خلافات تعصف بمجلس بلدية الدار البيضاء المغربية

العمدة يدعو إلى تدخل السلطات لضمان الأمن خلال جلسة الخميس المقبل

TT

تعصف خلافات غير مسبوقة بمجلس مدينة الدار البيضاء، مما دعا محمد ساجد عمدة أكبر مدينة في المغرب، إلى طلب تدخل السلطات لضمان الأمن خلال اجتماع لمجلس بلدية المدينة المخصص للتصويت على الحسابات السنوية، وذلك بعد أن تعذر انعقاد هذا الاجتماع، عدة مرات منذ فبراير (شباط) الماضي بسبب خلافات بين الأغلبية والمعارضة، وصلت حد الاشتباك بالأيدي والملاسنات الحادة وأدت إلى فشل جميع محاولات عقد اجتماع قانوني. وستعقد هذه الجلسة الخميس المقبل، على أثر فشل آخر محاولة لعقد اجتماع المجلس الثلاثاء الماضي، حيث استمرت في أجواء مشحونة حتى ساعة متأخرة من الليل، أعلن بعدها منتخبو حزب التجمع الوطني للأحرار (مشارك في الائتلاف الحكومي) استقالتهم احتجاجا على ما وصلت إليه الأوضاع داخل مجلس الدار البيضاء والتي وصفوها بأنها باتت «تهدد حياة أعضاء المجلس»، على حد قولهم.

وحمل حزب الاتحاد الدستوري (معارضة) الذي ينتمي إليه محمد ساجد، في بيان شديد اللهجة أصدره صباح أمس، مسؤولية عرقلة انعقاد اجتماعات مجلس البلدية لأعضاء من حزب الاستقلال، الذي يقود الائتلاف الحكومي، وتضمن بيان الحزب عبارات قوية ضد خصومه، من قبيل الحديث عن «الأقلية الهجينة» و«الطموحات الذاتية المرضية» و«الأساليب الفاشية».

وكان التوتر بين الأغلبية والمعارضة في مجلس بلدية الدار البيضاء، العاصمة التجارية والاقتصادية للبلاد، بدأ في 19 فبراير الماضي، حيث كان مقررا أن يجتمع المجلس للتصويت على الميزانية الإدارية، كما تضمن جدول أعماله عدة نقاط منها إطلاق عطاءات لاختيار الشركة التي ستستغل ترام الدار البيضاء، وإطلاق مشروع بناء مسرح للمدينة خصصت له البلدية ميزانية تصل 1.5 مليار درهم (188 مليون دولار). غير أن أعضاء في المعارضة داخل المجلس احتجوا على عدم تلقيهم الوثائق المتعلقة بالميزانية الإدارية للبلدية.

ومنذ ذلك الحين تصاعدت حدة التوتر بين الطرفين، وبلغت حد الاشتباك بالأيدي والملاسنات بين الأعضاء عند بداية كل اجتماع، وكان آخرها يوم الجمعة الماضي. وكلن حزب الاستقلال قد قدم طلبا مكتوبا لرئيس المجلس يلتمس فيه فصل مسألة مناقشة الميزانية الإدارية والتصويت عليه عن باقي نقاط جدول الأعمال، بيد أنه لم يستجب لهذا الطلب.

وحول عدم توفير الوثائق لأعضاء البلدية قبل موعد الدورة، قال محمد ساجد خلال لقاء صحافي أمس في الدار البيضاء «حرصنا على توفير كل الوثائق، بل أكثر من ذلك وفرنا وثائق تعود لعدة سنوات حتى يمر الاجتماع في شفافية». وأضاف «أن القانون حدد عدد دورات مجلس البلدية في 4 دورات خلال السنة، وخصص دورة فبراير لمناقشة الحساب الإداري (الميزانية الإدارية) غير أن عملية إقفال الحسابات السنوية والمصادقة عليها من طرف الخزينة العامة للدولة يتطلب وقتا، الشيء الذي يفسر تأخرنا في التوصل بالأرقام النهائية. وخلال فبراير الماضي أجلنا الدورة 3 مرات بسبب تأخر وصول الوثائق. لكن ذريعة عرقلة الاجتماعات بسبب عدم توفير الوثائق هي ذريعة باطلة. ولا تفسر اللجوء إلى العنف وتهديد سلامة الأشخاص».

وحول انتهاء الأجل القانوني لتمديد دورة فبراير، قال ساجد «القانون يعطي صلاحية التمديد لوزارة الداخلية بعد انتهاء الأجل القانوني. وقدمنا طلبا في هذا الشأن، وحدد لنا موعد يوم 28 أبريل (نيسان) لعقد الدورة. لكننا نطالب السلطات بتوفير الأمن والسهر على أن تمر الدورة في ظروف عادية. أما بالنسبة للمعارضة، فلها أن تحضر وأن تتكلم وتعبر عن رأيها بكل حرية لكن من دون فوضى. ويبقى الحسم للتصويت والقرار للأغلبية. وهذه هي الديمقراطية». وأضاف ساجد أن حزب الاتحاد الدستوري وحزب جبهة القوى الديمقراطية وجها رسالة إلى محافظ الدار البيضاء يطلبان منه السهر على توفير الأمن خلال اجتماع المجلس.

وحول استقالة أعضاء حزب التجمع الوطني للأحرار في المجلس، الذي يعتبر من أهم حلفائه، أوضح ساجد أنه طلب من الأحرار مراجعة قرارهم والعودة إلى المجلس. وقال: «لا أخفيكم شيئا إن قلت إننا جميعا لسنا مرتاحين لأجواء الفوضى وانعدام الأمن التي أصبحنا نعمل فيها. لكننا من موقع المسؤولية، لا ندخر جهدا في القيام بجميع المحاولات والمساعي لإقناع إخواننا سواء في المعارضة أو الأغلبية بتحمل مسؤوليتهم في تدبير شؤون المدينة وتجنب تلك الأساليب التي استعملها البعض خلال الاجتماعات الأخيرة. وعدم تعطيل مصالح ومشاريع المدينة بناء على حسابات سياسية ضيقة».