العصيان المدني جزء من ثورة الشباب في اليمن

شباب الثورة استلهموا من غاندي نضاله السلمي

TT

صعد شباب اليمن من ثورتهم الشعبية بعد مرور أكثر من شهرين ونصف على ثورتهم السلمية ليتجهوا إلى العصيان المدني في المدن، واختلفت الاستجابة لذلك من مدينة إلى أخرى.

ومثل العصيان المدني بالنسبة للثورة في اليمن أداة مهمة لشل أجهزة النظام وإخضاعه لتنفيذ مطالبهم بالرحيل الفوري ومحاكمة مرتكبي الجرائم بحق المعتصمين كما تقول قيادات من ساحة التغيير بصنعاء. ولم يكتف المعتصمون بساحات التغيير والحرية بالمسيرات المليونية التي أوصلت صوتهم إلى معظم شوارع المدن اليمنية وبعضها وصل إلى القرب من القصر الجمهوري مقر إدارة الرئيس صالح للنظام كما حدث في صنعاء، حيث صعدوا ثورتهم بالدعوة إلى العصيان المدني، بحسب مصطفى الشرعبي، الذي اعتبره أحد الأساليب الأساسية للثورة السلمية التي يمكن من خلالها الضغط على النظام، ويقول الشرعبي لـ«الشرق الأوسط»: الثورة اليمنية تستلهم تجارب كان فيها العصيان المدني أداة ناجحة للحركات المناهضة للظلم والاستبداد كما حدث مثلا في الهند، وما قام به غاندي من أجل العدالة الاجتماعية ومن أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية».

ويؤكد الشرعبي الذي يدير مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي أن القطاع الخاص بمعظم مكوناته استجاب لدعوة العصيان المدني، ولفت إلى أن مركزه دعا القطاع الخاص باتخاذ قرارات عاجلة لبدء الإضراب الشامل للضغط على الرئيس صالح للتنحي دون إراقة مزيد من الدماء، مع الحرص على توفير المواد الغذائية الأساسية للمواطنين، مشيرا إلى أن القطاع الخاص اليمني كان له موقف مشرف وشجاع في مساندة الثورة الشباب السلمية وهو ما دفع بعضهم إلى تنفيذ خطوات عملية لمساندة الثورة، مثل الإضراب في مصانعهم، وإغلاق محلاتهم التجارية. واعتبر ورقة ضغط قوية تجعل الرئيس يتراجع عن إصراره على التمسك بكرسي الحكم، وتسليم السلطة، دون سفك من الدماء أو إدخال البلاد في صراعات سيكون أول المتضررين منها القطاع الخاص والاقتصاد اليمني بشكل عام كما يقول.

وقد دعا «شباب الثورة السلمية» في اليمن القطاع الخاص إلى البدء في الإضراب الجزئي في أمانة العاصمة ومحافظات الجمهورية وصولا إلى الإضراب الشامل لإجبار الرئيس عبد الله صالح على التنحي.

وفي جولة ميدانية لـ«الشرق الأوسط» على بعض شوارع صنعاء فإن العصيان المدني تفاوت من شارع إلى آخر، فمعظم الشوارع المحيطة بساحة التغيير كانت المحلات التجارية مغلقة فيما عدا بعض المحلات التي تبيع السلع الضرورية، ومن أبرز هذه الشوارع شارع الرقاص، وهائل، والرباط، وجمال والقصر، فيما توقفت بعض خطوط المواصلات العامة لأكثر من نصف ساعة مما أجبر الكثير من المواطنين على المشي إلى منازلهم كما حدث في خط الجامعة شيراتون سعوان.

رجال أعمال وقيادات في القطاع الخاص من جانبهم أكدوا أن استجابتهم لدعوة الشباب ببدء الإضراب يأتي انسجاما مع المواقف المعلنة للقطاع الخاص والمساندة لثورة الشباب السلمية منذ وقت مبكر، وللضغط على النظام للاستجابة للمطالب دون سفك الدماء أو الممارسات القمعية تجاه المعتصمين سلميا في الميادين والساحات، مؤكدين أنهم لن يبخلوا ببعض المصالح البسيطة من أجل بناء دولة مدنية قائمة على النظام والقانون. فيما يصف أحد قيادات ساحة التغيير في صنعاء دعوتهم إلى العصيان المدني بأنها خطوة مهمة من برنامج التصعيد الذي سيتواصل حتى الاستجابة لمطلبنا. ويقول محمد المقبلي لـ«الشرق الأوسط» : «إن العصيان المدني وسيلة حضارية سلمية راقية نحاول من خلالها أن نضع النظام في دائرة ضيقة تجبره على تنفيذ مطالبنا، فالحوار كما عرفنا طوال السنوات الماضية لا تجدي معهم، لأنه نظام مراوغ ينقض أي اتفاق، نحن الآن نحاوره بطريقتنا التي ستجعله ينفذها ولن نرجع إلى منازلنا حتى تنفيذ مطالبنا ومطالب الشهداء والمصابين الذين سقطوا من أجل هذه الثورة».