عمليات بغداد تطوق متظاهري ساحة التحرير سلميا.. والجيش يعترض محتجي الموصل

مصدر لـ«الشرق الأوسط»: محافظ نينوى يتحصن بالمظاهرات خشية إسقاطه

عراقيون يحملون صور ذويهم المعتقلين يهتفون خلال مظاهرة في ساحة التحرير وسط بغداد أمس (أ.ب)
TT

طبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر موثوق مطلع على مجريات الأحداث، فإن «المظاهرات والاعتصامات في الموصل يمكن أن تستمر فترة أطول مما يتوقع لها، بسبب كونها تحولت إلى معركة مفتوحة بين جهتين في الموصل، وهما: جماعة أثيل النجيفي (محافظ نينوى) وجماعة الشيخ عبد الله حميدي، الذي يملك الأغلبية في مجلس محافظة نينوى».

وقال المصدر المطلع: «إن معركة الموصل شبه المفتوحة الآن، التي رفض خلالها المحافظ أوامر رئيس الوزراء نوري المالكي بالنزول إلى الشارع لمعرفة مطالب المتظاهرين، فضلا عن عدم التزامه بقرار حظر التجوال، تبدو في جانب أساسي منها معركة بين رئيس البرلمان أسامة النجيفي (شقيق أثيل الأكبر) والمالكي، الذي كان قد طلب من النجيفي أن يطلب من أخيه الاستقالة من منصبه، وهو ما رفضه الاثنان: النجيفي رئيس البرلمان، والنجيفي المحافظ». وطبقا لتطورات الأحداث في الموصل وطبقا للمعلومات، فإن «المالكي، من خلال استخدامه صلاحياته كقائد عام للقوات المسلحة وكوزير للداخلية بالنيابة، بدأ بمحاصرة النجيفيين، وذلك بإصدار أوامر لقيادة عمليات نينوى بفرض حظر التجوال في الموصل وإعفاء قائد شرطة مدينة الموصل وتعيين قائد شرطة جديد ينتمي إلى محافظة واسط جنوبي العراق». وبينما دخلت المظاهرات والاعتصامات في الموصل، أمس، يومها الـ15، فقد أعادت قيادة عمليات نينوى قرار حظر التجوال ثانية بعد أقل من 24 ساعة على رفعه. وقالت عمليات نينوى في بيان لها: إن قرار حظر التجوال الجديد دخل حيز التنفيذ من العاشرة صباحا وحتى إشعار آخر، ويشمل حركة المواطنين والمركبات بجميع أنواعها، لمنع المواطنين من إقامة أي احتجاجات أو تنظيم مظاهرات بالمدينة.

في سياق متصل، أطلقت القوات الأمنية في الموصل، أمس الجمعة، نيران أسلحتها الرشاشة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى ساحة الأحرار وسط المدينة والانضمام إلى المعتصمين بالساحة منذ نحو 15 يوما للطالبة برحيل القوات الأميركية وإجراء إصلاحات سياسية شاملة في البلد. وتمكنت القوات الأمنية من منع المتظاهرين، الذين يقدر عددهم بنحو ألفي متظاهر، من الوصول إلى ساحة الأحرار، وقامت بإطلاق الأعيرة النارية في الجو لإجبار المتظاهرين على العودة إلى المناطق التي جاءوا منها. وفي الوقت الذي لا تزال الشعارات التي يرفعها المتظاهرون ذات طابع سلمي وتتركز بإخراج قوات الاحتلال الأميركي من العراق وعدم بقائها إلى نهاية العام الحالي، بالإضافة إلى مطالبة الحكومة بعدم السماح، تحت أي ظرف كان، بإقامة أي قاعدة لقوات الاحتلال على الأرض العراقية، فإنهم، تزامنا مع الزيارة التي يقوم بها للعراق رئيس الأركان الأميركي مايكل مولن، أضافوا، أمس، طلبا جديدا إلى سلسلة مطالبهم، هو الإسراع في بناء قدرات الجيش العراقي وتأهيله ليكون أكثر قدرة على حماية حدود العراق من أي تدخل خارجي وعدم إيجاد الذرائع لأميركا من أجل إبقاء قواتها بذريعة حماية البلد. كان عدد من نواب البرلمان العراقي من محافظة نينوى قد أصدروا بيانا استنكروا فيه قرار حظر التجوال في المحافظة. وطالب البيان المالكي «بالتدخل لرفع الإجراءات التعسفية المتكررة بحق أهالي نينوى»، حسب وصف البيان. كما اعتبر البيان أن «المادة 38 من الدستور العراقي تكفل حق التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، وأن الاعتصام الموجود في ساحة الأحرار هو اعتصام سلمي يعبر عن رأي المعتصمين ومطالبهم الشرعية، مطالبين الحكومة المحلية والحكومة الاتحادية بإنهاء الاحتلال عن أرض العراق وعدم التمديد لبقاء قوات الاحتلال وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء». وأضاف البيان: «لكننا فوجئنا بصدور أوامر من قيادة عمليات نينوى بفرض حظر تجوال في عموم المحافظة ليومي الجمعة والسبت.. ولا نعلم ما الأسباب التي أوجبت صدور الأمر!»، واستنكر نواب نينوى «بشدة» إجراءات حظر التجوال، وطالبوا القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي بـ«التدخل شخصيا لرفع هذه الإجراءات التعسفية المتكررة بحق أهالي محافظة نينوى».

وفي بغداد، استمرت المظاهرات للجمعة العاشرة في ساحة التحرير وسط بغداد؛ حيث خرج المئات من المتظاهرين على الرغم من الجو العاصف، متوجهين إلى ساحة التحرير، مطالبين، عبر اللافتات التي رفعوها، بتحسين الخدمات في كل جوانبها وإطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت التحقيقات تورطهم بأي تجاوزات على القوانين والأنظمة وخلو ساحاتهم من التهم والكشف عن مصير المفقودين خلال الأعوام الماضية. كما طالب المتظاهرون بوضع حد لحالات الفساد المالي والإداري، المستشرية في بعض الحلقات الرسمية في الدولة، وإحالة الذين يقفون وراء الصفقات المشبوهة التي كُشف عنها مؤخرا. وبينما أبقت قيادة عمليات بغداد الطرق والجسور مفتوحة، إلا أنها انتشرت حول الساحة وعند مفترقاتها والطرق الفرعية عبر عملية تطويق تبدو محكمة للمتظاهرين الذين لم يلتزموا، للأسبوع الثاني، بالقرار الذي اتخذته عمليات بغداد بحصر المظاهرات في أماكن بديلة لساحة التحرير، منها: ملعبا الشعب والكشافة ومتنزه الزوراء. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، رددت مجموعة من الشباب، يحملون علما عراقيا كبيرا: «كذاب كذاب نوري المالكي» و«ارحل يمعود ملينه (مللنا)» و«اخرج.. اخرج يا محتل». وقال أبو خلدون، الذي وضع علما عراقيا على عنقه: «نقول للمالكي: لا نريدك ولا نريد من يبيع بلده لدول الجوار».