سجال لبناني حول أحداث سورية واتهامات متبادلة

قيادي في «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط»: هل يعقل أن يتهم النظام السوري كل شعبه بالتآمر؟

TT

يترقب لبنان الرسمي والشعبي بقلق كبير التطورات المتسارعة في سورية، باعتبار أن الساحة اللبنانية هي الأكثر تأثرا بما يجري هناك، خصوصا مع تزايد الاتهامات التي تسوقها دمشق وحلفاؤها في لبنان ضد تيار المستقبل وفريق 14 آذار، حول تسليح مجموعات سورية مناهضة للنظام، مع إصرار حزب الله على محاسبة هذا الفريق ومحاكمته بسبب ما سماه تورطه في أحداث سورية وزعزعة أمنها. في حين اتهم تيار المستقبل، حزب الله بـ«السعي لجر الفتنة إلى لبنان من خلال التهم التي يسوقها وتقود إلى هدر الدم».

وفي هذا الإطار اعتبر قيادي في «14 آذار» أن ما يجري على الأراضي السورية هو «شأن سوري له أسبابه الداخلية»، وأكد المصدر في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «اتهام النظام السوري وبعض حلفائه اللبنانيين لتيار سياسي لبناني بالوقوف وراء ما يجري على أرضه هو هروب إلى الأمام»، مستغربا «كيف أن النظام السوري بدل أن يسعى إلى تحقيق آمال شعبه في الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة، يعتبر أن ما يتعرض له هو نتيجة مؤامرة خارجية على غرار الذرائع التي كانت تسوقها الأنظمة العربية التي انهارت، سواء في تونس أو مصر أو ليبيا أو غيرها»، وسأل «هل يعقل أن كل الشعب السوري أصبح متآمرا على بلده؟». وشدد المصدر على أن «كل قوى 14 آذار تأمل في أن تبقى سورية مستقرة وآمنة، لأن في أمنها مصلحة أولى للبنان قبل غيره، لكن ذلك يتطلب من النظام السوري أن يصغي إلى رغبات شعبه وتوقه إلى الحرية والتغيير نحو الأفضل، بدل أن يمعن في قمعه وتخوينه».

واعتبر أمس رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص، في تصريح له، أن «ما وقع في الشقيقة سورية (أول من) أمس من أحداث سقط ضحيتها عدد مريع من الإصابات هو فاجع لكل عربي حقا». وقال «إذا كان هناك من يستدرج القوات المسلحة النظامية إلى صدامات مسلحة يقع ضحيتها هذا العدد المؤلم من الضحايا، فإننا نناشد المسؤولين في سورية تقصد الامتناع إلى أبعد الحدود عن إطلاق النار في وجه المتظاهرين، مهما واجهوا من افتراء المفترين وإجرام المجرمين، وذلك ضنا بالأرواح والدماء البريئة». وأضاف «نحن ندرك أن السلطة في سورية تجد نفسها في حرج من أمرها حيال من يتعمدون إطلاق النار على قواتها استدراجا لمواجهات أليمة، إلا أننا نتمنى ألا تقع القوات الشرعية في فخ هؤلاء فتتحاشى الصدامات قدر الإمكان، تحت عنوان السماح بالتظاهر السلمي المشروع».

في هذا الوقت، أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، نبيل قاووق، أن «الأدلة والوثائق التي قدمتها سورية بشأن تورط فريق 14 آذار في التدخل في أحداثها الأخيرة كفيلة بأن يتحرك القضاء اللبناني لمحاكمة المتورطين»، مشيرا إلى أنه «ما دامت السلطة في لبنان لم تتغير ولم تتشكل الحكومة الجديدة، فلن تكون هناك جدية في فتح الملف القضائي للقيام بهذه المحاكمة، وسيكون مصير تورط هذا الفريق في أحداث سورية هو ذات مصير تورطه في ملف الشهود الزور، لأن أدواته لا تزال داخل الأجهزة الرسمية والقضائية وهي لم تتغير بعد». وقال «هذا الفريق الذي ارتضى لنفسه أن يكون أداة في إثارة الفوضى والتوتر داخل الساحة اللبنانية هو في حد ذاته أداة تستخدمها أميركا لإثارة التوتر والفوضى في سورية، حيث يظهر تورطه بما هو أكثر من التحريض السياسي والإعلامي»، مشيرا إلى أن «ما تنشره وسائل إعلام (14 آذار) وأبواقها السياسية دليل على هذا التحريض اليومي، وهو أمر موثق لدى الأجهزة السورية، لا سيما أن هذا الفريق لطالما كان يجاهر بعدائه لسورية ويطلب من أميركا أن تعمل على تغيير النظام فيها».

واعتبر عضو كتلة التحرير والتنمية، النائب علي بزي، أن «أمن لبنان من أمن سورية واستقرار لبنان من استقرار سورية، ونحن مع الإصلاحات، بخاصة أن الدكتور بشار الأسد بدأ بترجمة ما طالب به الشعب السوري لجهة تحقيق الإصلاحات، وهناك فرق كبير بين التخريب والفوضى والفتنة وبين توفير فرص الإصلاحات». وقال «لسنا حياديين على الإطلاق إزاء ما يجري من تطورات في المنطقة، ولسنا حياديين بخاصة إزاء ما يجري في سورية، ونحن منحازون تمام الانحياز إلى سورية قلعة العروبة والمقاومة مع كل ما قام ويقوم به الرئيس الأسد لجهة ترجمة آمال الشعب السوري وتطلعاته في عملية الإصلاحات». وأضاف «كل كلام آخر يقال في هذا السياق من بعض الموتورين والحاقدين من داخل لبنان أو من خارجه يهدف إلى تصفية حسابات مع النظام السوري، بسبب مواقف سورية القومية والعربية الممانعة».

واتهم عضو كتلة المستقبل، النائب أحمد فتفت، حزب الله وحلفاءه بـ«زج لبنان في صراعات هو في غنى عنها، وتحديدا في ما يحدث في سورية»، مشيرا إلى أن «هذا الفريق يصر على ممارسة الكذب المفضوح سياسيا وإعلاميا». ورأى أن حزب الله وفريقه يمهدون لجر الفتنة إلى لبنان من خلال التهم التي يسوقونها ضد تيار المستقبل «وتقود إلى هدر الدم»، محملا الحزب وقوى 8 آذار مسؤولية أي فتنة تحدث أو أي خلل أمني يطال أحد قياديي أو نواب تيار المستقبل. ورأى منسق الأمانة العامة في قوى 14 آذار، فارس سعيد، أنه «منذ انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005 كان يجب على الرئيس السوري بشار الأسد أن يعوض التراجع الإقليمي بإصلاحات داخلية». وأكد أنه «لا يفيد النظام السوري إلا إصلاحات حقيقية، ولا مجال ليقول الرئيس الأسد أتحالف مع إيران فأسكت الاحتجاجات، أهاجم إسرائيل فأوقف الاحتجاجات، أنفتح على تركيا فأسكت الاحتجاجات، فإذا اقتنع الأسد بالعودة إلى الداخل السوري والقيام بإصلاحات يخلص نفسه»، مشددا أنه «على سورية أن تهتم بشؤونها الداخلية من أجل إعطاء المجال لشعبها ليكون مشاركا في الحياة السياسية ويعيش كأي شعب آخر».