شخصيات يسارية مرموقة تعلن في تل أبيب.. تأييدها لدولة فلسطينية

«البلطجية والشبيحة» من اليمين يصفونهم بالخونة ويعتدون عليهم بالأيدي

شخصيات يسارية اسرائيلية مرموقة توقع على وثيقة تأييد للدولة الفلسطينية امام المقر الذي اعلنت منه دولة اسرائيل في شارع في تل ابيب، أمس(أ. ف. ب)
TT

هاجم عدد من نشطاء اليمين الإسرائيلي مجموعة المثقفين اليهود الذين بادروا إلى إعلان «وثيقة استقلال فلسطين»، والاعتراف بالدولة الفلسطينية أمس، في تل أبيب. واتهموهم بالخيانة. ورد المثقفون بطريقة المتظاهرين في المدن المصرية والسورية قائلين: «إن المعتدين هم بلطجية وشبيحة أرسلهم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لقمعنا». وهاجمهم نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيلون، قائلا إنهم يبعدون الأمل بالسلام والمصالحة ويزرعون أوهاما تخدع الشعب الفلسطيني.

وكان نحو 50 شخصية ثقافية واجتماعية واقتصادية إسرائيلية بارزة، بينهم 17 يحملون «جائزة إسرائيل» التي تعتبر الوسام الوطني الأول، قد أعلنوا، أمس، مبادرة للقبول بالمطلب الفلسطيني الدولي الاعتراف بفلسطين دولة في حدود 1967 مع تعديلات حدودية طفيفة تكون عاصمتها القدس الشرقية. وقالوا إن الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو ترتكب خطأ تاريخيا بعدم الانضمام إلى المبادرة الفلسطينية. وحسب البروفسور غابي سلمون، الحائز على جائزة إسرائيل في موضوع كتب وطرق التعليم، فإن «هذه مناسبة لتصحيح الخطأ التاريخي في تعامل إسرائيل مع الجيران الفلسطينيين».

واختار المبادرون مكانا ذا بعد رمزي عميق لإعلان مبادرتهم، العمارة رقم 16 في جادة روتشيلد في تل أبيب، وهو المكان نفسه الذي أعلنت فيه قيادة الحركة الصهيونية عن قيام إسرائيل سنة 1948، عارضة «وثيقة الاستقلال». وأثارت هذه الخطوة حنق نشطاء عديدين في اليمين، فهرعوا إلى المكان يلوحون بالعلم الإسرائيلي. وعندما بدأت الممثلة المسرحية الشهيرة، حنة ميرون، تقرأ «وثيقة استقلال فلسطين»، ثارت ثائرتهم وراحوا يتصرفون بهستيريا ويشتمون المبادرين ويصفونهم بالخونة ويهتفون في وجوههم «اذهبوا إلى غزة» و«أعيدوا لنا جائزة إسرائيل» و«أنتم تقدمون خدمة مجانية للعدو» و«أنتم يهود نازيون» و«نسيتم المذبحة في إيتمار قبل أسبوعين» وغير ذلك. وتمكنوا من الوصول إلى بعض المبادرين، وقسم منهم مسنون، وضربوهم. وتدخلت الشرطة للفصل بين الطرفين، ولكن بتأخر وتلكؤ واضحين.

لكن المنظمين أصروا على قراءة الوثيقة، وفيها يؤكدون أن «استقلال الشعبين، الإسرائيلي والفلسطيني، يغذي كل منهما الآخر، وهو ضرورة وجودية وأخلاقية للشعبين وأساس للجيرة الحسنة». ودعوا كل شعوب وحكومات العالم وبشكل خاص كل مواطن إسرائيلي، عاديا كان أو سياسيا أو رجل اقتصاد أو علم، إلى الانضمام لهذه المبادرة والاعتراف بفلسطين دولة مستقلة.

وقد بدا واضحا أن الحكومة الإسرائيلية مغتاظة من هذا النشاط. وخرج داني أيلون ليقول باسمها إن «مثل هذه النشاطات تؤدي فقط إلى ابتعاد الأمل في السلام والمصالحة. فهي تعبر عن حفنة قليلة جدا من الإسرائيليين، ولكنها تتم وسط ضجيج كبير، فيحسب الفلسطينيون أنهم أكثرية فيبنون الآمال الضخمة عليها وتكون خيبة آمالهم كبيرة أيضا. فالآن يقول الفلسطينيون لأنفسهم، لماذا نأتي للمفاوضات، ها هم الأميركيون والأوروبيون وحتى الإسرائيليون يقفون معنا ويؤيدون إعلان دولة من دون مفاوضات».

يذكر أن نتنياهو يستعد لطرح مبادرة تستهدف إجهاض المبادرة الفلسطينية الدولية لانتزاع اعتراف أوروبي بالدولة الفلسطينية. وكان من المفترض أن يعلن مبادرته في خطاب له أمام مجلسي الكونغرس الأميركي في نهاية مايو (أيار) القادم، ولكن الضجة التي قامت ضده في إسرائيل جعلته يرضخ لمطلب إلقاء الخطاب للجمهور الإسرائيلي أولا. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الليلة قبل الماضية، إن نتنياهو يدرس مقترحا قدمه طاقم مستشاريه بإلقاء خطاب سياسي أمام الكنيست يستعرض فيه بعض محاور خطابه في الكونغرس. ونقل الموقع عن مصادر في محيط نتنياهو قولها إنه لم يتخذ قرارا نهائيا في هذا الشأن. ولكن في حال قرر نتنياهو قبول مقترح مستشاريه فإن موعد إلقاء الخطاب سيكون في الجلسة الافتتاحية لدورة الكنيست الصيفية، أواسط الشهر المقبل، إذ يلقي عادة رئيس الوزراء خطابا أمام هيئة الكنيست بهذه المناسبة.

وذكرت الصحيفة أن نتنياهو وحكومته قررا اتباع استراتيجية إعلامية مغايرة لمواجهة المساعي الفلسطينية للحصول على اعتراف أممي بدولتهم في حدود 1967. وقالت الصحيفة إن السياسة الجديدة مغايرة لما كان متبعا حتى الآن، وهي معارضة المساعي الفلسطينية بقوة، وكشفت عن ضغط إسرائيلي للتقليل من هذه المساعي، لذا فإن الاستراتيجية الجديدة تقضي بالتقليل من أهمية أي إعلان أممي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وأن ذلك لن يؤدي إلى تغيير ملموس على أرض الواقع.