الثوار يعلنون تحرير مصراتة.. ويتشككون في نيات طرابلس

قوات القذافي فخخت الجثث.. ووضعت القنابل على الثلاجات في المنازل مما أدى إلى مقتل 15

مدنيون ليبيون وأجانب.. يستريحون على متن إحدى السفن التي تستعد لإجلائهم من مصراتة أمس (رويترز)
TT

بعد معارك طاحنة ودامية دامت أكثر من شهرين، انسحبت قوات العقيد القذافي من مدينة مصراتة، ثالث أكبر المدن الليبية التي تحولت إلى مدينة أشباح إثر المعارك التي شهدتها طوال تلك المدة. وقال متحدث باسم المعارضة الليبية إن مدينة مصراتة تحررت من قوات القذافي أمس بعد حصار القوات للمدينة خلال الشهرين الماضيين تقريبا. وأكد جنود ليبيون أسرهم المعارضون في مصراتة أن الجيش تلقى تعليمات بالانسحاب من المدينة. وصرحت الحكومة الليبية في وقت سابق بأن القبائل المحلية ستتولى زمام المعركة ضد قوات المعارضة.

وقال جمال سالم المتحدث باسم المعارضة الليبية لرويترز: «مصراتة حرة. انتصر المعارضون. من بين قوات القذافي من قتل وآخرون يفرون». وأضاف سالم أنه على الرغم من انسحاب قوات القذافي من مصراتة فإنها لا تزال مرابطة خارجها في وضع يمكنها من قصفها. ولقي مئات المدنيين حتفهم في القتال. وسيطر المعارضون في مصراتة على مبنى مكاتب في وسط المدينة كان قاعدة لقناصة القذافي وقوات أخرى تابعة له. وكانت هناك دبابات معطلة وجثة محترقة لجندي حكومي على الأرض أمس قرب المبنى الذي كان يضم مكاتب لشركات تأمين وسط مبان بدت عليها آثار إطلاق النار. وقال مقاتل إن قوات القذافي التي طردت «كانت تطلق النار على أي شيء يتحرك».

وقال سالم إن هدف المعارضة في مصراتة الآن هو مساعدة المعارضين في المناطق الأخرى في غرب ليبيا ضد قوات القذافي. وأضاف أن المعارضين يمشطون الآن مصراتة ويخلون الشوارع. وتابع أن قوات القذافي نصبت قبل رحيلها شراكا خداعية في المنازل والسيارات وحتى الجثث. وتابع بقوله: «رجل كان يفتح ثلاجته لدى عودته إلى بيته بعدما غادرته قوات القذافي هذا الصباح فانفجرت في وجهه. الجثث نفس الشيء. عندما يحاول المعارضون رفع جثة تنفجر.. قتل منا ثلاثة أشخاص بسبب ذلك و15 أصيبوا». لكن متحدثا آخر باسم المعارضة وهو عبد الباسط أبو مزيريق قال إن عدد القتلى وصل إلى 15 شخصا على الأقل قتلوا في انفجار شراك خداعية وكمائن نصبتها قوات القذافي أمس أثناء انسحابها من مدينة مصراتة. وأضاف المتحدث: «وصلتني معلومات عن استشهاد 15 شهيدا وإصابة 31 شخصا آخر نتيجة كمائن لكتائب القذافي في أماكن انسحابها». وأشار إلى أن القوات الموالية للقذافي استخدمت «أساليب قذرة» كتفخيخ الجثث والسيارات أثناء انسحابها من مصراتة. وطالب المتحدث مقاتلي المعارضة بتوخي الحذر.

وشكك عضو المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى غرياني أمس في صحة تصريحات الحكومة الليبية بأن قواتها ستنسحب بشكل كامل من مدينة مصراتة غرب البلاد. وقال لوكالة الأنباء الألمانية إن المجلس لا يثق في مزاعم النظام. وأضاف أنه من خلال استخدام الطائرات من دون طيار أدرك القذافي أن العملية قد تعززت بشكل أقوى مشيرا إلى أنه يود أن يرى قوات القذافي تنسحب بشكل كامل من مصراتة لكنهم غير متفائلين من حدوث ذلك. وقالت قوات ليبية أسرتها المعارضة في مصراتة إن الجيش تلقى أوامر بالانسحاب من الميناء الواقع غرب ليبيا. وقال الجندي خالد درمان لرويترز «طلب منا الانسحاب. أمس». والجندي الذي كان يتحدث مع على ظهر شاحنة كان بين 12 جنديا مصابا نقلوا إلى مستشفى للعلاج في مصراتة. وسمعت أصوات الانفجارات والأسلحة الآلية من على بعد. وأجاب جندي آخر ردا على سؤال عما إذا كانت الحكومة فقدت السيطرة على مصراتة بقوله «نعم». وفي مصراتة قال جنود أسرى إن الجيش الليبي تعرض لهجوم من معارضين أثناء تقهقره. وقال جندي صغير في السن يدعى إياد محمد: «هاجمنا المعارضون بينما كنا ننسحب من مصراتة قرب جسر هذا الصباح». وبينما كان يتحدث كان جنود آخرون بزيهم الرسمي يئنون ويتوجهون لله بالدعاء.

وكانت الحكومة الليبية قد أعلنت في وقت سابق أن الضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي تعني أنه لم يعد منطقيا أن يقاتل الجيش في مصراتة وأن القبائل المحلية ستتولى زمام المعركة. وقال نائب وزير الخارجية الليبي خالد كعيم مساء أول من أمس إن قوات القذافي ربما تنسحب من مصراتة وتترك مهمة إنهاء الصراع مع الثوار إلى قبائل المنطقة المحيطة بالمدينة. وأوضح كعيم في تصريحات للصحافيين إن قوات القذافي ستتخلى عن القتال مع الثوار في مصراتة بسبب الضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) وستسمح للقبائل المحلية بقيادة القتال ضد المعارضين. وأوضح أن القبائل المحلية ستعمل على حل الأزمة في مصراتة عبر المفاوضات أو من خلال استخدام القوة.

وتعد مصراتة، ثالث أكبر مدن ليبيا من حيث عدد السكان، وتقع على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الشرق من طرابلس. وتعرضت المدينة التي تعد معقلا للثوار في غرب ليبيا للحصار من قبل قوات القذافي على مدى شهرين تقريبا.

وقال شهود عيان في مصراتة إنهم رأوا القوات الحكومية وهي تغادر بعض المناطق الوسطى يومي الجمعة والسبت. لكن لم يتضح إلى أي مدى انسحبوا. وبدد المجلس أيضا القلق من أن مجموعات قبلية يمكن أن تشارك في الصراع في مصراتة.

وقال غرياني إن قضية إدخال قبائل في تلك المعادلة طرحها القذافي على الطاولة من اليوم الأول ولكن القبائل لم تصبح بشكل واضح وصريح جزءا من الثورة و«إننا لم نعرف لماذا ستكون.. إن القذافي يمسك بخناقهم أيضا». وأضاف أن الزعيم الليبي يلجأ إلى تكتيكات يائسة علي نحو متزايد. وتابع غرياني: «عندما يفكر النظام في أنه يخسر يصبح مثل ذئب جريح أو سفينة غارقة.. ولكنه يغير أساليبه في الكثير جدا من المرات متكيفا مع كل موقف». وقال إن أقوال القذافي تتنافى مع أفعاله. وأضاف: «إذا انسحبت القوات الموالية للقذافي فإنني واثق من قواتنا ستنضم إلى (تلك المتمركزة في) بلدات أخرى في المنطقة وبالقرب من الجبال الغربية لاتخاذ وقفة أخرى ضد القذافي ولكننا لا نعتقد أنهم سيقومون بذلك الآن».

إلى ذلك غادر مواطنون ليبيون وأجانب مدينة مصراتة أمس على متن سفن وذلك بعد استمرار الحرب في المدينة. وقال مهاجر نيجيري أثناء محاولة الرحيل بحرا «حدثت الكثير من الأشياء عانينا كثيرا في مصراتة بسبب الحرب الجارية..عانينا كثيرا». ويعالج معظم المصابين في الصراع في مستشفى مصراتة حيث يعمل الزوجان الأوكرانيان رومان وتاتيانا شوتكو كممرض وممرضة وكونا العديد من الأصدقاء الليبيين. وكان طبيبهما الأوكراني قتل بواسطة قذيفة سقطت على منزله الأسبوع الماضي عندما كان يحزم حقائبه للمغادرة على نفس العبارة. وهذا جعل الزوجان يقرران الرحيل بعد أن أمضيا في ليبيا تسعة أعوام. وقال رومان شوتكو إنهما قررا الرحيل بعد أن سمعت والدته نبأ مقتل صديقهما وناشدته العودة إلى أوكرانيا. وقال: «لو لم تكن لدينا قضايا عائلية لما غادرنا هذا المكان».