تونس: تبرئة الشرطية المتهمة بصفع مفجر الثورة

فادية بعد إطلاقها لـ«الشرق الأوسط»: لقد أنصفني القضاء.. وتعرضت للظلم

فادية حمدي
TT

أصدرت المحكمة الابتدائية في ولاية سيدي بوزيد، وسط تونس، أمس، قرارا بالإفراج عن الشرطية فادية حمدي، 35 عاما، المتهمة بصفع البائع المتجول محمد البوعزيزي، الذي أضرم النار في نفسه احتجاجا، مما تسبب في اندلاع ثورة 14 يناير (كانون الثاني)، والإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي. وقالت حمدي لـ«الشرق الأوسط»، فور خروجها من السجن وبصوت متعب جراء إضرابها عن الطعام لأكثر من عشرين يوما: «الحمد لله، لقد أنصفني القضاء التونسي وأظهر أنني كنت متعرضة للظلم».

وقضت المحكمة بعدم سماع الدعوى في القضية وأغلقت ملفها نهائيا بعد أن قامت عائلة البوعزيزي أمس بإسقاط الدعوى التي كانت رفعتها ضد حمدي. وجرى النطق بالحكم خلال جلسة مغلقة لم يسمح للصحافيين بحضورها وحضرتها فقط عائلتا البوعزيزي وحمدي ومحاموهما. وحول إسقاط الدعوى، قال سالم البوعزيزي، شقيق محمد البوعزيزي، لـ«الشرق الأوسط»: «لقد اجتمعنا ليلة المحاكمة وقررنا بالإجماع التنازل عن القضية تقديرا لروح الشهيد الذي يشهد له جميع من عرفه بالتسامح والبشاشة والكرم». وأضاف: «أنا بنفسي انفعلت في البداية، لكنني سرعان ما تماسكت ووافقت على تقديم طلب إسقاط الدعوى، فالحكم على فادية حمدي بالسجن لن يفيدنا في نهاية الأمر بشيء، كما أن الإحساس بالذنب إن كانت مذنبة (سيبقى معها) طوال حياتها». وحول إمكانية اللجوء لاستئناف الحكم الابتدائي، قال شقيق البوعزيزي: «لقد اتخذنا قرارا عائليا بعدم استئناف الحكم».

واحتشد عشرات من أهالي سيدي بوزيد أمام المحكمة مرددين «الشعب يريد إخراج فادية حمدي من السجن»، فيما عمت مشاعر الفرح مدينة سيدي بوزيد بعد الإفراج عن الشرطية.

وكانت بسمة المناصري، محامية فادية، أعلنت سابقا أن السلطات اعتقلت موكلتها منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي وأبقتها دون محاكمة في إجراء وصفته بأنه خرق للقانون التونسي. ولم يفتح القضاء التونسي ملف الشرطية حمدي إلا يوم 5 أبريل (نيسان) الحالي عندما عين قاضيا جديدا كلفه بالتحقيق في القضية والاستماع إلى الشرطية والشهود. وتم ذلك بعد دخول الشرطية في إضراب مفتوح عن الطعام بالسجن، ووالديها في اعتصام مفتوح بمنزلهما في مدينة منزل بوزيان التابعة لمحافظة سيدي بوزيد.

وذكرت محامية فادية حمدي أن كل الشهود في القضية نفوا أن تكون الشرطية صفعت البوعزيزي إلا شاهدا واحدا، قالت إنه من ذوي السوابق العدلية وسبق له أن حوكم في قضية خيانة أمانة. واتهمت عائلة الشرطية نقابيين وسياسيين بالترويج للصفعة «الوهمية» في وسائل الإعلام العالمية من أجل إثارة الرأي العام المحلي وإطلاق شرارة الاحتجاج على نظام الرئيس المخلوع. وكانت منوبية البوعزيزي والدة محمد البوعزيزي قالت في وقت سابق إن فادية حمدي صفعت ابنها وشتمت أباه المتوفى عندما احتج على مصادرة الشرطة البلدية لعربة كان يبيع عليها الخضار والفاكهة في السوق دون ترخيص بلدي.

وأضرم البوعزيزي النار في نفسه أمام مقر محافظة سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر، احتجاجا على رفض المحافظ قبول تقديمه شكوى ضد أعوان الشرطة البلدية الذين صادروا عربته التي تمثل مورد رزقه الوحيد.

وقالت فادية حمدي في وقت سابق إن رؤساءها في العمل أمروا أعوان الشرطة البلدية بإجلاء أصحاب العربات المجرورة غير الحاملة لتراخيص من أمام مقر محافظة سيدي بوزيد وإنها طلبت من البوعزيزي الانتقال إلى مكان آخر فرفض ما دفعها إلى حجز آلة الوزن التي يستعملها عند بيع الخضار والفاكهة ودعوة زملائها للتعامل معه بموجب القانون الذي يحظر التجارة العشوائية.

واندلعت في تونس يوم 18 ديسمبر الماضي مظاهرات شعبية عمت لاحقا كل مناطق البلاد وأدت إلى الإطاحة بنظام بن علي. وفارق البوعزيزي، 26 عاما، الحياة في 4 يناير الماضي بمستشفى في مدينة بن عروس (10 كلم جنوب العاصمة تونس) متأثرا بالحروق البليغة التي لحقته. وزار بن علي في 28 ديسمبر الماضي البوعزيزي في هذا المستشفى في محاولة فاشلة لامتصاص غضب الرأي العام المحلي وإخماد المظاهرات الشعبية.