شائعات في حمص حول «مسرحيات أمنية» تعدها السلطات.. ومظاهرات متفرقة في الحسكة وحلب

ناشط يتحدث عن اجتماع في جامعة دمشق لإبلاغ 40 طالبا بـ«الاستعداد لحماية البلد.. بالسلاح»

TT

سيطرت أجواء من الترقب والحذر على الأجواء في مدينة حمص أمس بعد انتشار كثيف لقوات الأمن في أرجاء المدينة، وسط تنامي مشاعر الغضب مع تردد أنباء عن تقدم آليات عسكرية باتجاه المدينة. وقال شهود عيان إنهم رأوا آليات عسكرية تتحرك ظهر أمس عند منطقة حسياء (60 كلم جنوب حمص)، مؤلفة من سيارات وناقلات جند وسيارات إسعاف وأسلحة ثقيلة تتجه باتجاه مدينة حمص.

وفيما ذكرت مصادر محلية أن عناصر مسلحة من الأمن يرتدون ملابس مدنية ينتشرون في إرجاء المدينة حمص خلال ليل أول من أمس بعد تشييع شارك فيه الآلاف لأحد الشهداء الذين سقطوا يوم الأحد الماضي. وتسود شائعات في حمص عن قيام الأجهزة الأمنية بتدريب شباب ملتحين (شبيحة) في معارك افتراضية مع عناصر الأمن، لتنفيذ مشهد تضليلي في حمص على أنهم سلفيون يخوضون تبادلا لإطلاق النار مع الأجهزة الأمنية، لتقوم السلطات باعتقالهم وبعدها يدلون باعترافاتهم في التلفزيون السوري. وما قوى هذه الشائعة، صور وفيديو مصور من هاتف جوال، بثه أحد الناشطون في حمص على موقع «فيس بوك» قال إنه عثر عليه في جهاز جوال وقع من أحد المسلحين الذين نزلوا إلى ساحة الساعة فجر الثلاثاء الماضي، وقيل إنهم من السلفيين. ويظهر في الفيديو شخص ملتح ضخم الجثة وقد نقش على زنده وشم لصورة الرئيس بشار الأسد وسيف ذو الفقار.

كما يخشى الحماصنة من سيناريو آخر قد تعده السلطات، وهو إخراج مسيرات تأييد للنظام، وإطلاق النار عليها من قبل من يسمون «السلفية» المزيفة كوسيلة لإرهاب الناس ومنعهم من التظاهر.

ولا تزال الحركة شبه ميتة في المدينة التي لا يتحرك فيها سوى الشائعات بسرعة البرق، واحدة تؤكد وجود طائفية ومجموعات سلفية وأخرى تنفي. إلا أن ناشطين من حمص أصدروا بيانا نشر في موقع «فيس بوك»، أكدوا فيه على استمرار أهالي حمص في التظاهر السلمي، وعلى تمسكهم بمطالبهم، ردا على رواية السلطات السورية عن قيام «تنظيمات سلفية» بـ«تمرد مسلح» في بانياس وحمص. وقال البيان: «نحن السوريين الحمامصة لم نعلن تمردا مسلحا ولسنا سلفيين، ونعلن أننا ما زلنا نصر على مطالبنا التي عرفتموها من خلال مظاهراتنا السلمية ومن خلال اعتصامنا السلمي البريء».

وأضاف البيان: «لا مطالب لنا إلا الحرية والديمقراطية والمجتمع المدني ورفع حالة الطوارئ ومكافحة الفساد والتعددية الحزبية والسياسية، ومحاسبة كل من تلطخت يداه بدماء السوريين، وقام بإطلاق الرصاص على المعتصمين والمتظاهرين العزل والعدالة والمساواة على أساس المواطنة وإسقاط أي معيار آخر».

ورغم تحذير الحكومة السورية المواطنين من التظاهر، بعيد إعلان إلغاء قانون الطوارئ، أكد أهالي حمص من الناشطين، عزمهم تلبية الدعوات التي انطلقت عبر الإنترنت للمشاركة في مظاهرات «الجمعة العظيمة» للمطالبة بالحرية والديمقراطية، وتعبيرا عن احتجاجهم على مقتل 21 من أبناء المدينة على أيدي قوات أمن ومسلحين بلباس مدني.

وفي سياق متصل استمرت المظاهرات في عدد من المدن السورية أمس. ففي الحسكة خرج متظاهرون أمام كلية الآداب، إلا أن السلطات سارعت إلى إغلاق أبواب الجامعة لمنع انضمام الطلاب إليهم، بحسب ما ذكره ناشطون اعتبروا ذلك رسالة من الحسكة تشير إلى جاهزيتها للمشاركة في مظاهرات يوم «الجمعة العظيمة». إلا أن القناة الإخبارية السورية التي أوردت نبأ خروج مظاهرة في كلية الآداب في الحسكة، قالت «إن مجموعة من خارج الكلية تم نقلهم إليها لإثارة التظاهر ولم يستجب لهم الطلاب».

وعلى صعيد آخر، أكد أحد الناشطين أن اجتماعا عقد في جامعة دمشق لنحو أربعين طالبا من منتسبي اتحاد الطلبة في سورية، من الفاعلين في الاتحاد، وتم إبلاغهم، بأن يكونوا «على استعداد دائم للتصدي للمندسين الذين يظهرون في أكثر من محافظة، وأن حماية البلد من هؤلاء واجب حتى لو اقتضى الأمر إطلاق الرصاص، وأنهم سيعطونهم السلاح للدفاع عند الضرورة».

وما زال الناشطون يعتبرون مشاركة مدينتي الحسكة وحلب في المظاهرات خجولة، ولم تصل إلى الحد المأمول منها. واستمرت المظاهرات والاعتصامات في درعا، في حين برزت مظاهرة كبيرة في مدينة السويداء احتجاجا على القمع الذي تعرض له المتظاهرون في حفل عيد الجلاء الذي دعت إليه منتهى الأطرش ابنة زعيم الثورة السورية على الانتداب الفرنسي سلطان باشا الأطرش. وردد المتظاهرون هتافات تدعو للحرية، ومنها «بنت السويداء ما بتنهان.. والقائد باشا سلطان» «واحد واحد وطنا... وطائفية ما عنا»، وذلك ردا على قيام جموع من المؤيدين بضرب المتظاهرين الذين اجتمعوا يوم الأحد وتمزيق صور سلطان باشا الأطرش وشتم المتظاهرين.

وفي حلب، خرجت مظاهرة ظهر يوم أمس عند باب الحديد. وقال ناشطون إنه عندما وصلت المظاهرة إلى دوار «أغير»، كانت سيارات وباصات الأمن العسكري والسياسي والجنائية أضعاف عدد المتظاهرين، وتم تفريق المتظاهرين بالضرب بالعصي والقضبان الحديدية. كما أكدوا أنه «جرى اعتقال نحو 20 شخصا وكسر الهواتف الجوالة التي كانت تصور، وأن من بين المعتقلين رجل مقعد يتحرك على كرسي وقد تم ضربه وشتمه بقسوة».