ميدان محافظة قنا يحاكي ميدان التحرير

المتظاهرون أقاموا محكمة شعبية وعلقوا دمية مشنوقة للمحافظ الجديد

متظاهرون بالآلاف في الميدان الرئيسي وعلى شريط السكة الحديدية بمحافظة قنا بصعيد مصر لليوم الثامن على التوالي في انتظار قرار تغيير المحافظ الجديد (أ.ب)
TT

ثمانية أيام مرت على أبناء محافظة قنا (600 كلم من القاهرة) وهم معتصمون في الميدان الرئيسي وعلى شريط السكة الحديد، في انتظار قرار تغيير المحافظ الجديد اللواء عماد شحاتة ميخائيل، وتصحيح الأوضاع التي يرونها خاطئة وضرورة تعيين محافظ مسلم مدني. وقد تحول مكان الاعتصام حول ديوان عام المحافظة إلى صورة طبق الأصل لميدان التحرير الشهير بالقاهرة، حيث عمل المعتصمون على محاكاة كل أساليب الحياة والتظاهر التي طبقها الثوار في ميدان التحرير وشهدها العالم أجمع وأعجب بها.

بدأت ملامح هذه الصورة تتشكل عندما قرر المتظاهرون بشكل عفوي إقامة خيام وسرادق كبير للوقاية من حرارة الشمس الحارقة، أعقبها عمل إذاعة داخلية للميدان يتم من خلالها إذاعة البيانات الصادرة عن الجهات الرسمية أو الشعبية والتعليمات الجديدة للثوار مرورا بالأناشيد والقصائد الشعرية التي يلقيها أبناء قنا لإشعال حماس الثوار وترغيبهم في البقاء ومواصلة الاعتصام حتى يتحقق المطلب الرئيسي الذي اعتصموا من أجله، والإعلان عن المفقودات والأطفال التائهين من ذويهم في الميدان.

ولم ينس أبناء قنا طابع الكرم والشهامة الذي تميز به الصعايدة، فقد ظهرت صور كثيرة للتكافل الاجتماعي والكرم الصعيدي داخل ميدان المحتجين أبرزها قيام أحد المتطوعين بإحضار سيارة كاملة مليئة بعلب الكشري يوميا للمتظاهرين بالميدان، وآخر بإحضار سندوتشات الكبدة والشاورمة، بالإضافة إلى زجاجات المياه الغازية، التي تتوزع مجانا.

ولم تتوقف صور الكرم عند هذا الحد، بل قام بعض المتظاهرين بإحضار بطاطين وفرش للمتظاهرين الذين يبيتون في الميدان.

ورغم صور التكافل والمنافسة في تقديم الوجبات والأطعمة للمتظاهرين، فإن الباعة الجائلين لم يتركوا هذه الفرصة التي لا تتكرر كثيرا، فقد كان لهم حظ كبير في هذا التجمع البشري الضخم، والذي لم تشهده قنا من قبل.

كما كانت الدمى التي علقت بميدان التحرير لرموز النظام السابق ملهمة لثوار قنا، الذين علقوا دمية مشنوقة في مدخل الميدان للمحافظ الجديد عماد ميخائيل، بعد أن وجهت له المحكمة الشعبية بالميدان عددا من الاتهامات له أبرزها ارتكاب أعمال قمع ضد المتظاهرين في ميدان التحرير، وكذلك صمته عن مطالبة رجال الأعمال من قيادات الحزب الوطني بالمستحقات الضريبية المفروضة عليهم للدولة عندما كان يشغل منصب مدير مباحث التهرب الضريبي.

ولم يختلف الأمر كثيرا في مجال النظافة والحفاظ على جمال الميدان، فقد حرص المتظاهرون على تشكيل لجان شعبية للقيام بأعمال النظافة والتجميل بالميدان، بالإضافة إلى اللجان المختصة بتأمين الميدان ضد أي مخاطر من الخارجين على القانون.

كما حول المتظاهرون حائط السينما الواقعة في قلب الميدان إلى لوحة إعلانية كبيرة، سجل خلالها أبناء القرى والقبائل تواجدهم ورفضهم لتعيين المحافظ الجديد، كما لم ينسوا أن يسجلوا على تلك اللافتات التي أخذت شكل لوحة فنية جميلة غضبهم من حكومة الدكتور عصام شرف التي تصر على تجاهل مطالب الآلاف من أبناء قنا وتحدي إرادتهم الشعبية، وقد حملت بعض اللافتات تهديدات صريحة من أبناء بعض القرى للمحافظ الجديد منها «لن تهنأ بالعيش لحظة واحدة في قنا»، «النعش في انتظارك»، «أسلحة قنا تنتظر لحظة إطلاق الرصاص عليك»، وغيرها من الشعارات التي حملت في أغلبها عبارات كوميدية تعبر عن الغضب المكبوت لدى أبناء الصعيد المهمشين منذ سنوات طويلة.