رئيس المجلس الانتقالي الليبي في باريس.. وجوبيه يعارض إرسال قوات كوماندوز إلى ليبيا

وزير الدفاع الفرنسي: الحرب يمكن أن تطول * لندن سترسل مستشارين عسكريين لدى الثوار

ثوار ليبيون جدد مدججون بالأسلحة في طريقهم أمس إلى مدينة اجدابيا للقتال ضد قوات العقيد القذافي (أ.ب)
TT

يستقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ظهر اليوم، رئيس المجلس الوطني الليبي الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، الذي وصل إلى باريس في إطار جولة شملت قطر وإيطاليا، وهي الدول التي اعترفت بالمعارضة الليبية ممثلة للشعب الليبي.

وجاء في بيان مقتضب صادر عن قصر الإليزيه: إن ساركوزي سيبحث مع عبد الجليل «الوضع في ليبيا ومسار الانتقال الديمقراطي» في هذا البلد، من غير إعطاء مزيد من التفاصيل.

تأتي زيارة عبد الجليل إلى فرنسا، التي تتزعم، مع بريطانيا، التيار الغربي المتشدد في التعامل مع نظام العقيد معمر القذافي، على خلفية عجز المعارضة الليبية المسلحة المدعومة بعمليات جوية أطلسية عن حسم الوضع عسكريا والإطاحة بالقذافي.

وعبر وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه، أكثر من مرة، في الأيام الثلاثة الأخيرة، عن قلق باريس من استمرار العمليات العسكرية ووصولها إلى طريق مسدود. وبعد أن كان لونغيه يؤكد، في بداية الضربات الجوية في 19 من الشهر الماضي، بروز مؤشرات على «تفسخ» النظام الليبي وقرب انهياره، أخذ يعرب عن تخوفه من أن «الحرب ستطول». وذهب رئيس اللجنة الخارجية في البرلمان الفرنسي، أكسيل بونياتوفسكي، إلى المطالبة بإرسال «وحدات كوماندوز» أطلسية، تتكون من 200 إلى 300 رجل، إلى ليبيا، تكون مهمتها مساعدة الطيران الأطلسي على تحديد الأهداف الواجب قصفها وتحاشي «الغرق» في الرمال الليبية. واعتبر بونياتوفسكي أن الوضع في ليبيا يتجه نحو «انزلاق لا فائدة منه وإلى خسائر بشرية كبيرة إن لم يتم إرسال قوات خاصة تكون حلقة الوصل بين تحديد الأهداف والضربات العسكرية» الأطلسية.

غير أن وزير الخارجية آلان جوبيه سارع إلى الإعلان عن رفضه السير في مشروع كهذا، وقال، في لقاء مع الصحافة، أمس، إنه يعود للمعارضة الليبية المسلحة أن تقوم بهذه المهمة. وجدد جوبيه رفضه إرسال قوات أرضية إلى ليبيا، راميا الكرة في ملعب المعارضة الليبية المسلحة. وقال جوبيه: إن الوضع العسكري في ليبيا «صعب» و«ملتبس»، وإن الغرب أساء تقدير قدرات القذافي على تكييف تكتيكاته ردا على التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي.

وتبدو باريس مصابة بنوع من الإحباط بسبب المسار الذي تسلكه الأحداث في ليبيا ولنجاح القذافي في امتصاص الضربات الجوية، وتحقيق تقدم ميداني شرق البلاد وغربها. وإذا كانت فرنسا، ومعها بريطانيا والولايات المتحدة، تطالب بتنحي القذافي، فإنها تبدو عاجزة حتى الآن عن توفير الوسيلة المناسبة لذلك، التي يمكن أن تكون إما عبر تسليح المعارضة بشكل كاف وتمكينها من دحر دبابات ومدفعية القذافي وإما عبر إرسال قوات ميدانية أطلسية. والحال أن الدول الغربية لم تحسم أمرها بعدُ؛ لذا فإن باريس تحمل الحلف الأطلسي مسؤولية الغرق في الرمال الليبية وهو ما أشار إليه جوبيه مجددا، أمس، بقوله: إنه على الرغم من أن «الأحوال الجوية لم تكن دائما ملائمة (في الأيام الأخيرة)، فإن مدفعا يمكن أن يرصد»، في إشارة منه إلى أن الحلف الأطلسي لا يقوم بما يلزم في ليبيا.

كان الرئيسان الفرنسي والأميركي ورئيس الحكومة البريطانية قد طالبوا معا، يوم السبت الماضي، بـ«رحيل» القذافي عن السلطة؛ لأنه «فقد كل شرعية»، معتبرين أنه «من المستحيل تصور مستقبل ليبيا بوجود القذافي». لكن الفرق شاسع بين المطالبة بتنحي القذافي وإلزامه بذلك. وحتى اليوم لا يبدو أن أيا من القادة الثلاثة، ومعهم الحلف الأطلسي، يملك المفتاح السحري الذي سيجبر الزعيم الليبي الموجود في السلطة منذ عام 1969 على الرحيل، خصوصا أن أيا منهم لا يريد إرسال قوات برية.

في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، أمس، أن لندن سترسل مستشارين عسكريين لدى المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل المقاومة الليبية.

وأوضح بيان للخارجية البريطانية أن فريقا من «العسكريين الخبراء» سيعزز الخلية الدبلوماسية البريطانية هناك. وأضاف البيان أن هذا الفريق «سيقدم المشورة إلى المجلس الوطني الانتقالي حول طريقة تحسين بنى تنظيمه العسكري ووسائل اتصالاته وقدراته العملانية، وحول أفضل الوسائل لتوزيع المساعدة الإنسانية والطبية».

وأوضحت الوزارة أن إرسال هؤلاء المستشارين «يتطابق تماما مع بنود قرار الأمم المتحدة رقم 1973 الذي ينص على حماية المدنيين، لكنه يستبعد إرسال أي قوة احتلال إلى الأراضي الليبية». وأضاف البيان أن الجنود البريطانيين لن «يشتركوا في تدريب قوات المعارضة أو تسليحها ولن يشاركوا في تحضير أو تنفيذ عمليات المجلس الوطني الانتقالي».