شيخ الأزهر ناشد حكام ليبيا وسورية واليمن الموازنة بين متع الدنيا وحرمة الدم

قال: لو فكرنا في السياسة لـ«مات الأزهر».. ودعا الإخوان والسلفيين لمؤتمر «مصر إلى أين؟»

TT

ناشد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر حكام ليبيا وسورية واليمن الموازنة بين متع الدنيا وحرمة الدم، قائلا: «عليهم أن يوازنوا بين التضحية بمنصب الرئاسة والتضحية بدماء شعوبهم»، مؤكدا أنه لا يحق لأي إنسان أن يصدر حكما ضد الرئيس المصري السابق حسني مبارك أو أي شخص آخر تجري محاكمته، حتى ينتهي القضاء ويعلن الرأي القانوني بشأنه. وأعرب الإمام الأكبر عن أسفه من عدم تنسيق المنظمات الإسلامية والعربية مع مؤسسة الأزهر في القضايا العربية المتفجرة في الوقت الراهن، لافتا إلى أن الأزهر ليس ملكا لمصر، ولا يسعى للعب دور سياسي.

وأوضح الإمام الأكبر خلال مؤتمر صحافي عقده أمس بمشيخة الأزهر بالقاهرة أن الأزهر مؤسسة علمية تنشر الفكر الوسطي المعتدل وتحافظ على تراث الأمة وعلومها، مشيرا إلى أن علاقة المؤسسة بالدول الأخرى علاقة نصيحة وإرشاد، وليس من أهدافها تأسيس دولة جامعة يكون شيخ الأزهر رئيس جمهوريتها، مضيفا بقوله: «لو فكر الأزهر وعلماؤه في السياسة لمات الأزهر وفقد مصداقيته لدى الناس، فالأزهر ليس باحثا عن كرسي الحكم ولن نبلغ دعوتنا إلا بالحسنى لا بالمطاوي والجنازير».

وكشف الإمام الأكبر عن قيامه بالاتصال ببعض الدول العربية والإسلامية لبحث الأوضاع في الدول التي بها مواجهات دموية، معتبرا أن هذا الإجراء جاء «بدافع الواجب»، مشيرا إلى وعود تلقتها مؤسسة الأزهر من تلك الدول بإرسال وفود عنها، وقال: «جاءنا الرد من دولة واحدة لكن حتى الآن لم يأت الوفد ولا نعلم الظروف التي حالت دون ذلك».

وقال الطيب إن دور المنظمات الإسلامية في هذا الأمر دور واجب، خاصة منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، والأزهر دوره داعم ومساند للقضايا الحقيقية، وقد أصدر الأزهر أكثر من بيان بعبارات صريحة، ولكن الأزهر ليست له آليات سياسية أو دبلوماسية تمكنه من النفاذ إلى قلب الأحداث التي يتخذ فيها القرار، ومع ذلك وصل صوتنا إلى ليبيا واليمن.

ووجه شيخ الأزهر دعوة لإغاثة كل المحتاجين والمظلومين في الدول العربية التي تشهد مواجهات دموية ماديا ومعنويا، مؤكدا أن الأزهر سبق أن أعلن في بيانات سابقة وقوفه إلى جوار الشعوب العربية المظلومة والمقهورة، ومناشدة حكامها أن يوازنوا بين التضحية بمنصب الرئاسة والتضحية بدماء شعوبهم التي تراق صباح مساء»، وتمنى عليهم لو بادروا بالاستجابة لمطالب شعوبهم التي منحتهم ثقتها عقودا طويلة.

وأضاف الطيب بقوله: «الآن وإزاء ما يجري في سورية من مواجهات دموية بين السوريين المسالمين الذين ينادون بحقهم في الحرية والعدالة وديمقراطية العيش الكريم في درعا وبانياس واللاذقية وحلب وحمص ودمشق وغيرها من المدن، وأيضا ما يجري في اليمن من أحداث مؤسفة منذ أمد طويل، وما يدمي القلب في ليبيا من جراء قتل الأطفال والنساء والشيوخ ومحاصرة المواطنين الآمنين بالأسلحة الفتاكة»، نناشد حكام ليبيا وسورية واليمن أن يوازنوا بين الأعراض الزائلة ومتع الدنيا الفانية، وبين حرمة دماء المسلمين التي عصمتها الشريعة الإسلامية والقيم العربية الأصيلة.

وأهاب الطيب بدولة البحرين أن تواصل ما بذلته من جهود في تأمين العدل والمساواة لكل مواطنيها، وطالب إيران بعدم التدخل في شؤون البحرين وكافة الدول العربية وأن تنظر إلى ما يحدث في العالم العربي من مشكلات على أنه شأن داخلي بحت تتكفل به شعوب هذه المنطقة، وأصحاب الشأن فيها، وذلك درءا للفتنة وحقنا للدماء، وحفظا لحسن الجوار وحقوقه، ودعما لمشروع الحوار بين السنة والشيعة، الذي تحرص كل من إيران والأزهر الشريف على المضي فيه قدما، أملا في تحقيق وحدة المسلمين في العالم كله شرقا وغربا.

وتابع بقوله إن «واجب الأزهر الحقيقي الدعوة للحق والإرشاد والنصيحة، أما الواجب الحركي فيقع على منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي»، معربا عن أسفه لعدم اتصال هذه المنظمات بالأزهر للتنسيق.

وأكد الطيب على أن «الأزهر ليس جهة دبلوماسية أو مؤسسة تعبر عن سياسة دولة بعينها، بل هو للمسلمين جميعا في الشرق والغرب ولا تملكه مصر، وإن كان بها، ومرتبط بمصالح المسلمين العامة في كل مكان»، وذلك في رده على سؤال حول موقف الأزهر من الترحيب المصري بإعادة العلاقات مع إيران.

وحول موقف الأزهر من الحوار مع الفاتيكان، قال الطيب: «موقفنا واضح من الحوار مع الفاتيكان، فقد جمدنا الحوار نظرا لإصرار البابا على الإساءة للإسلام، لكننا لم نغلق باب الحوار ومستعدون لعودته إذا أثبت البابا احترامه للإسلام والمسلمين وعدم التدخل في شأن الدول الإسلامية بدعوى الإساءة إلى المسيحيين». وأوضح الطيب أن الأزهر بدأ في التقريب بين التيارات الدينية المختلفة في مصر، مثل الصوفية والسلفية، منذ فترة، وقد عقدنا مؤتمر أهل السنة والجماعة، ودعونا إليه كبار العلماء المنتمين للتيار السلفي، وسنعقد خلال أسابيع مؤتمرا يحمل عنوان «مصر إلى أين» وسندعو إليه جميع التيارات الموجودة سواء من السلفيين أو جماعة الإخوان المسلمين وسنحاول أن نصل إلى خطاب ذي قسمات واضحة ومشتركة في مصلحة مصر.