«لقد توجهوا إلى شرق ليبيا بعد أن طلب منهم الذهاب إلى هناك لمحاربة أسامة بن لادن، لكنهم لم يجدوه، وعندها أطلقوا النار على أبناء وطنهم، من دون أن يعلموا ذلك، ليقبعوا اليوم في سجن الثوار في بنغازي»، هكذا يقول مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في بنغازي.
وكثيرا ما يتهم المعارضون العقيد معمر القذافي باستخدام «مرتزقة» أفارقة في قمع حركة الاحتجاج المناوئة لنظام طرابلس، كما لو أنه لا يوجد قتال بين الليبيين أنفسهم. ويقول عمر، 31 سنة، الذي يربط ذراعه المكسورة بشاش أبيض وقطعة خشبية «لست من المرتزقة، أنا ليبي. كنت جنديا في ودان (وسط). قالوا لي إن بن لادن في بنغازي (شرق). لم أكن ادري شيئا عن الثورة». ويضيف متنهدا «وقعت في أسر الثوار خلال معارك البريقة. وأنا محتجز هنا منذ تسعة أيام»، وقد جلس على وسادة على الأرض في زنزانة يتقاسمها مع عشرة أسرى آخرين يبدون مثل المومياوات تحت أغطيتهم الصوفية.
ويؤكد الكثير من هؤلاء أنهم أرسلوا أو ذهبوا طوعا إلى الجبهة من دون أن يعرفوا عدوهم. ويقول رجل متجهم الوجه فضل عدم ذكر اسمه «أنا من شمال طرابلس. وكما تعلمون لا وجود هناك لقناة (الجزيرة). وتلفزيون الدولة يطلب من الشباب الذهاب للقتال في الشرق لأن (القاعدة) موجودة هناك مع مرتزقة جاءوا من أفغانستان لغزو بلادنا».
وأضاف خلف قضبان زنزانة مشتركة في هذا السجن ذي الجدران البيضاء المضاء بمصابيح نيون بيضاء اللون يغطيها الغبار «وصلت إلى البريقة. وعندما رأيت أنه لا وجود لـ(القاعدة) وإنما للثوار سلمت نفسي. ومع ذلك حدث تبادل إطلاق نار وأصبت في ذراعي».
ويقبع نحو 69 رجلا، أسرهم الثوار الذين يسيطرون على شرق البلاد الذي يديره المجلس الوطني الانتقالي، في هذا السجن الذي كان في عهد القذافي «إصلاحية للأحداث»، قبل أن يحوله الثوار إلى سجن عسكري.
ويوجد ضمن المجموعة جزائري وسوري وغيني وتشادي يشتبه في أنهم مرتزقة يعملون لحساب القذافي، إلا أنهم جميعا ينفون ذلك. ويقول جمال، وهو نحيف وطويل القامة له لحية كثة ومحتجز منذ 12 يوما «أقيم في بنغازي. وأعمل تاجرا في السوق، لكن ليست لدي أوراق هوية. كنت متجها إلى أجدابيا حين أوقفني الثوار الذين اتهموني بأنني من المرتزقة لأنني أرتدي هذا البنطلون الكاكي. لكنني لست مرتزقا».
واتهم الثوار الليبيون مطلع الشهر الحالي الجزائر بدعم القذافي وبـ«إغماض عينيها» عن وصول المرتزقة. والأسبوع الماضي أكدوا أنهم اسروا 15 جزائريا من المرتزقة في أجدابيا، قتل ثلاثة منهم في المعارك. ويؤكد المجلس الوطني الانتقالي أن الأسرى الذين حاربوا لحساب القذافي سيحاكون أمام محكمة عسكرية. وردا على سؤال عما إذا كانوا سيعودون إلى محاربة الثوار إذا ما أطلق سراحهم، قال أحد الأسرى، وهو أسود اللون من أبناء سبها (جنوب)، إنه سؤال «صعب». وأضاف «في الجانبين هناك ليبيون. إنني مع أفكار الثوار، لكنني لا أريد الذهاب إلى الجبهة لإطلاق النار على شقيق ليبي لا يعرف مثلي لماذا يحارب».