أطفال مصر يدخلون على خط المظاهرات الفئوية

«العيال كبرت».. وهتفوا: «الشعب يريد تغيير الميس والكنتين»

أطفال مصر دخلوا على خط الاعتصامات والمظاهرات الفئوية التي فجرتها روح ثورة 25 يناير (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

دخل أطفال مصر على خط الاعتصامات والمظاهرات الفئوية التي فجرتها روح ثورة «25 يناير (كانون الثاني)» في أرجاء البلاد للمطالبة بالحقوق المهدرة، وتحسين الأوضاع المعيشية. لكن الطريف في الأمر أن مظاهرات الأطفال التي اتسمت بمسحة من البراءة والعفوية، لفتت إلى وعي بحقوقهم، ومقدرة على الانتقاد والمقارنة بين الأشياء.

تحت هذه المظلة تظاهر أطفال في مدرسة الخلفاء الراشدين بحي المعادي، جنوب القاهرة ضد عمال «الكنتين» (المقصف التجاري) بالمدرسة، وتحدث الطفل باسل نبيل نظمي، في الصف الثالث الابتدائي قائلا: «الأطفال قاموا بمظاهرة مرددين شعار: (الشعب يريد إسقاط الكنتين) اعتراضا على الأسعار التي يبيع بها البسكوت والحلويات»، مشددا على أنه «لازم تكون أسعاره مثل المحلات في خارج المدرسة»، مما أدى إلى تجمع كل الأطفال وإحداث فوضى في كل أركان المدرسة، وصل صداها إلى المنازل المجاورة، مما استدعى تدخل مدير المدرسة لاحتواء الأزمة وتهدئة الأطفال دون وقوع خسائر. وفي مدرسة «صحارى سكول» بقلب ميدان رمسيس بالقاهرة، احتشد عدد كبير من أطفال المرحلة الابتدائية في فناء المدرسة، منهم الطفل جيروم القس مكاري، الذي قال إن الأطفال أعلنوا اعتراضهم وبشكل صريح على إحدى المعلمات بالمدرسة وهتفوا: «الشعب يريد إسقاط الميس». وطالب الأطفال بتغيير المعلمة وإحضار أخرى يحبونها.وفي مدينة السويس، أحد معاقل ثورة «25 يناير»، اعترض عدد كبير من طلاب «مدرسة أشرف عبد الدايم الجديدة»، وتجمهروا في فناء المدرسة معلنين حالة من العصيان المدني وعدم ذهابهم للفصول إلا بعد عودة حصة الألعاب (التربية البدنية) التي كانت قد ألغيت بسبب تكدس المنهج الدراسي على الطلاب، جراء الظروف التي واكبت الثورة. كما تظاهر المئات من طلاب المدارس بمدينة بنها بمحافظة القليوبية المتاخمة للقاهرة أمام مبنى مديرية التربية والتعليم مطالبين بمنع الضرب واللجوء على العنف في المدارس، وزيادة زمن الفسحة والاهتمام بالأنشطة الموسيقية والمسرحية.

ومن محافظة الشرقية، تظاهر عدد كبير من أطفال إحدى قرى مدينة بلبيس أمام مقر التلفزيون بماسبيرو في القاهرة، للمطالبة ببناء مدرسة ابتدائية لهم في القرية بدلا من المسافة التي يقطعونها يوميا للتوجه إلى إحدى المدارس بالقرى المجاورة.

عماد عبد الله، اختصاصي في علم النفس التربوي يعلق على المشهد قائلا: «لا تندهش، ففي حضن الثورة أصبح حتى الأطفال في مصر يعترضون ويغضبون بل يتظاهرون، عند رؤية ما يضايقهم أو يسلبهم حقهم، ولإحساسهم أنهم بعد الثورة أصبحوا أحرارا، وهو ما يستدعي إعادة النظر في كثير من المفاهيم والسلوكيات التي نربي أبناءنا عليها، فيجب أن يتعلموا أن يرفضوا كل ما هو ظالم أو مجحف، وأن يعبروا عن رأيهم بطرق مشروعة، وأن الطاعة العمياء ليست هي السبيل الوحيد للحياة».

وحول ملامح هذا الوعي الجديد لدى الأطفال ودوافعه، يوضح عماد أنه «مع اتساع مشهد الثورة وتداعياتها في المجتمع، خاصة في القنوات التلفزيونية، أصبح أغلب الأطفال يسألون آباءهم عن معنى كلمة (ثورة)، ومعنى (إسقاط النظام)، وأصبح لا مناص من عدم الإجابة أو الهروب بحيل مختلفة. الطفل يريد أن يفهم، وأن يقتنع.. أن يقلد أيضا هذا السلوك. ومن ثم، لا مفر من أن يبسّط الآباء لهم الإجابة بشكل واضح ومحدد. فإسقاط النظام يعني (نشيل الحكومة الوحشة ونجيب حكومة تانية حلوة)، وكلمة (ثورة) تعني رفض الظلم والذل، والمطالبة بحياة عادلة وجميلة. يعزز ذلك خيال الطفل المولع بالمغامرات والمفاجآت، ومشاهد الثورة وتداعياتها غذت هذا بقوة في وجدانه وخياله».