اتجاه لإعادة النظر في اتفاقية «شنغن» بسبب الهجرة

تفاقم الخلاف بين باريس وروما حول تدفق 20 ألف تونسي.. والملف على طاولة برلسكوني وساركوزي الثلاثاء

TT

بعد أزمة الاتحاد النقدي، ترى أوروبا أحد مشاريعها الكبرى الأخرى المتمثل في فضاء شنغن مهددا، بسبب التوتر الفرنسي الإيطالي حول تدفق آلاف اللاجئين من شمال أفريقيا. ويفترض أن تكون هذه المسألة في صلب قمة الثلاثاء في العاصمة الإيطالية، بين رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، كما أنها ستتصدر المقترحات التي ستطرحها في 4 مايو (أيار) المقبل المفوضة الأوروبية المكلفة بالشؤون الداخلية سيسيليا مالمستروم استعدادا لاجتماع وزراء الداخلية الأوروبيين الاستثنائي في 12 مايو في بروكسل.

وتتواجه باريس وروما علنا منذ أسابيع حول ملف نحو 20 ألف تونسي وصلوا إلى السواحل الإيطالية منذ يناير (كانون الثاني) من أجل التوجه إلى فرنسا، وأعلنتا أول من أمس أنهما تفكران في إدخال تعديلات على نظام «شنغن».

وكما أبرزت أزمة اليورو ضعف الاتحاد النقدي الذي انطلق عام 1999، يعكس الخلاف حول الهجرة محدودية المشروع الأوروبي لحرية تنقل الأشخاص الذي انبثق عام 1995. ففيما تقضي القاعدة بأن يتولى بلد المدخل الاعتناء بالمهاجرين، تلوم باريس السلطات الإيطالية لأنها تعمل على التخلص من المهاجرين التونسيين عبر منحهم إذن إقامة لستة أشهر وحتى بطاقات سفر مجانية إلى فينتيميلي، وهي آخر مدينة إيطالية قبل الحدود الفرنسية. وتندد روما من جهتها بقلة تضامن شركائها أمام هذا العبء المفاجئ.

وعلى الرغم من إعلان مصدر في الإليزيه عن النية في «إنقاذ شنغن» عبر تعزيز «حوكمته»، فإن ذلك يعني في الحقيقة إضعاف مبدأ حرية التنقل. وتعتبر باريس النظام القائم «ملتويا» وتريد «التفكير في آلية بند حمائي» يسمح «بإعادة العمل مؤقتا بإجراءات المراقبة» الداخلية عندما لا تقوم الحدود الخارجية بمهمتها. والخيار الآخر يقضي بتعزيز الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود (فرونتكس). وكانت الرئاسة الفرنسية أعلنت أن شنغن «تشوبها العيوب»، ودعت إلى «تعليق مؤقت» للعمل بالاتفاقية «إلى حين إصلاح العيب».

ويجيز نظام «شنغن» حاليا إعادة نقاط المراقبة بشكل مؤقت على حدود دولتين من المنطقة في حال وجود «خطر كبير على النظام العام أو الأمن الداخلي»، وهو حكم استخدم من قبل لصد تحركات المشاغبين (الهوليغانز) في مباريات كرة القدم أو مظاهرات عنيفة قبل عدد من القمم الدولية الكبرى. وتطرقت باريس إلى تهديد النظام العام لتعليق حركة القطارات يوم الأحد الماضي من فينتيميلي إلى جنوب شرقي فرنسا.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أوروبي قوله إن الأزمة الفرنسية - الإيطالية سرعت إصلاح نظام «شنغن» الذي كان مطلوبا بسبب المشكلات التي أثارتها بلغاريا ورومانيا. فبذريعة غياب الجهود الكافية لمكافحة الفساد عمدت باريس وبرلين إلى عرقلة انضمام صوفيا وبوخارست إلى «شنغن». وللخروج من هذا المأزق تنكب بروكسل منذ أشهر على بحث آلية تجيز «دفع الحدود الخارجية لشنغن إلى الخلف» في حال حصول خلل في إحدى الدول، حسب المصدر نفسه. واعتبر المصدر أن «التدفق الهائل للمهاجرين يمكن أن يعتبر خللا».

لكن رئيس كتلة الخضر في البرلمان الأوروبي دانيال كون باندي، رأى أن المسألة ليست سوى «تفكيك للاندماج الأوروبي». وصرح بأن الدفعة الأخيرة من توسيع الاتحاد الأوروبي اشتملت على «بنود حمائية لأنهم لم يرغبوا في سباكين من رومانيا، والآن يقترحون غيرها لأنهم لا يريدون المهاجرين، فيما ينبغي إبداء التضامن أمام هذه المشكلات».