حكومة تونس الجديدة توافق على تسليم السلطة الفلسطينية أرشيف عرفات

يحتوي على كل شيء معني بالتاريخ الفلسطيني من 1982 إلى 1994

TT

أزيل سوء التفاهم الذي كان قائما بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية وحكومة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي بشأن أرشيف الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

وتم الاتفاق بشأن الأرشيف حسب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) خلال الزيارة التي قام بها إلى تونس التي استغرقت يومين وانتهت أول من أمس.

وقال ناصر القدوة رئيس مؤسسة ياسر عرفات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح إنه «لا يمكن القول إن الحكومة التونسية في ظل نظام بن علي، كانت تعارض استعادتنا أرشيف الرئيس الراحل.. ونحن لم نحاول نقلها ومنعنا من ذلك». وأضاف القدوة لـ«الشرق الأوسط»: «كانت هناك محاولات في السابق للوصول إلى هذا الأرشيف من أجل الحصول على نسخة إلكترونية عنه لكن هذه المحاولات باءت بالفشل.. ويمكن القول إنه لم تكن هناك استجابة من السلطات التونسية في حينها.. وهذه المرة نجحت المحاولة (تدخل أبو مازن لدى الحكومة التونسية الجديدة في ظل رئاسة الرئيس المؤقت فؤاد المبزع) ويبدو أنه ليس لدى الحكومة الجديدة مشكلة في الإفراج عن هذا الأرشيف».

وهذا ما أكده عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لفتح لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «إننا لم نحاول نقل الملف وقرر النظام التونسي السابق منعنا من ذلك»، داعما قوله إن الحكومة التونسية لم تحرك ورقة من الأرشيف وإن الموظفين يواصلون أعمالهم فيه. وكان قد نشر في السابق أن السلطات السابقة في تونس، رفضت تسليم الأرشيف للسلطة الفلسطينية، رغم محاولات متكررة، بحجة أن القانون التونسي يمنع تسليم أرشيف الرئيس الراحل إلا لأحد أقاربه المباشرين، كما أن تونس حسب المعلومات المتوفرة رفضت أيضا آنذاك، السماح لأي من المسؤولين الفلسطينيين القادمين من رام الله دخول الأرشيف، إضافة إلى رفضها اقتراحا فلسطينيا يمثل حلا وسطا يتمثل في تمكين الفلسطينيين من تصوير محتويات الأرشيف، بينما تحتفظ تونس بالنسخ الأصلية.

يضاف إلى ذلك ما كان قد تردد بعد رحيل عرفات، أن حرمه سهى الطويل هي التي كانت تحرض النظام التونسي التي كانت تربطها به علاقة قوية وتعاملات تجارية، على عدم تسليمه للمنظمة أو السلطة باعتباره أرشيفا شخصيا.

ورفضت السلطة هذا المنطق، باعتبار أن الأرشيف رغم أنه خاص بعرفات فإنه يظل ملكا للشعب الفلسطيني، باعتبار عرفات شخصية عامة ويمثل جزءا كبيرا من التاريخ الفلسطيني المعاصر.

وقال الأحمد إن هذا الأرشيف ليس أرشيفا خاصا وشخصيا لعرفات بل هو أرشيف مكتب الرئيس، الذي كان مقره في شارع يوغرطة بمنطقة ميتويال فيل بتونس العاصمة.

وأكد ذلك القدوة بقوله إن الأرشيف الموجود في مقر الرئاسة هو أرشيف الشعب الفلسطيني ويضم كل شيء يخص الفلسطينيين «وهو - أي عرفات - كان منظما من هذه الناحية.. فكل الصادر والداخل موجود في هذا الأرشيف». وأضاف القدوة «نحن نتحدث عن وثائق فحسب».

ويكتسب أرشيف عرفات، أهمية كبيرة، إذ يتضمن الكثير من الوثائق السياسية والأمنية والاقتصادية المهمة، التي توثق لمرحلة ما بعد 1982 أي انتقال قيادة منظمة التحرير إلى تونس بعد حرب 1982 في لبنان وحتى أواسط 1993 تاريخ انتقال عرفات من تونس إلى الأراضي الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو.

وقال القدوة إن أمر الأرشيف ترك لفترة من الزمن إلى أن «بدأنا كمؤسسة وكذلك مؤسسة الرئاسة في التحرك، على الأقل للحصول على نسخة إلكترونية من هذا الأرشيف».

ووصف القدوة الأرشيف بالضخم لأنه يحمل تاريخ المنظمة لفترة طويلة. وحول إمكانية نقله والكيفية التي سيتم بها ذلك، قال القدوة: «حتى الآن لم يتم البت في هذه القضايا بل لم تبت بعد على الصعيد الفلسطيني، وليس معروفا إن كنا سننقله إلى الأراضي الفلسطينية في الوقت الحاضر وقبل قيام الدولة أم الإبقاء عليه في تونس باعتبارها مكانا آمنا، ونحصل فقط على نسخة إلكترونية منه». وحسب اعتقاد القدوة الشخصي فإنه سيتم الحصول على نسخة إلكترونية عن الأرشيف فقط.. «ولكن لم تبحث القضية بعد».

إلى ذلك، قالت مصادر إسرائيلية، إن عرفات تعلم من الزعيم الروماني، السابق نيكولاي شاوشيسكو، ورئيس جهازه السري غنال ايرن فافتشيه مبدءا استخباراتيا مهما مفاده أن جمع معلومات استخبارية عن الشخصيات العالمية وحياتهم الشخصية يشكل قوة استراتيجية. وأضافت المصادر: «إن أرشيف عرفات يحتوي على كنز من المعلومات الاستخبارية، عن رؤساء الدول العربية والإسلامية، ورجال السياسة والاقتصاد، والجيش والعلوم في هذه الدول إضافة إلى معلومات تتعلق بشخصيات دولية رفيعة المستوى، وبأفراد عائلاتهم أيضا، بالإضافة إلى معلومات متعلقة بإسرائيل، وإنه بسبب ذلك قرر عرفات حتى بعد اتفاقيات أوسلو ترك الأرشيف الخطير في تونس خشية قيام إسرائيل بالسيطرة عليه» .كما يعتقد أن الأرشيف يحتوي على أسرار مالية وأمنية فلسطينية.