مصر: فشل في حل أزمة محافظة قنا والمتظاهرون يواصلون إغلاق الطرق

17 منظمة حقوقية تتهم «جماعات الإسلام السياسي» بالوقوف وراء الاحتجاجات

عناصر من جماعات الإسلام السياسي يتظاهرون أمام مقر محافظة قنا بجنوب مصر أمس (إ.ب.أ)
TT

في حين اتهمت 17 منظمة حقوقية «جماعات الإسلام السياسي» بالوقوف وراء الاحتجاجات، قالت مصادر محلية في محافظة قنا بجنوب مصر أمس إن مفاوضات بين الحكومة وآلاف المتظاهرين المناوئين لقرار حكومي بتعيين محافظ جديد للمحافظة، فشلت في التوصل لحلول وسط، مما أدى لاستمرار قطع المحتجين شريط السكك الحديدية والطرق السريعة الواصلة بين شمال البلاد وجنوبها، في حين ترددت أنباء عن قيام المحافظ الجديد، وهو اللواء عماد شحاتة ميخائيل، بتقديم استقالته خلال ساعات استجابة للضغوط الشعبية ضده وإصرار المتظاهرين على تعيين محافظ بديل له، إلا أنه لم ترد أي قرارات رسمية حتى إعداد هذا التقرير تؤكد صدق الأنباء من عدمه.

وأوضح مسؤولون محليون أن المفاوضات التي شارك فيها أمس وزيرا الداخلية اللواء منصور العيسوي والتنمية المحلية اللواء محسن النعماني فشلت في إقناع ممثلين عن المتظاهرين وقبائل من قنا بفتح خط السكة الحديد والطرق السريعة والمداخل الرئيسية في قنا.

وقالت المصادر إن المتظاهرين رفضوا إخلاء الطرق وأصروا على عدم التفاوض إلا بعد صدور قرار رسمي من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد، يتم فيه التأكيد على تعيين محافظ جديد بدلا من ميخائيل. وقال اللواء النعماني بعد سماعه المتفاوضين إنه لن يتم فرض أي شيء لا يريده شعب. أما العيسوي فقد أكد أن القرار المقبل سوف يكون في صالح أهالي قنا، ولن يخالف إرادتهم الشعبية، مشيرا إلى أن الموضوع سوف يدرس مع المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لاتخاذ قرار سريع بشأنه. وتابعت المصادر أن قضية محافظة قنا تسببت في أزمة داخل مجلس الوزراء بسبب وجود وجهتي نظر؛ إحداهما ترى أنه يجب إقالة المحافظ الجديد لإنهاء الأزمة، بينما يرى آخرون ضرورة رفض إقالته حفاظا على هيبة الدولة وتجنبا لأزمة جديدة قد تنتج عن إقالة ميخائيل لكونه مسيحيا.

وبدأت المظاهرات في قنا منذ الخميس الماضي بعدما تم الإعلان عن تعيين عدد من المحافظين الجدد في أول حركة تغيير للمحافظين منذ تخلي مبارك عن سلطاته في الحادي عشر من فبراير (شباط) الماضي.

ويقول المتظاهرون إن المحافظ الجديد شارك في انتهاك الحقوق السياسية لعدد من المصريين بمن فيهم مشاركون في ثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أطاحت بحكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك منذ نحو ثلاثة أشهر، حيث اتهم الدكتور أيمن نور مؤسس حزب الغد ومرشح الرئاسة المصرية عام 2005، محافظ قنا الجديد بأنه ممن اتخذوا ضده إجراءات قمعية قبل أربع سنوات، حين كان مسؤولا أثناء عمله بالشرطة، على الرغم من أن مقربين من المحافظ نفوا التهم الموجهة إليه. وقال نور ذلك أمس خلال لقائه بطلاب جامعة جنوب الوادي في قنا. وعلق على رفض عدد من المحافظات المحافظين الجدد بقوله إن اختيار المحافظين والعمد والمشايخ ينبغي أن يكون عن طريق الانتخاب وليس التعيين.

على صعيد متصل، تقدمت 17 منظمة حقوقية مصرية أمس بمذكرة إلى كل من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء اتهمت فيها من وصفتهم بـ«جماعات الإسلام السياسي» من سلفيين وجماعات إسلامية بالوقوف وراء الاحتجاجات. وقالت مصادر حقوقية إن هذا الإجراء جاء بعد أن أعلن المعتصمون في قنا، وللمرة الأولى بشكل واضح، أنهم يريدون محافظا مسلما مدنيا لا ينتمي إلى جهاز الشرطة.

وقالت المذكرة الحقوقية التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها إن الأحداث الجارية في قنا تثير قلق المنظمات والمواطنين الحريصين على وحدة تراب هذا الوطن، وعلى تعزيز قيم المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.

من جانب آخر، تقدم الدكتور أيمن نور بطلب إلى النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود لإعادة النظر في الحكم القضائي الصادر ضده، الذي كان قد قضى بمعاقبته بالسجن لمدة 5 سنوات إثر إدانته بتزوير توكيلات العضوية بالحزب. وقال مصدر قضائي إن النائب العام اتخذ الإجراءات الجنائية حيال الطلب وفقا لقانون الإجراءات الجنائية المصري، الذي يقضي بعرض مثل هذا الطلب على لجنة مشكلة من عدد من مستشاري محكمة النقض ومحكمة الاستئناف لدراسة قبول أو عدم قبول الطلب.

وكان نور قد اتهم النظام المصري السابق برئاسة مبارك بتلفيق تهمة تزوير توكيلات الحزب له، في محاولة لتحجيم الدور السياسي لنور المعارض بشدة لمبارك ومشروع توريث نجله جمال رئاسة البلاد.

ووصف نور قرار النائب العام أمس بأنه «إحقاق للحق» ويؤكد الثقة في نزاهة القضاء وعدالته، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن القرار يثبت أن مصر تتغير فعلا، وتسير نحو الحرية والديمقراطية. وأضاف محاميه أسامه عبد المنعم: «كنا قد تقدمنا إلى النائب العام بالتماس لإعادة المحاكمة. ومن الناحية القانونية، يقوم النائب العام بقبول الالتماس إذا رأى سببا جديا يلقي الشكوك على الحكم الصادر، فيقوم بإحالته إلى محكمة النقض». وتابع: «تعقد محكمة النقض جلسة لنظر القضية ويمكنها أن تصدر حكما بالبراءة أو أن تقرر إحالة القضية من جديد لتنظر أمام دائرة جنائية أخرى غير التي أصدرت الحكم».