اليمن: مبادرة خليجية لتشكيل حكومة وحدة وطنية واستقالة صالح خلال شهر

الحزب الحاكم وعد الزياني بالرد خلال 24 ساعة.. وشباب الثورة يشكلون أمانة عامة ويصرون على الرحيل الفوري

المتظاهرون حملوا قارورة غاز تستخدم في المنازل تعبيرا عن نقص هذه المادة في الأسواق اليمنية أمس (رويترز)
TT

تتواصل المساعي الخليجية لحل الأزمة في اليمن، فقد قام أمين عام مجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف بن راشد الزياني، أمس، بزيارة إلى العاصمة اليمنية صنعاء، التقى خلالها الرئيس علي عبد الله صالح، وقدم إليه مبادرة خليجية جديدة لحل الأزمة في اليمن، هذا في وقت شكل فيه «شباب الثورة» في صنعاء أمانة لقيادة الثورة.

وقالت مصادر رسمية يمنية إن صالح أكد تعامله الإيجابي مع «الجهود والمساعي وما يحقق مصلحة اليمن وأمنه واستقراره ووحدته ويخدم الأمن والاستقرار في المنطقة»، وقالت المصادر إن أمين عام مجلس التعاون الخليجي «قدم رؤية وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة في اليمن على ضوء النقاشات التي أجروها مؤخرا مع كل من وفد المؤتمر الشعبي العام وحلفائه من أحزاب التحالف الوطني الديمقراطي في أبوظبي ووفد أحزاب اللقاء المشترك في الرياض».

وتحدثت مصادر سياسية يمنية عن تفاصيل الرؤية الخليجية وقالت إنها تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية من الحزب الحاكم والمعارضة وأطراف أخرى، وإثر تشكيل هذه الحكومة، يقوم الرئيس علي عبد الله صالح بنقل صلاحياته إلى نائبه، ثم إنهاء مظاهر الأزمة، والمقصود بها رفع الاعتصامات من ساحات التغيير والحرية في مختلف المحافظات اليمنية، وبعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية يقدم الرئيس استقالته إلى مجلس النواب (البرلمان)، ثم يقوم الرئيس «المؤقت» وحكومة الوحدة الوطنية بتشكيل لجنة تحضيرية ترتب لانتخابات رئاسية تجري خلال 60 يوما.

وقالت «رويترز» إن الحزب الحاكم الذي يتزعمه صالح قال إنه سيرد خلال 24 ساعة، وقال مساعدون للرئيس اليمني الذي بدا متحديا في كلمة أول من أمس (الأربعاء) إنه مستعد على ما يبدو لقبول المبادرة.

وأبلغ مسؤول حكومي «رويترز» قائلا: «نرحب بالمبادرة وسنتعامل معها بشكل إيجابي».

والتقى أعضاء في ائتلاف المعارضة مع عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ويقولون إنهم ما زالوا يدرسون الاقتراح. وقالوا إنهم قلقون بشأن ثغرات يمكن أن تبقي صالح في السلطة.

وقال قيادي في المعارضة طلب عدم الكشف عن اسمه نظرا لأن الائتلاف لم يقدم ردا رسميا بعد، إن صالح يمكن أن يستغل الأغلبية البرلمانية لحزبه الحاكم لتجنب التنحي. وبموجب القانون اليمني ينبغي أن تقبل أغلبية الثلثين في البرلمان استقالة الرئيس.

وأضاف «ينبغي وضع ضمانات لأن الحزب الحاكم قد يرفض استقالته وعندها لن يرحل صالح». وقال مسؤول حكومي لـ«رويترز» إن الاقتراح الخليجي المعدل يشمل أن يقدم صالح استقالته للبرلمان في غضون شهر واحد من توقيع الاتفاق ثم نقل السلطات بعد ذلك لنائب الرئيس.

وتقضي الخطة أيضا بأن يعين صالح زعيما معارضا لإدارة حكومة جديدة تمهد الطريق أمام إجراء انتخابات رئاسية بعد ذلك بشهرين.

ويتضمن الاقتراح أيضا إنهاء الاحتجاجات ويمنح الحصانة لصالح وأسرته ومساعديه من المحاكمة التي يطالب بها المحتجون. لكن المعارضة لم تفصح عن رؤيتها بشأن ما ستقبله.

وطبقا للخطة الخليجية ستتألف الحكومة الجديدة من 50 في المائة على الأقل من أعضاء من الحزب الحاكم الحالي و40 في المائة من ائتلاف المعارضة و10 في المائة من جماعات سياسية مستقلة لا تنتسب إلى أحد.

وهذا الترتيب بشأن الحكومة الجديدة يحتمل أن يساعد أنصار صالح في الحفاظ على الأغلبية نظرا لأن نسبة الـ10 في المائة ربما تضم أعضاء استقالوا مؤخرا من الحزب الحاكم. وسيكون إنهاء الاحتجاجات نقطة شائكة رئيسية أيضا. وقال زعيم بالمعارضة إنه سيكون من الصعب تحقيق هذا الشرط. وأضاف أن المعارضة لا تسيطر بالكامل على مئات الآلاف من المحتجين في الشارع وكثير منهم نشطاء شبان.

وفي وقت سابق من أبريل (نيسان) اقترحت مبادرة خليجية مشابهة نقل سلطات الرئيس إلى نائبه إلى حين إجراء انتخابات. ورفضت المعارضة ذلك وواصل صالح - الذي قبل المبادرة رسميا - توجيه إشارات متباينة بشأن استعداده للتنحي.

وقال لحشود من مؤيديه أول من أمس إنه سيظل صامدا في مواجهة المؤامرات والانقلابات.

وأضاف أن الذي يريد السلطة أو الوصول إلى كرسي السلطة عليه أن يتجه إلى صناديق الاقتراع، فالتغيير والرحيل يكون من خلال صناديق الاقتراع وفي إطار الشرعية الدستورية.

وقال سلطان العطواني زعيم الحزب الناصري اليمني الذي هو جزء من ائتلاف المعارضة، إن الهدف من خطاب صالح كان رفع المعنويات لكن هذا لم يعد منطقيا لأن الشعب قال ما عنده، فهو يقول إن الرحيل الفوري ضروري.

ويتوقع المسؤولون اليمنيون أيضا أن يقوم وزير خارجية الإمارات بزيارة اليمن يوم السبت. وقال زعماء في المعارضة إنه لم يتضح بعد ما إذا كان الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان سيلتقي بهم.

ومع استغراق جولات المفاوضات وقتا طويلا تصاعد العنف. واختبر المحتجون صبر قوات الأمن حين خرجوا في مسيرة مرت من أمام وزارة الدفاع ووزارات أخرى في صنعاء أول من أمس الأربعاء وأشعلوا النيران في إطارات سيارات بشوارع تعز جنوب العاصمة.

ويتصاعد عدد القتلى أيضا. وتوفي 6 متأثرين بجراحهم حين فتحت الشرطة النار على المحتجين في صنعاء وتعز يوم الثلاثاء ليصل عدد المتظاهرين الذين قتلوا إلى 123.

وفي ساحات الاعتصام، جدد «شباب الثورة» رفضهم لأي مبادرات محلية أو إقليمية أو دولية لا تنص على تنحي الرئيس علي عبد الله صالح عن الحكم بصورة فورية هو وأبناؤه وأفراد عائلته «دون قيد أو شرط»، ودعت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية «الأشقاء والأصدقاء إلى تحديد موقف واضح من جرائم القتل والإبادة التي يرتكبها نظام صالح ضد المدنيين والمتظاهرين سلميا»، حسب ما صدر عنها.

في موضوع يتعلق بالثورة الشبابية، شكلت ائتلافات وحركات الثورة مجلس أمانة يضم ممثلين لجميع المشاركين في ساحات التغيير والحرية بالبلاد، وقال وليد العماري الذي انتخب ناطقا رسميا باسم المجلس، لـ«الشرق الأوسط» إن أكثر من 400 ائتلاف وحركة شكلت مجلس الأمانة الأكبر والمكون من 25 عضوا من الجنسين، وإن بين المجلس 6 نساء و4 بالاحتياط، وانتخب لرئاسة المجلس حسن البيتي، وهو مواطن من محافظة حضرموت اليمنية الجنوبية.

من جانب آخر، تحدثت مصادر حكومية في صنعاء عن قيام الأجهزة الأمنية، مساء أول من أمس، باختطاف فتاتين أثناء خروجهما من «ساحة التغيير» مساء في طريقهما إلى منزليهما، وقال «منتدى الشقائق العربي» لحقوق الإنسان إن مجندين ومجندات بلباس مدني اختطفوا الناشطتين، هذا في وقت كثر فيه الحديث في اليمن عن اختطاف بعض النشطاء والناشطات أثناء مغادرة أي منهم للساحات.