السوريون يغيرون أسماء ساحاتهم وتسمية اليوم «الجمعة العظيمة» لمواجهة الاتهامات بالطائفية

توجيهات للمتظاهرين اليوم عبر صفحات «فيس بوك».. والمسيحيون والمسلمون يلتقون في الشارع بعد الصلاة

شاب سوري ينظر من حافلة نقل عام سورية إلى سيارة عسكرية تتوجه إلى وسط مدينة حمص أمس (أ.ب)
TT

مع تصاعد الاحتجاجات في كافة أنحاء سورية، والإصرار على الوصول إلى الساحات للاعتصام، راح السوريون يغيرون أسماء الساحات. وكانت البداية في مدينة درعا التي جعلت من ساحة «السرايا» ساحة للتظاهر الدائم والاعتصام وسمتها ساحة «الكرامة»، بعدما أزالت منها كل الصور والرموز التي تشير إلى النظام وحزب البعث الحاكم.

وفي حمص سميت ساحة «الساعة الجديدة» التي تشتهر بها المدينة، بـ«ساحة الحرية»، مع أن الاسم الرسمي للساحة هو «ساحة جمال عبد الناصر». وفي دمشق، وعشية الاستعداد ليوم «الجمعة العظيمة»، سميت ساحة العباسيين بـ«ساحة الزحف الكبير»، حيث حاول آلاف المتظاهرين من ريف دمشق الجمعة الماضية الزحف إليها لإقامة الاعتصام الكبير، إلا أن الانتشار الأمني الكثيف جدا حال دون وصولهم إلى الساحة.

وأول من أمس أنشئت صفحة على موقع «فيس بوك» سمت الساحة «ساحة التحرير»، نشر عليها دعوات للتجمع في الساحة اليوم الجمعة، الذي يتزامن مع يوم الجمعة العظيمة (الجمعة الحزينة) الذي تقيم فيه الطوائف المسيحية ذكرى موت السيد المسيح على الصليب، وتجري فيه طقوس جماهيرية كبيرة حيث تخرج من الكنائس مواكب تشييع مفترضة تستعيد ذكرى آلام المسيح الذي صلب وقام في اليوم الثالث، أي يوم الأحد المقبل، الذي هو عيد الفصح عند المسيحيين. وفي هذه المقاربة بين «الجمعة العظيمة» التي اختارها «ثوار» سورية، رسالة لنفي أن الطائفية هي التي تحرك الشارع السوري.

ومعروف أن منطقة العباسيين، حيث تقع أكبر ساحات دمشق بعد ساحة الأمويين، مختلطة من مسلمين ومسيحيين. إلا أن الوجود المسيحي يبدو أبرز كون العباسيين يأتي كامتداد لمنطقة القصاع حيث تتركز النسبة الأكبر من مسيحيي دمشق. كما تصل العباسيين بين مدينة دمشق ومنطقة جوبر التي كانت الأسبوع الماضي مصب المحتجين القادمين من ريف دمشق، من دوما وعربين وزملكا وحرستا، ومنها انطلقوا نحو الساحة الواقعة على بعد عدة كيلومترات قليلة.

وسيستفيد المتظاهرون من وجود عدد من الجوامع والكنائس قريبة إلى الساحة للتجمع والانطلاق للاعتصام. ونشر على الصفحة خطة التوجه إلى الساحة بعد صلاة الجمعة، بحيث تتم المشاركة في الصلاة بشكل مكثف في الجوامع القريبة من الساحة القريبة جدا والأقرب فالأقرب. وفي حال امتلاء المساجد يصلى بجوانب المساجد، والتوجه عند الساعة الـ1:45 بعد الظهر بالتوقيت المحلي. وفي حال عدم إمكانية الوصول إلى الساحة يتم الاعتصام في آخر نقطة يمكن الوصول إليها، على أن يصطحب المشاركون معهم، الورود وأغصان الزيتون، والتزود بمياه الشرب والقليل من الطعام والسجاجيد من أجل «الاعتصام لأنه سوف يطول»، بحسب ما جاء في الخطة. كما نصح باصطحاب الكولا للتخفيف من أثر الغازات المسيلة للدموع وعلبة إسعافات أولية وإحضار شمع للاعتصام الليلي.

أما الشعارات ستكون «الله أكبر.. الله أكبر» و«سلمية سلمية حتى نيل الحرية» و«سنية علوية - نحنا بدنا حرية - إسلام ومسيحية نحنا بدنا حرية» و«الشعب السوري إيد وحدة» و«من قامشلي لحوران الشعب السوري ما بينهان»، إضافة إلى قراءة سورة الفاتحة على أرواح الشهداء في الساحة مع توصية بقراءة سورة «يس» في المنازل.

كما تم وضع خطة لنشر الفيديو توصي بأن يقوم كل المتظاهرين بتشغيل البلوتوث، وعند تصوير أي مقطع يتم إرساله لخمسة أشخاص عشوائيا، وكل شخص يصله الفيديو يرسله لخمسة آخرين. وهكذا يحاول عدة أشخاص إرسال المقطع إلى البريد الإلكتروني من أقرب نقطة إنترنت يمكن الوصول إليها. وتم التنبيه إلى أن الأمن يقوم بإرسال فيروسات عبر البلوتوث، على أن لا يتم فتح أي ملف ما قبل أن يتم التأكد من أنه صورة أو فيديو.

ويتوقع سكان العباسيين أن تشهد ساحتهم التي يقع عندها استاد العباسيين الدولي، اليوم اشتباكات عنيفة. فالأسبوع الماضي تواجد الأمن بكثافة غير مسبوقة، كما أن قوات حفظ النظام والأمن مدربون على التعامل مع الحشود في هذه الساحة التي ينطلق إليها عادة مشجعو رياضة كرة القدم عقب كل مباراة وغالبا تكون أيام الجمع، أي أن الساحة في الأيام العادية تكون في حالة استنفار وجاهزية كاملة. هذا عدا مقر المخابرات الجوية الملاصق للملعب. وهو أمر يثير الكثير من المخاوف لدى الأهالي، ويجعلهم ينظرون إلى يوم «الجمعة العظيمة» بكثير من الحذر. وثمة شكوك قوية في أن تكون ساحة العباسيين ساحة «التحرير» بعد الزحف الكبير لكن ذلك لا ينفي أن الواقع يحمل الكثير من المفاجآت.