7 قتلى و18 جريحا في غارات جوية على طرابلس.. و«الناتو» يعترض ناقلة نفط

حكومة القذافي تعاني نقصا في الوقود بعد انخفاض إنتاج البترول

ثوار ليبيون فوق سطح احد المباني يحتمون من الرصاص خلال القتال الدائر مع قوات العقيد القذافي في مدينة مصراطة أمس (رويترز)
TT

في حين أعلنت السلطات الليبية أن قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) اعترضت، أمس، وللمرة الأولى، ناقلة نفط ليبية، أعلن مصدر عسكري ليبي عن مصرع سبعة أشخاص من المدنيين وإصابة ثمانية عشرة آخرين نتيجة لقصف ما وصفه بـ«العدوان الاستعماري الصليبي»، الذي تعرضت له منطقة خلة الفرجان بالعاصمة الليبية، طرابلس، الليلة قبل الماضية.

وقالت وكالة الأنباء الليبية، في خبر مقتضب، إن قوات الناتو نظمت ما وصفته بـ«عملية قرصنة» على ناقلة نفط ليبية، واستخدمت العنف والإرهاب مع طاقمها، في انتهاك للأعراف الدولية وقرارات مجلس الأمن.

لكن الوكالة الليبية لم توضح أي تفاصيل تتعلق بهوية وحمولة الناقلة ومكان وتوقيت توقيفها، بينما امتنع الدكتور شكري غانم، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط عن الرد على محاولات «الشرق الأوسط» المتكررة للاتصال به هاتفيا.

ويعاني نظام، العقيد معمر القذافي، من نقص حاد في الوقود، بفعل انخفاض حجم الإنتاج اليومي من النفط، بعدما فقد سيطرته على آبار ومعامل ومصافي إنتاج النفط في المنطقة الشرقية، كما تعرضت مواقع نفطية أخرى في غرب البلاد، إلى أضرار بالغة بفعل المعارك المحتدمة منذ أكثر من شهرين، بين قوات القذافي والثوار الذين يسعون للإطاحة به من السلطة التي يقودها منذ نحو 42 عاما.

وتشهد العاصمة الليبية، طرابلس، ازدحاما على محطات تزويد الوقود، مما دفع السلطات الليبية إلى تنظيم حصول المواطنين على الوقود الضروري بالبطاقات، بينما ذكرت تقارير محاولة حكومة القذافي الالتفاف على العقوبات الدولية على استيراد البنزين إلى غرب ليبيا، عن طريق استخدام وسطاء ينقلون الوقود بين السفن في تونس.

وقال دبلوماسيون إنهم يشكون في أن محاولات القذافي لاستيراد البنزين ربما تشكل انتهاكا لعقوبات مجلس الأمن بحظر أي صفقات مع المؤسسة الوطنية للنفط الليبية الحكومية.

وتحتاج حكومة القذافي إلى الوقود في حربها ضد الثوار، وأيضا لتأمين الاستقرار وتفادي السخط في العاصمة، بما في ذلك تأمين الوقود للسيارات ووسائل النقل العام.

وفرضت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مؤخرا عقوبات على الحكومة الليبية وشركات ليبية معينة، من بينها المؤسسة الوطنية للنفط، لكن هذه العقوبات لا تحظر في المقابل على ليبيا تصدير أو استيراد النفط أو البنزين، لكنها تحظر الاتجار مع المؤسسة.

إلى ذلك أعلن مصدر عسكري ليبي، أمس، عن مصرع وإصابة 25 شخصا نتيجة لقصف ما وصفه بالعدوان الاستعماري الصليبي الذي تعرضت له منطقة خلة الفرجان بطرابلس، الليلة قبل الماضية. ونقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية عن نفس المصدر قوله إن هذا القصف أدى أيضا إلى تدمير عدد من المنازل، وترويع الأسر من الأطفال والنساء في المنطقة.

وكانت السلطات الليبية قد أعلنت في وقت سابق أن الهجمات الجوية التي شنتها، أول من أمس، طائرات حلف الناتو على مواقع مدنية وعسكرية بمنطقة بئر الغنم، أدت إلى مقتل أربعة مواطنين ليبيين، علاوة على تضرر البنية التحتية ووقوع خسائر كبيرة في المزارع والمشاريع بمنطقة بئر الغنم، وترويع الأسر من الأطفال والنساء في المنطقة.

من جهة أخرى، حذرت وزارة الخارجية الليبية من النتائج التي ستترتب على اعتزام إيطاليا وبريطانيا وفرنسا إرسال عدد من المستشارين العسكريين، وخطط الاتحاد الأوروبي لنشر قوات عسكرية في ليبيا، واعتبرتها تدخلا في الشؤون الداخلية للدولة الليبية.

وقالت الوزارة في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن هذه الإجراءات، بالإضافة إلى الضغوط التي تمارسها ممثلة السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد، من أجل الحصول على تصديق الأمم المتحدة حول نشر هذه المهمة العسكرية في ليبيا، تمثل خرقا لقرار مجلس الأمن 1973، وانتهاكا لسيادة ووحدة الأراضي الليبية، وعاملا خطيرا يؤجج ويوسع الصراع الحالي داخل ليبيا.

وشددت على أنه ليس هناك حل لتسوية الأزمة إلا بالحوار بين الليبيين، مرحبة بأن يتم ذلك تحت مظلة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

وانتقد البيان قيام الاتحاد الأوروبي بوضع خطط لعلميات نشر قوات عسكرية في ليبيا يبلغ عددها ألف جندي، بحجة تأمين وصول إمدادات الإغاثة إلى المدنيين في ليبيا، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي، على لسان أحد مسؤوليه، ذكّر بأنه قد تم الاتفاق على العملية، وأصبحت جاهزة للتنفيذ حال الحصول على موافقة الأمم المتحدة.

وقال البيان إن «اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي تؤكد على أنه ليس هناك من طريق لتسوية الأزمة إلا من خلال الحوار السياسي بين أطراف الشعب الليبي، وترحب بأن يتم هذا الحوار تحت مظلة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي».

ومن جهته، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس، أن إرسال مستشارين عسكريين غربيين لمساعدة الثوار في ليبيا هو مؤشر لبداية عملية عسكرية «برية»، محذرا من «خطورة» عملية كهذه «لا تعرف نتائجها»، كما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية، كما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال لافروف خلال زيارة إلى سلوفينيا: «نعتبر أن هذه الأفعال تنطوي على مخاطر جمة، ولا تعرف نتائجها».

وأضاف أن إرسال مستشارين عسكريين غربيين لمساعدة الثوار الليبيين ينطوي «بوضوح على تدخل بري في النزاع».

وتابع لافروف: «التاريخ حافل بالأمثلة المشابهة. نبدأ بإرسال مدربين، ومن ثم يطول الأمر لسنوات كثيرة، مما يؤدي إلى سقوط آلاف القتلى من كل جانب». وأضاف: «نحن قلقون للغاية مما يجري في ليبيا».

إلى ذلك، حث الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أمس، السلطات الليبية على وقف «القتال ووقف قتل الناس».

وقال إن التوصل لوقف لإطلاق النار يمثل أولوية بالنسبة للأمم المتحدة. وأضاف أثناء زيارة رسمية لموسكو: «في هذا الوقت.. أولويتنا هي التوصل لوقف لإطلاق النار فعال، ويمكن التثبت منه.. وحينئذ يمكننا توسيع مساعدتنا الإنسانية وسنشارك في حوار سياسي». وقال: «أحث السلطات الليبية على وقف القتال ووقف قتل الناس».

من جهة أخرى، اجتمع عبد العاطي العبيدي، وزير الخارجية الليبي في طرابلس، مع وزير الخارجية الفلبيني والوفد المرافق له الذي يزور ليبيا حاليا.

وقال مكتب العبيدي، في بيان له، إن الاجتماع تناول ما وصفه بـ«العدوان الاستعماري الصليبي على ليبيا، والقصف الذي ينفذه هذا العدوان ويستهدف مواقع عسكرية ومدنية مما أدى إلى استشهاد ضحايا من المدنيين في مختلف المدن الليبية».

وأوضح البيان أن العبيدي أطلع الوزير الفلبيني على الأضرار التي خلفها القصف غير المبرر على ليبيا، معتبرا أن هذا العدوان يمثل خرقا فاضحا لقراري مجلس الأمن (1970)، (1973)، اللذين لا ينصان على قصف هذه المواقع، ولا على تغيير النظام في ليبيا أبدا.

ونقل البيان عن المسؤول الفلبيني تنديده بالعدوان «الصليبي الغاشم الذي يقوده حلف الناتو ضد ليبيا»، متمنيا إيجاد تسوية بين الليبيين لأن هذا شأن ليبي لا يحله إلا الليبيون بأنفسهم، كما عبر الوزير الفلبيني عن شكره وتقديره لاستضافة ليبيا للجالية الفلبينية الموجودة في هذه الظروف التي تمر بها وتقديم كافة المساعدات لها.

وجدد الوزير الفلبيني تطلع بلاده وحرصها ورغبتها في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، مثمنا الجهود والمبادرات التي قامت بها ليبيا من أجل إحلال السلام في الجنوب الفلبيني، التي توجت بتوقيع اتفاق طرابلس للسلام عام 1976، بين حكومة الفلبين والجبهة الوطنية لتحرير مورو.

وفي محاولة للرد على مجموعة الاتصال الدولية المعنية بالأزمة الليبية، رعت السلطات الليبية اجتماعا في طرابلس لما سمته «مجموعة الاتصال الدولية غير الحكومية حول ليبيا». وترأس خالد كعيم، نائب وزير الخارجية الليبي هذا الاجتماع الذي تم بتنظيم مشترك بين جمعية «أوقفوا الحروب»، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بالاتحاد الأفريقي، واتحاد الشباب العربي، ومجلس الشباب العربي الأفريقي، ومنتدى الشباب الأفريقي للسلام، واتحاد الشباب الأفريقي، والمنظمة الوطنية للشباب الليبي.

وأعلن المشاركون في الاجتماع الذي حضره أكثر من 40 مشاركا من أحزاب ومنظمات وجمعيات حقوقية من عدة دول عربية وأفريقية وآسيوية، عزمهم على تكثيف جهود الأعضاء لحشد الرأي العام الدولي لما وصفوه بكشف وفضح زيف الدعوى الباطلة المتمثلة في حماية المدنيين، كذريعة لشن العدوان على ليبيا، للاستيلاء على مواردها وثرواتها النفطية. ودعا البيان إلى تمكين الجهات المختصة في ليبيا من إعادة خدمات الكهرباء والمياه وإمدادات الغاز والسلع التموينية إلى جميع المناطق الليبية.

كما أكد المشاركون في الاجتماع على أن النظام الجماهيري في ليبيا هو ما اتفق الليبيون عليه ليكون نظامهم «البديع» في حكم أنفسهم بعيدا عن أنظمة الحكم التقليدية المتعارف عليها، وأن «معمر القذافي» ليس رئيس دولة تقليدي، بل هو قائد ورمز لليبيين وكل أحرار العالم. وأدان البيان ما سماه «عملية القرصنة المالية»، التي قامت بها الدول الغربية على الأموال الليبية الموجودة في مصارفها، وقيامهم بتجميد أصول وحسابات الشعب الليبي لحرمانه من جزء كبير من أمواله وثروته.