بن عثمان لـ«الشرق الأوسط»: «القاعدة» لا وجود لها في الأراضي الليبية

قيادي سابق في الجماعة: كوسا لعب دورا إيجابيا في تفنيد مزاعم النظام بأن تنظيم بن لادن خلف الثورة

ثلاثة من قيادات مجلس شورى «الجماعة الليبية المقاتلة» السابقين عبد المنعم مختار (يمين) ونعمان بن عثمان، وقيادي ثالث تم التحفظ على هويته «الصورة التقطت في هراة عام 2005 («الشرق الأوسط»)
TT

أكد نعمان بن عثمان، القيادي السابق في الجماعة الليبية المقاتلة، وكبير محللي مؤسسة «كويليام للأبحاث ومكافحة التطرف» في لندن، أن عبد المنعم مختار المدهون، الملقب «عروة»، وعضو مجلس شورى الجماعة، الذي قتل في كمين على يد قوات العقيد معمر القذافي الأسبوع الماضي على طريق ترابي في شرق ليبيا، لم يلتحق أبدا بتنظيم القاعدة رغم وجوده في أفغانستان، وانضمام أبي الليث القاسمي وأبي يحيى الليبي إلى تنظيم أسامة بن لادن عام 2007. وأرسل بن عثمان صورة خاصة إلى «الشرق الأوسط» تجمعه بعبد المنعم مختار وقيادي آخر، وثلاثتهم كانوا أعضاء سابقين في مجلس شورى «المقاتلة»، التقطت في هراة (أفغانستان) عام 2005. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن عبد المنعم مختار، وهو من مواليد صبراتة، ذهب إلى إيران بعد هجمات سبتمبر (أيلول)، واعتقل هناك، ووضع تحت الإقامة الجبرية مع عدد كبير من الأصوليين يقدر عددهم بنحو 100 عائلة عربية، ضمن سعي إيران لمقايضتهم والمساومة بهم حسب مصالحها الخاصة، قبل أن يفرج عنه العام الماضي».

وأكد بن عثمان أن «عروة» لم ينضم إلى «القاعدة»، رغم ظهور أبي الليث في شريط مع أيمن الظواهري عام 2007، أعلنا فيه انضمام «المقاتلة» إلى تنظيم القاعدة.

وأوضح بن عثمان أن «عروة»، وهو شخصية عسكرية في المقام الأول، رغم طول معارضته لنظام القذافي، فإنه أيد الحوار مع النظام ومراجعات «المقاتلة» التي ظهرت في كتاب «الدراسات التصحيحية»، مشيرا إلى أنه لم يعرف عنه حالة التطرف والغلو، بل كان رحمة الله عليه شخصا كثير المزاح.

وقال بن عثمان إن عبد المنعم مختار كان يمتاز بذكاء غير طبيعي لا يعرفه إلا من خالطه، وتعامل معه واقترب منه، وكنت أمازحه بالقول: أنت تعرف كل شيء إلا علم النفس. وكان يرد قائلا: أعطني كتابا في علم النفس، وأنا مستعد لمناظرتك فيه بعد أسبوع.

وذكر بن عثمان أنه بعد عودته إلى ليبيا التحق بالثوار، وعمل تحت قيادة المجلس الوطني قائدا لكتيبة عمر المختار، وهي تضم نحو 160 من الثوار. وكانت أمنيته في الحياة هي العودة إلى مدينة صبراتة مسقط رأسه، والعيش مع زوجته وأطفاله، وهو متزوج من سيدة جزائرية، وينتمي إلى عائلة معروفة وميسورة الحال.

وكشف أن «القاعدة» فشلت منذ تأسيسها عام 1988 حتى اليوم في تكوين تنظيم أو خلايا لها داخل ليبيا، واقتصر عدد الأفراد الذين أرسلتهم إلى ليبيا في العقد الأول من التسعينات على شخصين هما أبي جعفر، الذي اعتقل وسجن، وآخر اسمه أبي عكرمة، الذي اعتقل عدة سنوات قبل أن يفرج عنه، أما خلال فترة حرب العراق فقد أرسل أبو مصعب الزرقاوي مساعدا له لتجنيد إسلاميين ليبيين لإشراكهم في الحرب الدائرة ضد الأميركيين، وتم القبض عليه، على ما يعتقد بن عثمان، في مدينة سرت.

وأشار إلى أن نظام القذافي يلصق تهمة «القاعدة» بأعضاء سابقين في «المقاتلة»، بالإضافة إلى شباب صغير السن كان متأثرا بحرب العراق. وبصفة عامة تنظيم القاعدة لا وجود له في الأراضي الليبية، وغير مرحب به.

وقال بن عثمان إن مختار شارك في سنوات الجهاد الأفغاني، وهناك التحق بالجماعة المقاتلة. وكشف أن قيادات «المقاتلة» الموجودين في الشارع الليبي لهم دور رئيسي في مكافحة الغلو والتطرف. وأكد أنه لا يوجد في السجون الليبية إلى مصطفى قنيفيد الملقب «الزبير»، القائد العسكري للجماعة المقاتلة، أما باقي القيادات فقد أفرج عنها من سجن بوسليم، مثل أبو المنذر الساعدي، وعبد الله الصادق، وإدريس الشقيق الأكبر لأبي يحيى الليبي، منظر «القاعدة»، ونائب أمير الجماعة أبي حازم خالد الشريف.

وأكد أن الإسلاميين الذين خرجوا من السجون الليبية التحقوا بالثوار كأفراد وليس كجماعة أو تنظيم، مشيرا إلى أنه «كان يقاتل فقط من أجل تحرير ليبيا».

وقتل مختار لتكون نهاية رحلة حربه كمجاهد في أفغانستان ثم العودة إلى دياره حيث مات جنبا إلى جنب مع عدد من الثوار المدعومين من حلف شمال الأطلسي في محاولة للإطاحة بالعقيد القذافي، الذي يوجد في سدة الحكم منذ فترة طويلة. ووصل مختار، الذي يبلغ من العمر 41 عاما، إلى أفغانستان في العشرين من عمره أي عام 1990 عندما كان المجاهدون يقاتلون النظام العميل الذي وضعه السوفيات قبل انسحابهم بعد حرب استمرت لمدة عشر سنوات.

حارب مختار مدة ثلاث سنوات في حقول وجبال خوست وقندهار تحت قيادة جلال الدين حقاني، ذلك القائد البارز الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة خلال الحرب السوفياتية ولكنه أصبح الآن واحدا من أشرس أعداء الولايات المتحدة في أفغانستان.

وذهب ما لا يقل عن 500 ليبي إلى أفغانستان لقتال السوفيات بينهم نعمان بن عثمان وعبد المنعم مختار وأبي يحيى وأبي الليث الليبي وأبي المنذر الساعدي وعبد الله الصادق.

وعن كيفية حسم المعركة الدائرة في ليبيا بين الثوار وكتائب القذافي، قال بن عثمان إنه لن يحدث تقدم إلا بالتصعيد من أحد الطرفين، والظروف غير مواتية لنجاح أي مبادرة سياسية يتفق عليها الطرفين، ولذا فإن الصراع على الوضع الحالي قابل للاستمرار حتى نهاية العام.

وكشف بن عثمان أن موسى كوسا، مدير الاستخبارات الليبية الأسبق وزير الخارجية السابق، عمل منذ وصوله إلى لندن منشقا عن العقيد الليبي على تفنيد مزاعم القذافي بوجود «القاعدة» في ليبيا، والقول إنها الواجهة التي تقف خلف هذه الثورة. واقتنعت معظم مراكز صناع القرار، وأبدت ارتياحها لتقييمه ووجهة نظره. وقال: كنت على اتصال هاتفي مع كوسا وأكد لي تبنيه وجهة نظر عدم وجود خلايا لـ«القاعدة» في لبيبا.

وأوضح بن عثمان أن العديد من أعضاء الجماعة، بما في ذلك «عروة»، اضطروا للفرار إلى الخارج، حيث ترك مختار ليبيا في أواخر عقد التسعينات من القرن الماضي، وعاد بعد اندلاع الانتفاضة الحالية.

وكانت الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة قد أعلنت تخليها عن العنف في 2009، بعد مفاوضات استمرت نحو ثلاث سنوات مع السلطات الليبية، بما في ذلك نجل القذافي سيف الإسلام. وأصدرت الجماعة بيانا في ذلك الوقت أكدت فيه على أنها لم يكن لها أي صلة بتنظيم القاعدة في الماضي أو الآن.

وكجزء من المفاوضات، أفرجت الحكومة الليبية عن أكثر من 100 عضو من أعضاء الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة في السنوات الأخيرة. وتعتقد السلطات البريطانية أن «المقاتلة» أوفت بعهدها بوقف العنف، وأنها ليست على علاقة بتنظيم القاعدة، على الرغم من الاعتراف بأن ليبيين آخرين يشغلون مناصب عليا في التسلسل الهرمي للجماعة الإرهابية، بما في ذلك أبو يحيى الليبي، قائد تنظيم القاعدة في أفغانستان.