مع قرار تعليق المظاهرات المليونية، التي نجحت في الإطاحة بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وأدت إلى خلخلة الأرضية السياسية في منطقة الشرق الأوسط، تراجع ائتلاف شباب الثورة عن المشهد السياسي، بعد أن تصدره منذ بداية الاحتجاجات في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسط تساؤلات حول تأثير هذا التراجع على زخم الثورة والتحديات التي تواجهها، وقدرة شبابها على التأثير في صنع القرار.
قيادات الائتلاف من جهتها ترى أن هناك محاولة لتحجيم دورهم على الساحة، معربين عن تقديرهم بأن ممارسات «شبه عقابية» تمارس بحقهم، منها تجاهلهم إعلاميا، مع محاولة إبراز وجوه جديدة «ليست لديها تحفظات على طريقة إدارة الأمور خلال المرحلة الحالية».
وربطت قيادات الائتلاف هذا التوجه الجديد، بإصدارهم بيانا قالوا إنه «حمل نقدا عنيفا.. كان بيانا قويا، ربما أغضب البعض»، في إشارة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى السلطة في البلاد.
واتسمت العلاقة بين المجلس العسكري وشباب الائتلاف الذي يضم 9 تنظيمات حزبية وحركات احتجاجية، بالشد والجذب في إطار «صراع هادئ»، فيما احتفظ الائتلاف بالقدرة على المبادرة، بحسب مراقبين، مع حشده للمظاهرات المليونية بميدان التحرير في قلب العاصمة المصرية.
وعلق الائتلاف المظاهرات المليونية مطلع الأسبوع الماضي مع بدء التحقيق مع مبارك ونجليه وعدد من المسؤولين الكبار، الذي كان مطلبا رئيسيا للائتلاف.
ويرى مراقبون أن المرحلة المقبلة ستشهد تمايزات بين الشباب المنضوي داخل الائتلاف مع تراجع المطالب الثورية لحساب الاستحقاقات السياسية، وقال كمال خليل، الناشط اليساري، الذي يحظى بتقدير شباب الثورة، إن «الائتلاف لا يعبر عن توجه سياسي واضح فهو تكتل يتفاعل مع الواقع وفق مقتضيات الضرورة وتحديات اللحظة.. لذلك نفهم اليوم حاجتهم للتجاوب مع مبادرات من قبيل تشكيل تيار استقلال وطني لضم العناصر الفاعلة في الثورة بعيدا عن الأحزاب السياسية».
وتؤكد قيادات ائتلاف شباب الثورة أنها تعي بما تفرضه «فكرة الائتلاف» على مستقبلهم السياسي، وتقول سالي توما، عضو الائتلاف «إنه ليس من المنطقي أن تتماهى 9 فصائل مختلفة سياسيا داخل كيان تنظيمي واحد.. الائتلاف جاء بهدف إحداث التغيير في البلاد وقد تحقق جانب كبير من هذا التغيير ويبقى أن نكمل المسيرة».
وأضافت توما أن وعي الائتلاف بهذه الحقيقة دفعهم لعقد جلسات عمل حول رؤيتهم للمستقبل خلال المرحلة المقبلة، وخلصت إلى التأكيد على ضرورة أن يظل الائتلاف وسيلة للضغط وتأمين المرحلة الانتقالية حتى انتخابات رئاسة الجمهورية ووضع دستور جديد في الشهور المقبلة.
وتعهد شادي حرب، عضو الائتلاف، بالدفاع عن مكتسبات الثورة، مؤكدا أنه لا تراجع عن العودة إلى الميدان في حال حدوث «أي انحراف عن مبادئها»، مشيرا إلى أنه رغم ما شهدته الساحة السياسية في مصر من أحداث وقرارات لم تكن موضع إجماع، فإن الائتلاف أظهر تماسكا وقدرة على مواجهة التحديات.
وقلل شادي حرب من أهمية ظهور وجوه جديدة على الساحة كممثلين عن شباب الثورة، دون أن ينفي أن هذا الإجراء يعد جانبا من سيناريو لتحجيم دور الائتلاف، مؤكدا أن شباب الائتلاف لا يبحثون عن دور. ويستعد ائتلاف شباب الثورة لتنظيم وقفة تحت شعار «العدالة الاجتماعية» مطلع مايو (أيار) المقبل، الذي يوافق عيد العمال في مصر، ويسعى الائتلاف للتنسيق مع عمال جماعة الإخوان المسلمين لضمان نجاح تحركهم الجماهيري.
وتقول قيادات الائتلاف إن المطالب الاقتصادية والاجتماعية للثورة تراجعت أمام المطالب السياسية خاصة في ظل ما سموه وجود ثورة مضادة لعبت على وتر الفتنة الطائفية.