سورية ترفع حالة الطوارئ وتمنع التظاهر إلا بإذن مسبق.. ومظاهرات في بانياس بعيد القرار

وزارة الداخلية تدعو السوريين إلى الامتناع عن القيام بأي مظاهرات «تحت أي عنوان كان»

عدد من السوريين المحتجين ضد النظام يرفعون لافتة تنفي أنهم من «الإخوان» أو «السلفية» في بانياس أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت السلطات السورية أمس رفع حالة الطوارئ عن البلاد، بعد 48 عاما على فرضها، إلا أن القرار لا يبدو أنه لوقي بترحيب شعبي، على الأقل في بانياس، حيث خرج الأهالي يطالبون بالحرية رغم إصدار وزارة الداخلية تعميما يمنع التظاهر إلا بعد الحصول على تصريح.

وأقر مجلس الوزراء السوري أمس مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإنهاء حالة الطوارئ في البلاد، كما أقر أيضا إلغاء محاكم أمن الدولة، وإقرار مشروع حق التظاهر السلمي وتنظيمه. وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء «سانا» أمس أن سورية أصدرت قانونا يلزم المحتجين بالحصول على تصريح من وزارة الداخلية قبل الخروج في مظاهرات.

ودعت وزارة الداخلية السوريين إلى الامتناع عن القيام بأي مسيرات أو اعتصامات أو مظاهرات «تحت أي عنوان كان»، مؤكدة أنها ستطبق «القوانين المرعية» من أجل استقرار البلاد. وأضافت أنها تطلب ذلك من أجل «المساهمة الفاعلة في إرساء الاستقرار والأمن ومساعدة السلطات المختصة في مهامها على تحقيق ذلك»، مؤكدة أن «القوانين المرعية في سورية ستطبق خدمة لأمن المواطنين واستقرار الوطن»، إلا أن الرد الأول جاء في مظاهرة في بانياس، إذ قالت وكالة رويترز نقلا عن نشطاء حقوقيين إن مظاهرة مؤيدة للديمقراطية اندلعت في مدينة بانياس السورية المضطربة أمس بعدما وافقت الحكومة على مشاريع قوانين لرفع حالة الطوارئ. وهتف مئات المتظاهرين «لا إخوانجية (إخوان مسلمين) ولا سلفية.. إحنا طلاب حرية». وتشير الهتافات إلى اتهامات من السلطات بأن جماعات إسلامية مسلحة تعمل انطلاقا من بانياس «وتنشر الإرهاب» في سورية.

وشارك أكثر من ألفي شخص في مظاهرة احتجاج ضد النظام السوري في مدينة بانياس الساحلية، ونظمت المظاهرة تعبيرا عن رفض سكان المدينة لرواية السلطات السورية مساء الاثنين عن قيام «تنظيمات سلفية» بـ«تمرد مسلح» في بانياس، وكذلك في مدينة حمص اللتين شهدتا في الأيام الأخيرة مظاهرات عدة طالبت بإسقاط النظام السوري.

وألقى الشيخ أنس العيروط، أحد أبرز وجوه الحركة الاحتجاجية في بانياس، كلمة أمام المتظاهرين الذين تجمعوا في إحدى ساحات المدينة، بعد ساعات على دعوة وزارة الداخلية السورية المواطنين إلى الامتناع عن القيام «بأي مسيرات أو اعتصامات أو مظاهرات تحت أي عنوان كان». وقال الشيخ أنس العيروط لوكالة الصحافة الفرنسية في نيقوسيا عبر الهاتف إنه خاطب في كلمته أمام المتظاهرين وزير الداخلية السوري قائلا له «كما كنت جريئا في وصمنا بالإرهاب السلفي، كن جريئا بالإقرار أن في القرداحة (مسقط رأس عائلة الأسد) عصابة مسلحة وأسلحة بالأطنان لا يملك الجيش السوري مثلها». وأضاف: «كن جريئا بالإقرار أن الشبيحة تابعون لأجهزة النظام الأمنية الاستخباراتية ويعملون تحت غطائها». وأكد العيروط أن المظاهرات في بانياس «ستستمر للمطالبة بالحرية».

وكانت صحيفة «الوطن» السورية، شبه الرسمية، قد ذكرت في عددها الصادر أمس أن «لقاءات تجري بين فعاليات ووجهاء مدينة بانياس والجهات المختصة في محافظة طرطوس (بانياس منطقة تابعة لمحافظة طرطوس) لاحتواء الأزمة التي تعيشها المدينة بعد الكمين المسلح الذي تعرضت له وحدة من الجيش عند جسر القوز في المدينة من قبل جماعات مسلحة».

وكشفت الصحيفة أنه «خلال هذه اللقاءات يتم الاستماع إلى مطالب الأهالي بغية رفعها للجهات المسؤولة وضمن هذا الإطار يتم التحضير للقاء الذي سيتم بين وجهاء وفعاليات مدينة بانياس والرئيس (بشار) الأسد حيث يقوم الأهالي بالاتفاق على أسماء الوفد الذي سيمثل المدينة في هذا اللقاء الذي لم يحدد موعده حتى الآن».

كذلك شهدت كلية الطب في دمشق اعتصاما صباح أمس، قبل صدور مرسوم رفع قانون الطوارئ، احتجاجا على قرار فصل نحو 12 طالبا من كلية العلوم على خلفية مشاركتهم في اعتصام كلية العلوم الأسبوع الماضي. وتم تفريق الاعتصام بواسطة هجوم من قبل «اللجان الشعبية» المؤلفة من منتسبي اتحاد الطلبة المؤيدين للسلطة، الذين هاجموا المعتصمين بالهراوات.

وأفاد ناشط حقوقي لوكالة الصحافة الفرنسية بأن نحو مائة طالب من كلية الطب في جامعة دمشق قاموا باعتصام سلمي من أجل «حقن الدماء» في سورية. وأضاف الناشط «الطلاب اعتصموا لنحو ربع ساعة صباحا قبل أن يتم تفريقهم من قبل أعضاء في اتحاد طلبة سورية» الموالي للسلطة. وطالب المعتصمون «بحقن الدماء» في سورية، بحسب الناشط. وبث موقع الفيديو «يوتيوب» شريطا قصيرا قال إنه اعتصام لطلاب في كلية الطب في جامعة دمشق ظهر فيه عشرات الطلاب وهم يرتدون الرداء الأبيض ويحمل بعضهم ورودا. وكان عشرات الطلاب تجمعوا أمام كلية العلوم في جامعة دمشق في 11 أبريل (نيسان) للتضامن مع من قضوا في مظاهرات الاحتجاج التي تشهدها سورية منذ 15 مارس (آذار) إلا أن قوات الأمن فرقتهم واعتقلت بعضهم.

وكان مجلس الوزراء أقر في جلسته التي عقدها أمس برئاسة عادل سفر مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإنهاء حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد المعلنة منذ عام 1963. كما أقر المجلس مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإلغاء محكمة أمن الدولة العليا المحدثة بالمرسوم التشريعي رقم 47 لعام 1968 وتعديلاته وإحالة الدعاوى المنظورة أمامها إلى مرجعها القضائي المختص، إضافة إلى إقرار مشروع مرسوم تشريعي يقضي بتنظيم حق التظاهر السلمي للمواطنين بوصفه «حقا من حقوق الإنسان الأساسية التي كفلها دستور الجمهورية العربية السورية وفق نواظم إجرائية تقتضي حصول من يرغب في تنظيم مظاهرة على موافقة وزارة الداخلية للترخيص بتنظيمها» بحسب ما جاء في بيان رسمي صدر بعد ظهر يوم أمس، والذي قال أيضا إن مجلس الوزراء طلب من الوزارات المعنية «الإسراع بإعداد مشروع قانون الأحزاب ومشروع قانون الإعلام والإدارة المحلية وعرضها على المجلس للمناقشة في أقرب وقت ممكن».

كما «ناقش المجلس مشروع قانون إحداث برنامج يسمى برنامج تشغيل الشباب في الجهات العامة الذي يقضي بتوفير 10 آلاف فرصة عمل سنويا لحملة الشهادة الجامعية والمعاهد المتوسطة وتشغيلهم في الجهات العامة وذلك من خارج الملاكات العددية المحددة لها خلال سنوات الخطة الخمسية 11» حيث تم تكليف وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والعدل والأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء إعداد «الصيغة النهائية القانونية اللازمة لتنفيذ هذا البرنامج». كما تم «إلغاء شرط الحصول على معدل 60% للخريجين للتعيين لدى الجهات العامة».

وبحث المجلس محضر اجتماع اللجنة المكلفة بوضع آلية التعليمات اللازمة التي تجيز «تثبيت المتعاقدين على الشواغر المتوفرة لدى الجهات العامة وذلك لجميع الفئات حيث تم تكليف وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والمالية والأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء إعداد الصيغة النهائية لإجراءات ونواظم التثبيت وعرضها على المجلس لاستكمال مناقشتها وإقرارها».