مبارك يواجه المزيد من التحقيقات حول «صفقة الغاز» مع إسرائيل

كانت نقطة حشد في إطار حركة الاحتجاج بميدان التحرير * خسارة أكثر من 714 مليون دولار بسبب الأسعار المتدنية

TT

قام النائب العام المصري يوم الجمعة بتمديد التحقيق مع الرئيس السابق حسني مبارك لخمسة عشر يوم أخرى، بسبب شكوك مستمرة بخصوص فساد وسوء إدارة في اتفاق مصري سري يتعلق ببيع الغاز الطبيعي لإسرائيل، وذلك وفقا لما ذكره مسؤولون قضائيون.

ويأتي هذا الإعلان، الذي نقلته وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الحكومية، بعدما نقلت الوكالة خبر حبس وزير النفط الأسبق سامح فهمي وخمسة مسؤولين بارزين آخرين على ذمة تحقيق حول الصفقة.

وأصدر عادل السيد، المتحدث باسم النيابة العامة، بيانا ذكر فيه أنه يجري استجواب مبارك في عدة قضايا من بينها صادرات الغاز لإسرائيل بسعر منخفض، مما «أضر بمصالح الدولة». وقد خسرت مصر أكثر من 714 مليون دولار، بحسب ما قاله النائب العام في بيان نقلته خدمات إخبارية في وقت مبكر أمس، بسبب هذه الصفقة.

وواجهت عملية بيع الغاز إلى إسرائيل رفضا كبيرا داخل مصر منذ افتتاح خط الأنابيب في عام 2008، وقد كانت نقطة حشد في إطار حركة الاحتجاج بميدان التحرير منذ البداية في يناير (كانون الثاني). لكن تمتعت الصفقة بحماية على أعلى المستويات طوال مدة بقاء مبارك في السلطة. وكان حسين سالم، الصديق القديم للرئيس السابق، مساهما بارزا في الشركة الخاصة التي توصلت إلى الصفقة؛ وقال مسؤول مصري بارز إن المخابرات لديها حصة في الصفقة.

وبعد أن انتهت هذه الحماية، تأتي هذه الصفقة كاختبار علني لطريقة التعامل مع العلاقات بإسرائيل خلال حقبة ما بعد مبارك.

ويقول منصور عبد الوهاب منصور، أستاذ اللغة العبرية والمحلل السياسي المتخصص في العلاقات العربية الإسرائيلية بجامعة عين شمس «كان حسني مبارك على الدوام متجاوبا مع ما تريده إسرائيل من دون أي اعتبار لما يريده الرجل العادي. ولن يتغير الوضع بمقدار 180 درجة، لكن سيكون على الحكومة الجديدة أو النظام الجديد وضع الرأي العام في الاعتبار بدرجة أكبر».

وكانت صادرات الغاز المصرية لإسرائيل تمثل 40 في المائة مما تحتاج إليه الدولة العبرية، ولم تعد هذه الصادرات بالكامل منذ تفجير استهدف خط الأنابيب في سيناء في شهر فبراير (شباط) الماضي.

وقد طرحت تساؤلات منذ لحظة توقيع الصفقة، لا سيما منذ منحها لسالم وشريك إسرائيلي يدعى يوسف ميمان، الذي كانت شركته (شرق البحر المتوسط للغاز) وسيطا بين مصر وشركة الكهرباء الإسرائيلية وعملاء آخرين.

وكان الاتهام الرئيسي هو أن الشركاء حصلوا على الغاز بسعر مميز من الحكومة المصرية، التي خفضت الإمدادات التي تقدم لمستهلكين محليين من أجل تلبية الصفقة الإسرائيلية، وبعد ذلك باعت الغاز بزيادة كبيرة لتحقيق أرباح. ولم يتم نشر تفاصيل الصفقة بالكامل من قبل، لكن قال مسؤولون سابقون في الحكومة المصرية على اطلاع على الصفقة، وتحدثوا شريطة عدم ذكر أسمائهم، إن السعر الذي أعيد التفاوض بشأنه في وقت قريب من عام 2008 رُفع إلى 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بدلا من السعر السابق الذي كان يقف عند 1.25 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وحينها استطاعت شركة «شرق البحر المتوسط للغاز» التفاوض بخصوص بنود خاصة مع المشترين الإسرائيليين.

ولا يوجد سعر عالمي معياري للغاز الطبيعي، بحسب ما يقوله نيكوس تسافوس، المحلل بـ«بي إف سي إنيرجي» داخل واشنطن. لكن قال تسافوس إنه في صفقات مماثلة داخل المنطقة تدفع تركيا واليونان وإيطاليا ما بين 7 و10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

ولم يتسن الوصول إلى ميمان، الذي يحوز نحو ربع «شرق البحر المتوسط للغاز»، للحصول منه على تعليق. لكن الاتجاه العام داخل الحكومة الإسرائيلية تجاه الصفقة هو أنها قد تقبل إعادة دراسة الصفقة ما دام الأمر يتعلق بالسعر فقط. وقال مسؤول إسرائيلي بارز إنه إذا كان التحقيق ذريعة لوقف الصفقة لأسباب سياسية داخلية، سيكون لدى إسرائيل أسباب الشعور بقلق حقيقي.

وفي عام 2007 قام سالم ببيع حصص منفصلة في الشركة لشركة تايلاندية ولشراكة يترأسها سام زيل، قطب العقارات الأميركي. ولم ترد تيري هولت، المتحدثة باسم زيل، على طلبات للتعليق على الأمر يوم الجمعة.

وجاء تصريح البيع من الرئاسة والمخابرات، التي لديها حصة صغيرة في الصفقة، إلى جانب الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية المملوكة للدولة، بحسب ما قاله المسؤول المصري البارز شريطة عدم ذكر اسمه. ولم تتم استشارة وزراء خارج وزارة البترول، وتجاهلت الحكومة حكم محكمة يأمر بإثبات أن الصفقة لا يتم بموجبها تصدير غاز توجد حاجة له داخل مصر.

وقال المسؤول «كانت هذه علامة استفهام كبيرة، لم نفهم يوما لماذا يتم بيعه، وكان من المتصور السماح لشركات محلية بشرائه. ومن وجهة نظر أمن قومي، لم ينته الأمر بالترتيبات الأكثر منطقية».

وبالنسبة إلى مجتمع الأعمال المصري، فإن الإجابة تتعلق بسالم، وهو رجل مخابرات تحول إلى عالم الأعمال وهرب من مصر عقب الانتفاضة، ويطالب مدعون بإحضاره.

* خدمة «نيويورك تايمز»

* أسهم في التقرير إثان برونر من القدس