3 قتلى ومئات الجرحى والمصابين في قمع مظاهرات مطالبة بتنحي صالح في تعز وصنعاء

قيادي في كتلة العدالة والبناء: نحن حزب سياسي قادم ولن ننجر إلى ترهات الحزب الحاكم

شابان على دراجة نارية يمران في طريق قطعته نيران إطارات محترقة في تعز أمس (رويترز
TT

قال قيادي في كتلة العدالة والبناء التي شكلت، أول من أمس، في اليمن من قيادات مستقيلة من الحزب الحاكم، إن تكتلهم هو حزب سياسي سوف يعلن عنه في وقت لاحق، هذا في وقت فرقت قوات الأمن اليمنية، أمس، مظاهرتين في صنعاء وتعز للمطالبين بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح عن الحكم، الأمر الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، وتزامن ذلك مع استمرار المساعي الخليجية لحل الأزمة السياسية في اليمن، وبحث مجلس الأمن الدولي أزمة اليمن واستمرار عمليات قمع المتظاهرين.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال عبد العزيز جباري، عضو مجلس النواب اليمني (البرلمان) الذي استقال من عضوية الحزب الحاكم وهو حاليا بمثابة الناطق الرسمي باسم كتلة العدالة والبناء، إن «الكتلة هي نواة لحزب سياسي قادم، ومن المعروف أنه لا بد من اتخاذ إجراءات قانونية بحيث نكتسب الصفة القانونية، والخطوات القادمة بعد الإشهار، سنؤسس هذا الحزب ولدينا رغبة في الشراكة مع القوى السياسية الموجودة في الساحة من أجل بناء اليمن الحديث والمشاركة في بناء الدولة المدنية المؤملة».

وحول انضمام مجاميع من الشخصيات اليمنية الحكومية السابقة إليهم، قال جباري إن هناك قيادات كبيرة وبارزة في المؤتمر الشعبي العام الحاكم «نستطيع القول إنها قيادات محترمة ونزيهة ولديها كفاءة ولكن للأسف الشديد خلال انتمائنا وعملنا داخل المؤتمر، لم تتح لهذه القيادات والعناصر فرصة الوصول إلى مركز صناعة القرار وتجد مثل هذه العناصر مهمشة وربما مقصودة بالإقصاء»، واعتبر جباري في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» مثل هذه القيادة بأنها «مكسب لنا، أما بخصوص وجهات نظرهم ورأيهم فيما يحدث، فقد أعلن الكثير منهم مواقفهم والبقية وبمجرد انضمامهم إلى هذه الكتلة أو الكيان القادم، عبروا عن رأيهم ولهم وجهات نظر واضحة إزاء ما يحدث، وهم ملتزمون بما يقرره هذا التنظيم الذي انتموا إليه برضاهم».

وأعلن، أول من أمس، عن إشهار كتلة العدالة والبناء، وفي أعقاب ذلك اعتبر مصدر مسؤول في الحزب الحاكم باليمن أن حزبهم تخلص من «الفاسدين» في صفوفه مع الأحداث التي تشهدها البلاد، في إشارة إلى الوزراء والسفراء والبرلمانيين وغيرهم ممن استقالوا من مناصبهم الحكومية ومن عضوية الحزب الحاكم، وأشار المصدر إلى أن معظم المستقيلين كانت لهم انتماءات حزبية سابقة قبل الانضمام إلى الحزب، وردا على هذه التصريحات، قال النائب عبد العزيز جباري إنهم لا يريدون أن ينزلوا إلى مثل «هذا المستوى من الألفاظ والتوصيفات غير اللائقة»، ووصف من تصدر عنهم مثل تلك التصريحات بأنهم «أصحاب كل شيء على ما يرام، والأمور تحت السيطرة»، وأكد ناطق كتلة العدالة والبناء الجديدة في اليمن أن «الشعب اليمني يعرف من هو الفاسد والنظيف والسيئ والجيد، وبالتالي نحن نشعر أننا عندما نرد على مثل هذه الترهات بأننا ننزل إلى مستوى لا يليق بنا كشعب يمني، ومن المعروف أن مثل هؤلاء الناس يدينون أنفسهم بأنفسهم، عندما تخرج أي شخصية من التنظيم وتتخذ مواقف تعتقد أن الضمير الوطني يقتضي اتخاذ هذه المواقف، يتهم بأنه فاسد ومخرب وغيرها من الأوصاف».

ومنذ الصباح الباكر انطلقت مسيرة حاشدة في منطقة وادي القاضي بمدينة تعز، هتف خلالها المتظاهرون ضد الرئيس علي عبد الله صالح وطالبوا بإسقاط نظامه ومحاكمته، إلا أن قوات من الحرس الجمهوري والأمن المركزي تصدت للمسيرة، وحسب شهود عيان فقد سقط قتيل واحد على الأقل، وعدد من الجرحى.

وفي صنعاء، فرقت قوات الأمن المركزي مظاهرة مسائية باستخدام الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع، وقد جابت المظاهرة شارع الستين، أمام وزارة الخارجية واستلقفتها قوات الأمن ومسلحون مدنيون أو «البلطجية» بأسلحتهم، وقالت مصادر طبية في المستشفى الميداني في «ساحة التغيير» إن شخصين قتلا وإن مئات المتظاهرين أسعفوا إلى المستشفى وهم مصابون بحالات اختناق، وأشارت المصادر إلى أن هناك قرابة 20 جريحا سقطوا برصاص قوات الأمن.

وقال شهود عيان إن السلطات الرسمية قامت بقطع «عمدي» للتيار الكهربائي عن المنطقة التي شهدت المواجهات، إضافة إلى «تشويش» الاتصالات الهاتفية اللاسلكية في ذات المحيط، لكن وزارة الدفاع اليمنية وعبر خدماتها الإخبارية اتهمت أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة بـ«تكليف مندسين بإطلاق النار من المنازل ومن وسط مسيرة في شارع الستين»، وذكرت مصادر في المعارضة اليمنية أن قوات الأمن المركزي قامت بـ«اختطاف 4 طبيبات وعدد من المتظاهرين في صنعاء»، ليل أمس.

وتشكل الدراجات النارية إحدى أهم وسائل نقل الجرحى والمصابين بعد أن يتعرضوا لعمليات القمع، خاصة في الشوارع البعيدة عن المستشفى الميداني، إضافة إلى سيارات الإسعاف التي توجه إليها تعليمات بالتوجه إلى المناطق التي يسقط فيها الجرحى والمصابون لنقلهم، لكن هذه السيارات عادة ما تتعرض للتحطيم والإحراق من قبل جماعات «البلطجية» المنتشرين في معظم شوارع العاصمة صنعاء، خاصة أن هذه السيارات تحمل شعارا يميزها عن سيارات الإسعاف التابعة للمستشفيات الحكومية والخاصة وهو عبارة عن هلال أخضر.

وشهدت معظم المحافظات اليمنية، أمس، مظاهرات مطالبة بتنحي الرئيس اليمني ومحاكمته هو وأفراد عائلته وأركان نظامه الممسكون بزمام المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية الحيوية والحساسة في البلاد. ويترقب اليمنيون إلى نتائج اجتماعي وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في العاصمة الإماراتية أبوظبي ومجلس الأمن في نيويورك بشأن الأزمة اليمنية.

إلى ذلك، قالت وزارة الداخلية اليمنية إن 5 من رجال الأمن قتلوا وإن 591 آخرين من ضباط وصف الضباط والجنود من أفراد القوات العسكرية التابعة للوزارة سقطوا خلال الأحداث التي تشهدها اليمن منذ مطلع فبراير (شباط) الماضي وحتى اللحظة، وقالت الوزارة، في تقرير عرض أمس على مجلس وزراء حكومة تصريف الأعمال، إن رجال الشرطة قتلوا وأصيبوا جراء «أعمال الفوضى والتخريب التي تقوم بها عناصر خارجة عن القانون خلال المظاهرات التي تشهدها اليمن حاليا، وذلك أثناء أدائهم واجبهم الوطني في حفظ الأمن العام والاستقرار والسكينة العامة»، وناقش الاجتماع تقرير الوزارة بشأن الأوضاع الأمنية في البلاد، وذكرت مصادر رسمية أن التقرير تضمن تأكيد رجال الأمن على «التصدي لكل الأعمال المخلة بالأمن والاستقرار وذلك انطلاقا من مهامهم الوطنية.. موضحة أن الأجهزة الأمنية معنية بالمقام الأول بحفظ أمن المواطن وحماية الممتلكات العامة والخاصة وضبط أي ممارسات خارجة عن النظام والقانون».