قائد عسكري في «الناتو»: سنستمر في عملياتنا ضد قوات القذافي حتى يتراجع عن استعمال القوة ضد المدنيين

الحلف الأطلسي يصف الوضع في ليبيا بالغامض

TT

وصف قائد عسكري في حلف شمال الأطلسي (الناتو) الوضع في ليبيا بالغامض، مجددا تأكيد «الناتو» الاستمرار في العمليات التي يقوم بها، بناء على تكليف من الأمم المتحدة، حتى تكون هناك إشارة تدل على توقف نظام العقيد معمر القذافي عن تهديد المواطنين.

وقال بيان صدر عن مقر الحلف ببروكسل: إنه من خلال غارات استهدفت قوات القذافي، تم توجيه ضربات متعددة ضد منشآت القيادة والسيطرة لنظام القذافي، بما في ذلك البنية التحتية للاتصالات التي تُستخدم في تنسيق الهجمات ضد المدنيين. في الوقت نفسه، أكد «الناتو» الاستمرار في تنسيق المواقف مع الأطراف الدولية المختلفة، خاصة في مجال المساعدات الإنسانية، مشيرا إلى عقد اجتماع قريب مع الاتحاد الأوروبي حول هذا الموضوع.

من جانبه، عبر العميد مارك فان هيم، القائد العسكري في حلف شمال الأطلسي، عن قدرة الحلف على التكيف مع الوضع المتغير على الأرض في ليبيا، واصفا الوضع على الأرض بـ«الغامض» في هذا البلد. وأشار فان هيم، في مؤتمر صحافي عقده في بروكسل، إلى أن «الناتو» سيواصل عملياته إذا اقتضى الأمر ذلك. وأضاف: «سنستمر في عملياتنا ضد قوات القذافي حتى تظهر إشارات جدية تدل على تراجع القذافي عن استعمال القوة ضد المدنيين».

وأوضح القائد العسكري أنه لا توجد إشارات حتى الآن تدل على أن القذافي قد يتراجع عن قتل المدنيين، مؤكدا أن القائمين على عمليات الحلف في ليبيا يعملون كل ما بوسعهم لتفادي وقوع ضحايا بين المدنيين.

وحول الوضع في مصراتة، أشار فان هيم إلى أن «الناتو» يعمل من أجل تأمين ممر آمن للمساعدات الإنسانية، ولإجلاء المواطنين من هذه المدينة، وما يحيط بها، وقال: «إن أمر إدارة الشق الإنساني في الأزمة الليبية يعود إلى الأمم المتحدة، لكننا نقوم بما هو في وسعنا». وأوضح أن أفضل طريقة لتحسين الوضع في مصراتة هي توقف قوات القذافي عن قصف المدينة وقتل المواطنين.

وأضاف: إن «(الناتو) ينفذ ما يطلب منه من قبل الأمم المتحدة، ونحن نعمل بشكل خاص على تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بليبيا». وزاد قائلا: إن الحلف أصبح متأكدا الآن من أنه لا توجد إشارة على وجود خروقات لحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، وهو ما يعني أن (الناتو) يحقق الكثير من النجاحات في عمله».

من جانبها، جددت أونا لوجينسكو، المتحدثة باسم الحلف، القول: إن الحلف مصر على متابعة العمل لإجبار القذافي على التوقف عن استخدام السلاح ضد شعبه. وأضافت: «نحن نبحث عن حل سلمي للأزمة، لكن هذا الحل لا يمكن أن يمر إلا عبر رحيل القذافي». وأكدت لوجينسكو أن الحلف يتابع مشاوراته مع جميع الأطراف من أجل تعزيز التنسيق في ليبيا، مشيرة إلى اجتماع غير رسمي من المقرر أن يعقد خلال الأيام القليلة المقبلة بين ممثلين عن «الناتو» وعن الاتحاد الأوروبي. وقالت: «إن الهدف من هذا الاجتماع هو متابعة النقاش بشأن كيفية إدارة المسار الإنساني في الأزمة الليبية».

على الجانب المقابل، أكد الاتحاد الأوروبي أن تحضيراته لا تزال جارية من أجل إطلاق أي عمل إنساني مقبل بشأن ليبيا، موضحا، حسب مصادره، أن الاتحاد لا يزال ينتظر الضوء الأخضر من الأمم المتحدة من أجل تفعيل عملية «يورو فور ليبيا»، التي تروم إلى العمل على تسليم مساعدات إنسانية لضحايا النزاع في ليبيا، وإخلاء الجرحى والأشخاص الراغبين بالرحيل، وذلك كله باستخدام وسائل عسكرية.

كان رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومباي قد أكد ضرورة رحيل القذافي عن السلطة في ليبيا، وشدد على الحاجة لإبقاء الضغط العسكري على كتائبه التي تهاجم المدنيين العزل في ليبيا. وقال فان رومباي، في حديث أذاعه مكتبه في بروكسل، وأدلى به إلى محطة «تي في 5» الفرنسية: إن حلف الناتو يتحمل مسؤولية التحرك العسكري في ليبيا، وعلى المجتمع الدولي التحقق من رحيل القذافي بوصفه الهدف الرئيسي. ودعا فان رومباي إلى الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي كممثل شرعي وحيد للشعب الليبي. وقال إنه يوجد بعض التباين في موقف دول أوروبية حول المسألة، لكن المجلس يظل «محاورا شرعيا تماما». ولم يستبعد فان رومباي تنفيذ الاتحاد الأوروبي لمهمة إنسانية بغطاء عسكري لنجدة المدنيين في ليبيا، مشيرا إلى أن بروكسل بحاجة إلى تفويض دولي لهذا الشأن. يأتي ذلك بينما سمح البرلمان الإسباني لحكومة مدريد بتمديد مشاركة القوات الإسبانية في البعثة الدولية بليبيا، مدة شهرين آخرين. وجاء قرار البرلمان الإسباني بناء على طلب وزيرة الدفاع كارمن شاكون، التي عولت، في وقت سابق، أمام لجنة الدفاع بمجلس النواب على استمرار مشاركة بلادها في العملية التي تنفذها القوات الدولية بليبيا أمام «عدم التوصل إلى حل فوري» للأزمة. كانت شاكون قد أكدت في مداخلتها أن العمليات العسكرية التي ترعاها الأمم المتحدة «ليست الحل» بالنسبة للنزاع الليبي، على الرغم من أنها «تدفع وتدعم وتتعاون» في إيجاد مخرج للأزمة. وشددت على أن حل النزاع الليبي «ليس عسكريا صرفا»، مشيرة إلى ضرورة اللجوء لـ«الطرق السياسية والدبلوماسية» لإحلال سلام دائم، كما أقرت بأنه ليس ممكنا التكهن بالمشهد النهائي للملف الليبي حاليا.

من جهة أخرى، ذكرت شاكون أن إجمالي تكلفة المشاركة الإسبانية في العمليات الدولية، بما فيها فترة التمديد، ستبلغ 43 مليون يورو. وأعلنت أيضا أن إسبانيا ستسهم بطائرة إضافية في البعثة الدولية بليبيا، بناء على طلب «الناتو»؛ نظرا لأن العمليات الجوية أصبحت طويلة المدى، وتتطلب في كثير من الأحيان تزويد الطائرات بالوقود.

على صعيد متصل، أكدت شاكون أن القذافي فقد «جميع شرعيته» كحاكم لليبيا، مشيرة إلى أن البلد العربي لا بد أن يعيش في المستقبل «من دونه»، على الرغم من أن الحكومة البريطانية تسعى لإضافة اسم قرينة العقيد الليبي معمر القذافي إلى القائمة السوداء التي وضعتها الأمم المتحدة من أجل معاقبة عناصر نظامه، بسبب خشيتها من إمكانية استخدام ثروتها في تعزيز حكم زوجها ودعم الهجمات التي يشنها على المدنيين.