السليمانية: تطويق مقرات أحزاب المعارضة.. واعتقال كتاب وصحافيين

في تصعيد خطير من جانب سلطات إقليم كردستان

TT

إثر صدور قرار من اللجنة الأمنية لمحافظة السليمانية بمنع المظاهرات غير المرخص بها ونزول القوات الأمنية إلى ساحة السراي وسط مدينة السليمانية، ثاني أكبر مدينة في إقليم كردستان، لرفع منبر الخطابة هناك، والسعي لتفريق المتظاهرين فيها، على خلفية الأحداث التي شهدتها الساحة قبل يومين من مواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية، التي أسفرت، حسب آخر حصيلة من مستشفى السليمانية، عن وقوع 206 جرحى، معظمهم من عناصر قوات الشرطة المدنية، تحدى محتجو ساحة السراي أمس السلطات المحلية بالمدينة، ونظموا مظاهرتهم اليومية المعتادة، بينما طوقت القوات الأمنية مقرات تابعة للحزبين الإسلاميين (الاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية) المنتميين إلى المعارضة الكردية بقيادة حركة التغيير التي يرأسها نوشيروان مصطفى، الذي تقود حركته الحركة الاحتجاجية في كردستان.

وفي اتصال عاجل لـ«الشرق الأوسط» مع المتحدث الرسمي باسم الجماعة الإسلامية أكد «أن حالة الطوارئ أعلنت في مدينة السليمانية أمس، وأن قوات أمنية كثيفة انتشرت في أرجاء المدينة، منها قوات كبيرة طوقت مقرات تابعة لحزبنا». مضيفا «أن هذا التصعيد الخطير يتحمل نتائجه حزبا السلطة، ويأتي في توقيت سيئ جدا، حيث كانت هناك أجواء مشجعة لاستئناف الحوار والتفاوض من خلال عقد جولة أخرى من المحادثات الخماسية بين حزبي السلطة وأحزاب المعارضة، ونحن نعتقد أن الهدف من هذا التصعيد الخطير هو لأجل إرغام أحزاب المعارضة على الرضوخ لرغبة السلطة بتفريق المظاهرات وإنهاء الاحتجاجات، على الرغم من أن السلطة لم تلب أيا من المطالب الشعبية حتى الآن». وحول رد فعلهم بشأن هذا التصعيد، قال عبد الستار مجيد متحدث الجماعة الإسلامية في تصريحه: «لقد أبلغنا مكاتبنا ومقراتنا وقواعدنا وأعضاءنا المشاركين في المظاهرات إلى توخي أقصى درجات الحذر وضبط النفس وعدم اللجوء إلى العنف لتفويت الفرصة على أحزاب السلطة من توجيه الأحداث إلى مسارات أكثر عنفا».

من جهته، أوضح صلاح الدين بابكر عضو المكتب السياسي للاتحاد الإسلامي الكردستاني، في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن مقراتنا في السليمانية أو أربيل لم تتعرض إلى مضايقات أو التطويق، ولكننا نستغرب هذا التصعيد الخطير من جانب السلطة في السليمانية، خاصة أنه كما كان مقررا أن تبدأ جولة أخرى من المحادثات بيننا وبينهم، ولكن يبدو أن الخارطة قد تغيرت من قبل أحزاب السلطة وبدأوا يوجهون الأحداث إلى مسار آخر، ونحن نؤكد، بهذه المناسبة، أن مثل هذا التصعيد واللجوء إلى أساليب القمع لفض المظاهرات الاحتجاجية لن تخدم أحزاب السلطة، ونحن نأسف لأن هناك البعض ممن يعلقون الآمال على نجاح هذا الأسلوب العنيف بالتعامل مع مطالب الشعب، ولا يرتدعون من الأحداث التي تقع على أطرافنا في المنطقة، فهذا الأسلوب قد عفا عنه الزمن والأحداث الحالية تحتاج إلى المزيد من الحوار والتفاوض لحل مشكلات الإقليم وليس تصعيد الوضع وسوقه إلى مسار العنف.

في غضون ذلك، نقلت مصادر صحافية أن السلطات الأمنية بالمدينة اعتقلت الكاتب الكردي المعروف ريبين هردي وهو أحد قيادات ساحة السراي بالسليمانية، إلى جانب عدد آخر من الصحافيين، الذين كانوا موجودين أمس لتغطية تطورات أحداث الساحة الذين صودرت كاميراتهم ومنعوا من التصوير هناك. وناشد المفكر الكردي بختيار علي والكاتبان البارزان آراس فتاح ومريوان وريا قانع، السلطات المحلية إخلاء سبيل زميلهم هردي فورا ومن دون أي قيد أو شرط، بينما انطلقت حملة في موقع «فيس بوك» تحت عنوان «لا لاعتقال ريبين هردي» لحشد الدعم له ومطالبة السلطات بإطلاقه. وطالت حملة الاعتقالات التي انطلقت أمس عددا كبيرا من الصحافيين، بينهم مديرا تحرير صحيفة «روزنامة» التابعة لحركة التغيير سيروان رشيد وهيوا جمال.

وكانت حكومة الإقليم قد عقدت اجتماعها الأسبوعي أمس ودعا رئيسها برهم صالح خلال ترؤسه الاجتماع إلى الحوار من أجل حل المشكلات القائمة، مشيرا إلى «أن الحل الوحيد للأزمة الراهنة التي تعصف بالمدينة، يتمثل في الحوار ومن دون أي قيود أو شروط مسبقة». ونقل مصدر في مكتب صالح لـ«الشرق الأوسط» أن جزءا كبيرا من اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي كرس للحديث عن التطورات الجارية بالسليمانية خلال اليومين الأخيرين، وأن رئيس الحكومة أكد خلال حديثه مع الوزراء «أنه منذ شهرين تتواصل المظاهرات في السليمانية وبعض المناطق المحيطة بها، التي تحولت إلى أعمال عنف لا يمكن السكوت عنها، ويجب أن نتعامل معها في إطار القانون والمبادئ الديمقراطية ونسعى مع جميع الأطراف إلى احتوائها ومعالجتها». وأشار برهم إلى «أنه لا يجوز أن تتداخل أهداف وأجندات حزبية في تلك المظاهرات خارج إطار الشرعية والإجراءات القانونية، ولذلك ندعو جميع الأطراف إلى سلوك سبيل الحوار والتفاوض لإنهاء هذا الوضع المتأزم، ومن دون وضع شروط مسبقة».