الرئيس اليمني يتهم المعارضة بالعدوانية والحصول على «أموال مدنسة»

الحزب الحاكم يقبل المبادرة الخليجية والمعارضة تتحفظ على بند واحد والشباب يرفضونها

يمنيون يتظاهرون خارج سجن بمدينة تعز أمس مطالبين باطلاق سراح زملاء لهم (رويترز)
TT

أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم باليمن وحلفاؤه، موافقتهم وقبولهم بالمبادرة الخليجية، في الوقت الذي اتسعت فيه حالة العصيان المدني في المحافظات اليمنية للضغط على الرئيس علي عبد الله صالح للتنحي عن الحكم، في حين اتهم صالح المعارضة بالسعي لجر البلاد إلى حرب أهلية.

وقالت مصادر في الحزب الحاكم إنه وأحزاب التحالف الوطني سلموا الموافقة على المبادرة مكتوبة وبصورة رسمية إلى أمين عام مجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، خلال زيارته الأخيرة إلى اليمن اليومين الماضيين، وذكرت المصادر أن وزير الخارجية اليمنية، الدكتور أبو بكر القربي هو من سلم الموافقة، وبحسب ذات المصادر فإن المبادرة حينما سلمت إلى السلطة والمعارضة في اليمن، فإن الزياني أكد أنها «غير قابلة للتعديل أو الإضافة وعلى كل طرف تحديد موقفه بالقبول أو الرفض».

من جانبها، أعلنت أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة موافقتها على المبادرة الخليجية لكن مع تحفظها على البند الذي ينص على تشكيل المعارضة لحكومة وحدة وطنية، وأرجعت ذلك إلى أنها لا تريد أن تعمل تحت سلطات صالح، وقالت مصادر المعارضة إنها في انتظار أن يتنحى الرئيس صالح خلال 30 يوما حسبما تنص المبادرة الخليجية، وبعد نقل صلاحياته لنائبه، فإنها على استعداد لتشكيل حكومة والعمل مع الرئيس المؤقت.

أما «شباب الثورة» في ساحات التغيير والحرية بالمحافظات اليمنية المختلفة فقد أعلنوا رفضهم للمبادرة، وقال بيان صادر عن اللجنة الإعلامية للثورة الشبابية الشعبية إن «ثورات الشعوب غير خاضعة للمساومات والحوارات السياسية وإن أي حوار في هذه اللحظة التاريخية التي يصنعها شعبنا بثورته هو محاولة بائسة لا نؤمن بها ولا نعترف بها كون مثل هذا الحوار هو التفاف على مطالب شعبنا الثائر وتفريغ ثورتنا من جوهرها الذي انطلقت بناءً عليه والمتمثل في مطالب الشباب والثوار المرابطين في ساحات الحرية والتغيير في كل مدن يمننا الحبيب وليس ما يطرح على طاولات الحوار السياسي من قبل أطراف سقطت شرعيتها منذ انطلاق ثورتنا المباركة».

وأضاف البيان: «إننا إذ نوضح لإخواننا في دول الخليج والعالم أجمع أن ما تشهده بلادنا ليس أزمة سياسية بين حاكم ومعارضة كما أعلنوا ويحاولون تسويقها، فإننا نؤكد أن ما يجري هو ثورة شعب يطالب بإسقاط النظام ومحاكمته، وقامت في الأساس من أجل إسقاط المنظومة السياسية بشكل عام وبناء الدولة المدنية الحديثة وفقا لإرادة شعبنا الثائر وليس وفقا لإرادة أطراف دولية أو أحزاب سياسية لا تمثلنا ولا تعبر عن طموحاتنا وإرادتنا». وأردف شباب الثورة: «إننا إذ ندعو إخوتنا في دول الجوار إلى احترام إرادة شعبنا بدعم ثورته السلمية البيضاء وإيقاف سيناريو النظام الدموي بدلا من محاولة إنقاذه، فإننا نؤكد أن ثورتنا لا تشكل خطرا على أي أحد وإنها ستكون عامل استقرار للمنطقة والعالم أجمع».

في هذه الأثناء، اتهم الرئيس علي عبد الله صالح أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» بالسعي لجر البلاد إلى حرب أهلية، وقال: «نحن نرفض أن ننجر إلى الحرب الأهلية فهي ليست في مصلحة اليمن ولا في مصلحة المنطقة، فمصلحة اليمن هي الأمن والأمان والاستقرار وكذلك في مصلحة المنطقة، وأي انعكاسات سلبية ستؤثر على أمن المنطقة».

وهاجم صالح المعارضة واعتبر حجمها محدودا مقارنة بالجماهير التي تؤيده في جميع المحافظات، وحذر من تمزيق البلاد إلى دويلات، وأشار إلى طموحات الجنوبيين في الانفصال ومن وصفهم بالإماميين ورغبتهم في عودة نظام الإمامة إلى البلاد، وكذا السلاطين السابقين في جنوب البلاد، ولم يستثن صالح من هجومه، المنشقين عن حزبه ونظامه من وزراء ومسؤولين وقادة عسكريين، وقال: «إن الذين انضموا إلى ثورة الشباب ليست لديهم أجندة وإنما لترتيب أوضاعهم في المستقبل فيما لو انتصر الانقلابيون ليكونوا بذلك قد ضمنوا ترتيب أوضاعهم فهم ليست لديهم أجندة أو برامج ولكنهم كما ذكرت لم يستطيعوا الوقوف والصمود فمعظمهم من رموز الفساد سواء كانوا وزراء أو في مؤسسات أخرى أو عسكريين كانوا نهابين للأراضي ومهربين للنفط والغاز إلى أفريقيا». وأضاف: «محتالون فاسدون والآن يدعون الطهارة وهم رموز الفساد، هذا ما حصل سواء كانوا عسكريين أو مدنيين ليس عندهم أجندة أو برامج إصلاح اقتصادية وثقافية وتنموية».

وخاطب صالح جموع الحاضرين من الطلبة العسكريين مؤكدا تفهمه لمطالب الشباب و«معالجة قضاياهم، وما يحدث حاليا هو تقليد لما حصل في تونس وهناك فرق شاسع بين اليمن وتونس وكذلك تقليد لما حصل في مصر وهناك فرق شاسع بين مصر واليمن.. لا نتكلم في شؤون الآخرين لدينا تعددية سياسية، حزبية، ديمقراطية، حرية، صحافة، احترام حقوق الإنسان ليعبر المواطن عن رأيه في كل وقت، وليس هناك أي قيود من قبل الدولة على حق التعبير للمواطنين، التعبير السلمي وبطرق ديمقراطية». وقال: «ثقافتهم هي هبر المال والنهب لممتلكات هذه الأمة والآن يدعون الطهارة خوفا وجبنا.. نحن نحيي الشباب في حي الجامعة.. الشباب النظيف المستقل وسبق ورحبنا بهم ونرحب بهم ومستعدون أن نتفهم مطالبهم في إطار الدستور والقانون ولا بأس أن ينشئوا لهم حزبا سياسيا طبقا للدستور ولكنني متأكد تماما أن الشباب ليسوا هم أحزاب اللقاء المشترك الذين يركبون ما يسمى بثورة الشباب».

وقال الرئيس اليمني: «إذا كانوا عدوانيين على الشعب وهم خارج السلطة فكيف سيكونون عندما يتربعون على كرسي السلطة؟ ولهذا فإن الشعب اليمني يخاف من المجهول»، وإنهم «يتآكلون شيئا فشيئا»، و«لا يمكن أن نقبل أي وصى على بلادنا على الإطلاق، حتى المال الذي يتدفق لعناصر التخريب والتمرد في اللقاء المشترك مال مدنس وخسيس وهو يدفع الآن لتخريب اليمن. نحن على ثقة بأن كل أنواع المؤامرات ستتحطم على صخرة وعي شعبنا العظيم ومؤسساته العسكرية والأمنية».

على الصعيد الميداني، واصل ملايين المواطنين اليمنيين مظاهراتهم ومسيراتهم في معظم المحافظات اليمنية للمطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح عن السلطة، وفي مدينة تعز جرح عدد من الطلاب أثناء قيامهم بحماية مسيرة لطالبات جامعة تعز كانت متوجهة إلى ساحة الحرية، قبل أن تعترضها قوات الأمن وتحاول تفريق المسيرة بالقوة، وحسب شهود عيان فقد قام أفراد من الحرس الجمهوري بمداهمة مكتب رئيس جامعة تعز واقتياده بصورة «مهينة» من مكتبه إلى معسكر الحرس، دون أن تعرف الأسباب، وقد دعت نقابات هيئات التدريس في عدد من الجامعات اليمنية إلى عصيان مدني واحتجاجات في كل المحافظات، احتجاجا على هذا التصرف.

ونفذ سكان مدينة عدن عصيانا مدنيا شاملا هو الرابع من نوعه منذ 4 أسابيع، وقال شهود عيان إن كافة المحال التجارية والمؤسسات والمدارس وغيرها، أغلقت أبوابها تلبية لدعوة شباب الثورة إلى العصيان، كما خرج آلاف الشباب في مظاهرة في المنصورة، وقامت قوات الأمن بقمعها، الأمر الذي أسفر عن سقوط عدد من الجرحى، كما نفذ العصيان المدني الشامل في عدة محافظات يمنية منها محافظة الحديدة التي قال شهود العيان إن العصيان نجح فيها بنسبة 80%.

وتأتي هذه التطورات، في وقت قالت فيه مصادر معارضة إن نظام الرئيس علي عبد الله صالح قام بإخلاء المطار الحربي في العاصمة صنعاء من الطائرات العسكرية التي قيل إنها انتقلت إلى مطارات عسكرية في شبوة ولحج والمهرة، وإن الجيش في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت رفض السماح للطيران الحربي بالهبوط في مطار المدينة، دون أن تتوفر أية معلومات بشأن هذه التحركات العسكرية الجوية، غير أن قاعدة الديلمي العسكرية في صنعاء، تقع في نطاق عدد من القبائل التي ربما يخشى النظام أن تهاجم القاعدة وتستولي على ما بها من طائرات وعتاد عسكري.