف، كيف يمكنك دعم 600 فرد مسلح، وتجاهل 6 ملايين شخص؟ إذا أردت دعم الشعب الليبي، عليك دعم الـ6 ملايين. وإذا كنت تدعم العصابات فعليك أن تعرف أنه ليس لديهم مستقبل وأنهم سيهزمون قريبا ويختفون. إن الغرب يتواصل مع الطرف الخاطئ.

صدقني سيتم تحرير بنغازي بأيدي أبنائها من مجالس الصحوة مثلما حدث في العراق. إن الناس بدأت تستفيق ولدينا أخبار بأنهم يشكلون جماعات مسلحة وستكون المقاومة من الداخل.

* وماذا عن الأصدقاء والزملاء القدامى الذين انشقوا ليقودوا الثوار؟

- لقد كانوا أصدقائي وكنا نشرب ونأكل ونجلس ونسافر سويا. لقد كانوا أهلي. وحتى أكون صريحا معك، فإن هذه أكبر مشكلة أواجهها في ليبيا. أتلقى رسائل من متطوعين على الجبهة يقولون لي: «بعد النصر لن يكون لك مكان يا سيف في ليبيا. هذا كله بسببك وبسبب هؤلاء المجرمين، لقد كان هؤلاء الخونة أصدقاءك وأنت الذي أتيت بهم إلى هنا وساعدتهم على أن يصبحوا وزراء ورجالا مهمين في ليبيا. ليس لك مكان هنا ولا لأصدقائك في المستقبل».

لقد أتيت بهم إلى هنا وساعدتهم ودعمتهم، لكن عندما وجدوا أن سيف انتهى أمره هربوا من السفينة كالجرذان. سأخبرك بسر آخر، هل تعرف أن بعض الذين انشقوا عادوا إلى صفوفنا مثل بعض سفرائنا؟

أحيانا يضعف الناس. منذ شهر مضى، كانوا وزراء وقادة أمنيين، وفجأة وجدوا أنفسهم يجلسون مع هيلاري كلينتون والبريطانيين والفرنسيين والعالم كله، والقطريون يرسلون لهم طائرات خاصة. وربما يحدث أحدهم نفسه قائلا: «لقد كنت وزيرا بالأمس، لم لا أكون رئيسا اليوم؟»، إن الغرب من أسباب هذه الأزمة؛ لأنه يمنحهم أملا كاذبا بأنه سيكون لهم شأن في المستقبل. لقد كانوا معنا منذ شهر واحد ونعرفهم جيدا، فأنا من أوصلهم إلى مناصبهم.

* وماذا عن محمد جبريل، الأستاذ الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، وأعدته إلى ليبيا للمساعدة في إدارة السياسة الاقتصادية، ويشغل حاليا منصب ممثل الشؤون الخارجية للثوار؟

- لقد كان أفضل أصدقائي، لكنه تغير تماما، ولا أعرف لماذا تغير. وقد كنا معتادين على التحدث مع بعضنا البعض والعمل سويا، وكان واحدا من أفضل أصدقائي. لكن هذا التغيير حدث على أي حال. وكان جبريل أفضل أصدقائي عندما كان يعيش في طرابلس. وهو يجلس الآن مع هيلاري كلينتون ومع وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ ومع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في قصر الإليزيه. وقد قال لي: معذرة يا سيف، أنت صغير جدا بالنسبة لي في الوقت الحالي. وقد يشعر جبريل بهذا الأمر بالطبع. فهل يمكن أن تتخيل نفسك مع قيام العالم بأكمله بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا بإرسال طائرات خاصة إليك، وقولهم أنت رئيس ليبيا، وسوف تحصل على النفط والمال. إنهم بشر في النهاية. إنهم أنانيون ولديهم مصالحهم الخاصة، وهم يقدمون مصلحتهم الخاصة على مصالح بلادهم. إنهم يريدون أن يصبحوا مشهورين وأغنياء وأقوياء. وهو يقول: «حسنا، منذ شهر، كنت وزيرا هنا في ليبيا، والآن سوف أصبح رئيسا، وسوف أسيطر على ليبيا. وليبيا دولة غنية. وكل فرد يريد أن يحكم ليبيا وأن يسيطر على نفطها وغازها وأموالها. وأنا أتفهم هذا التفكير. أنا لا أحترمه، لكني أتفهمه».

* هل هناك أشخاص داخل حركة الثوار يريدون فقط تحقيق الديمقراطية وحرية التعبير؟

- نعم، بالطبع، نعم. وأنا أعرفهم جيدا، لكن أين هم الآن؟ سوف أحكي لك شيئا: ربما يكون هؤلاء الأشخاص هم من بدأوا القصة، لكنهم اختفوا الآن. والآن، ليس لديهم أي كلمة على الميليشيات المسلحة.

* ماذا تقول بخصوص الحوار؟

- هل يمكن أن تجري حوارا مع تنظيم القاعدة؟ هل يمكن أن تجري حوارا مع أشخاص يطلقون النار على الصليب الأحمر؟ أنا متأكد من أنك شاهدت مقطع فيديو لأناس وهم يحرقون قلب أحد موظفي مكتب الصليب الأحمر في مدينة مصراتة.. لقد نزعوا قلب هذا الرجل وحرقوه. وفي القرن الـ21، قتل هؤلاء الأشخاص فردا ونزعوا قلبه وحرقوه أمام الناس. فهل تريد أن تجري حوارا مع هؤلاء الناس؟ وهل استمعت إلى الرواية التي تقول إنهم شنقوا أفرادا في مدينة بنغازي؟ فهل تريد أن تجري حوارا مع هؤلاء الناس؟ إنهم يشنقون الناس في شرق ليبيا، وقد شنقوا أفرادا على الجسور، وهم يقومون بتصوير أنفسهم.

* وماذا عن الديمقراطية؟

- إنها شيء مضحك آخر. يتحدث الناس هنا وفي الغرب عن الديمقراطية والدستور. وحتى هذا الأمر لم يعد يمثل أولوية للشعب بعد الآن. اذهب إلى أي ليبي، واسأله: «هل تريد الديمقراطية؟»، وسوف يرد عليك بالقول: «لا، نحن نريد السلام والأمن والطعام والشراب والتعليم؛ لأن الديمقراطية وحرية الصحافة لم تعودا تمثلان أولوية الآن على الإطلاق؛ لأننا في حالة حرب. وإذا كنتم تريدون مساعدتنا، يمكن أن تساعدوا الحكومة الليبية على استعادة السلام والأمن، وبعد ذلك سوف نتحدث عن الإصلاحات والمصالحة الوطنية والدستور. لكن الناس الآن في مرحلة حرب، ويقاتلون بعضهم البعض، وتأتي أنت للحديث عن الديمقراطية! هذا شيء سخيف. وأنا أعرف ليبيا. وعلى مدار السنوات العشر الماضية، كنت أتحدث عن الدستور والحرية والديمقراطية، وكان كل فرد يضحك عليَّ هنا في ليبيا. وكانوا يقولون: ماذا؟ نحن نريد مساكن جيدة، ونريد الحصول على مرتبات جيدة، ونريد مستشفيات وسيارات وفنادق جيدة. ولا تمثل الديمقراطية أولوية. وقد قال الناس هذا الأمر لي على مدار السنوات العشر الماضية. والنخبة هنا في ليبيا فقط هم من يتحدثون عن هذه الأشياء. وقد كانوا غاضبين مني خلال السنوات الأخيرة لأنني ركزت على هذا الأمر فحسب. ومع ذلك، فإننا ما زلنا ملتزمين بالدستور. وقد كان محمود جبريل وكل هؤلاء الأشخاص في اللجنة التي كتبت مسودة الدستور الليبي الجديد. وقد وضعت هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يعارضوننا في اللجنة. وقدموا إليَّ خلال العام الماضي، وقالوا: هذه مسودتنا. ويجب أن يجري الشعب الليبي مشاورات وطنية حول هذه المسودة، وإذا كانوا سعداء بها، يجب أن يقبلوها، وبهذا سوف تكون لدينا قوانين جديدة. لقد كانت هذه هي أفكاري، وكانوا يعملون من أجلي. وكان يجب تنظيم نظام الحكم المحلي لأننا نريد نظاما فيدراليا ونظام حكم محلي قوي وقانونا جديدا لوسائل الإعلام والمجتمع المحلي. هذا هو الأمر ببساطة. وسوف تصبح ليبيا مثل سويسرا، ولكن لم يعد بالإمكان أن يتحدث أي فرد الآن عن هذا الأمر. ولم يعد أي فرد في ليبيا يتحدث عن هذا الأمر. ويتحدث الناس هنا الآن عن شخص واحد فقط، هو السلام والأمن والقانون والنظام، هذا هو الأمر ببساطة.

* وماذا عن خطابك المتصلب عندما بدأت المفاوضات؟

- قلت لهم: اسمعوا أيها الليبيون.. هناك مؤامرة كبرى ضد ليبيا، وسوف تتعرضون لحرب أهلية، وسوف تدمرون بلادكم، وسوف تدمرون النفط، وسوف تتعرضون لتدخل أجنبي، وقد حدثت هذه النقاط الأربع. وقلت هذا منذ 40 أو 50 يوما، أي منذ شهرين، وقد حدثت 4 نقاط منها. وفي بعض الأحيان، يجب أن تكون جادا جدا مع شعبك. إنها مسألة خطيرة جدا.

* وماذا عن تقاتل الناس؟

- استمتعت ذات يوم إلى نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، الذي دأب على القول إن لديه صبيا، وهو ابنه الذي كان يقاتل في العراق. وقال بايدن: «أنا فخور بابني الذي يقاتل من أجل الولايات المتحدة ويدافع عن بلده». حسنا، بايدن، نائب الرئيس الأميركي، فخور بابنه الذي يقاتل شعبا آخر على بعد آلاف الكيلومترات من الولايات المتحدة. إذن دعنا وشأننا، فنحن ليبيون نعيش في بلادنا ونقاتل من أجلها. إذن هناك وقت للسلام ووقت للحرب. ونحن لدينا إرهابيون على أرض المعركة ولدينا قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وبالطبع، سوف نقف ونقاتل من أجل بلادنا، إنها بلادنا. ونحن نريد السلام والحرية، ونريد صياغة دستور، ونريد الديمقراطية، لكنني لن أكون سعيدا إذا رأيت شعبي يقتل كل يوم بقنابل قوات الناتو والإرهابيين. ونحن هنا ليبيون. وإذا حاربنا، فسوف نحارب معا. وإذا توقفنا، فسوف نتوقف معا. ونحن أسرة واحدة وموحدة. ونحن متحدون جدا.

* هل تفكرون في المصالحة؟

- لا يوجد أي فرد هنا في ليبيا مهتم بالانتقام، والانتقام ليس في أجندتنا. وترتكز أجندتنا على المصالحة الوطنية. وهذه هي رغبة كل فرد وأمنيته. ونحن نريد السلام والأمن، ونرغب في بناء بلادنا. ونريد أن يكون لدينا مستقبل أفضل، ونريد أن نتقدم إلى الأمام. ولا يتحدث أي فرد عن الانتقام.

* ما الذي سيحدث إذا رحل والدك عن ليبيا الآن؟

- سوف تتحول ليبيا إلى نسخة ثانية من الصومال. وكل فرد يعرف ذلك.

* وماذا عن التقدم إلى الأمام؟

- أكبر مسألة تواجهنا هي محاربة الإرهابيين والميليشيات المسلحة. وبحلول اللحظة التي نتخلص فيها منهم، سوف يتم حل كل شيء خلال ساعة واحدة في البلاد بأكملها. وقد تقدمت دولة أوروبية مهمة جدا إلينا بمقترح ومبادرة، كما أن لدينا المبادرة الأفريقية. وتتحدث هذه المبادرات عن وضع غير حقيقي، على افتراض عدم وجود أي أفراد من الجيش أو الميليشيات المسلحة في المدن. ويجب أن تترك الميليشيات المسلحة وقوات الجيش المدن، ويجب أن تحل قوات الشرطة محلها. ويجب أن يسيطر الجيش على الحدود والممرات، ويجب أن نجري انتخابات. ويجب أن تساعدونا أنتم أيها الأميركيون في القيام بذلك. ويجب أن تساعدونا على إخراج الجيش والميليشيات من المدن، وأن تحل قوات الشرطة محل قوات الجيش والميليشيات وأن نجري انتخابات، وسوف نرى ما سيحدث. ونحن نقبل ذلك، فقط افعلوا هذا. أحضروا مراقبين من أوروبا وأميركا ومن كل مكان. افعلوا ذلك.

* هل كان العقيد القذافي حليفا ذات يوم، وقائدا منبوذا في اليوم التالي؟

- بعد تسريبات «ويكيليكس»، حاولت هيلاري كلينتون الاتصال بوالدي، واتصلت بوزير الخارجية السابق، وقالت: «نحن آسفون لكم». ومنذ شهرين، قالت: «نحن سعداء بليبيا، ونحن نؤدي أعمالا جيدة مع ليبيا ونريد أن نقوي العلاقات معكم، وليبيا دولة مهمة جدا. حدث هذا منذ شهرين فقط، والآن تقول: «القذافي يجب أن يرحل». إذا كنت قويا، سوف يكون كل فرد لطيفا معك، وإذا لم تكن كذلك، سوف يقولون لك: «مع السلامة».

* وما تعليقك بخصوص ردك على خطاب الرئيسين أوباما وساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون؟

- لكي أكون أمينا، أوباما مختلف عن رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي. لقد شعرنا بصدمة كبيرة في البداية عندما هاجم الأميركيون ليبيا. ولم يكن أي فرد في منطقة الشرق الأوسط، وبالأخص في ليبيا، يعتقد أن الرئيس أوباما سوف يهاجم ليبيا أو أي دولة عربية في يوم من الأيام؛ لأنه جاء بعد حرب العراق وأفغانستان ولأن اسمه هو باراك حسين، ولأنه من «أصول» أفريقية ولأنه رجل سلام. وفجأة، بدأ أوباما يرسل المئات من صواريخ «توماهوك» إلى ليبيا. لقد كانت صدمة كبيرة لكل فرد، وحتى لوالدي. والأمر الثاني هو أن تهاجمونا تماما بنفس طريقة الهجوم الذي شنه بوش على العراق بسبب تقارير زائفة. إنها شائعات. ثالثا: كلنا يعرف أن هذا الهجوم يمثل ابتزازا؛ حيث إنكم تدعمون بريطانيا وفرنسا في ليبيا لأنهم ساعدوكم في أفغانستان. وقد سمعنا هذه التقارير. لقد كانت صدمة كبيرة لكل فرد. لكن الناس سعداء الآن لأن الأميركيين ابتعدوا عن هذه الأزمة، وأصبحوا الآن محايدين، ولم يعودوا يخوضون لعبة قذرة مثل الآخرين. لكننا ما زلنا نرغب في أن يرسل الأميركيون غدا لجنة تقصي حقائق لاكتشاف ما حدث في ليبيا، ونحن نريد أن تأتي منظمة «هيومان رايتس ووتش» إلى هنا وأن تكتشف ما حدث بالضبط. ونحن لسنا خائفين من المحكمة الجنائية الدولية. إننا واثقون ومتأكدون من أننا لم نرتكب أي جريمة ضد شعبنا. يجند الإرهابيون الصبية الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10 و12 عاما من أجل القتال، وهم يقتلون الرهائن والسجناء، ويشنقون ويعذبون الناس ويفعلون كل شيء، ومن حسن الحظ أنهم يصورون كل شيء بأنفسهم. وبالنسبة لنا، نحن نتصرف بشكل صحيح، ونقاتل من أجل قضية سليمة، ونقاتل من أجل شعبنا. إننا متحدون مع الشعب الليبي بأكمله، ويجب أن تقوموا أنتم الأميركيون بدعمنا ومساعدتنا. والقضية الليبية سهلة جدا، وليست صعبة ويمكن أن تحل بسهولة كبيرة. ولكن إذا جئتم وقلتم يتعين عليك الرحيل يا قذافي، فإنكم تجعلون بذلك القضية معقدة جدا بالنسبة لكل فرد؛ لذا يتعين عليكم الاختيار بين ما إذا كنتم ترغبون في مساعدة ليبيا أو تدمير القذافي. حسنا، لكنني لا أقول: إنني أريدكم أن تساعدوا ليبيا، لا تقولوا ذلك رجاء. لكن ما زال استقبال الأميركيين هنا أفضل كثيرا من استقبال الأوروبيين.

* ماذا تقول عن والدك؟

- أهم شخص الآن في ليبيا هو رئيس الوزراء. اسأل أي ليبي عن رئيس الوزراء. والدي لا يتحدث عن العقود أو القوانين أو الشركات أو التجارة، وهو لا يتحدث عما سبق ذكره؛ لأن هذا عمل تنفيذي، وهو عمل رئيس الوزراء. إنه أهم شخص في ليبيا، وفي الدستور الجديد، سوف يكون لدينا رئيس وزراء منتخب ورئيس منتخب أيضا؛ لذا يعتبر أبي رمزا لهذه الدولة، إنه شخصية رمزية. لكن الأشخاص الذين سيديرون البلاد سوف يكونون منتخبين، وهذا مكتوب في مسودة الدستور. وقد عملنا على صياغة هذه المسودة طوال السنوات الأربع الماضية. وسوف يكون لدينا رئيس ورئيس وزراء، وسوف يكون لدينا برلمان، إذن اذهبوا إلى الدستور، اذهبوا إلى هذه المسودة وانسوا والدي. لكنهم يريدون ملاحقة القذافي، لذا فسوف نقاتل جميعا دفاعا عنه. وهذا هو التوجه الخاطئ.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»