نظام القذافي يلوح بإشراك القبائل للمرة الأولى.. ويدعو معارضيه إلى الحوار مجددا

الناطق باسم حكومة طرابلس: نسلح المدنيين للتصدي لأي هجوم بري محتمل لحلف الناتو

مقاتلون من الثوار يحتجزون عناصر من قوات القذافي داخل شاحنة صغيرة خارج مصراتة أمس (رويترز)
TT

خفف نظام العقيد الليبي معمر القذافي الذي فقد، أمس، سيطرته بالكامل على مدينة مصراتة، ثالث أكبر مدينة ليبية، بعد معارك طاحنة ودامية دامت شهرين، من حدة انتقاداته للثوار المناوئين له، ولوح مجددا بورقة الحوار والتفاوض، في وقت هدد فيه للمرة الأولى بإشراك القبائل في الحرب.

وفي تطور لافت للانتباه أعلن خالد كعيم، نائب وزير الخارجية الليبي، أن الجيش الموالي للقذافي قد تخلى عن القتال في مدينة مصراتة بسبب الضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مشيرا إلى أن الجيش الليبي سيسمح للقبائل المحلية بقيادة القتال ضد الثوار، وقال كعيم إن الجيش التقى مع القبائل المحلية التي ستحاول التحدث مع المعارضين أولا، وإذا أخفق الحوار ستقاتل القبائل المعارضين في مصراتة، مضيفا أن القبائل أبلغت الجيش بأنه إذا لم يستطع القيام بذلك فستقوم القبائل بهذه المهمة.

وتابع أنه يوجد الآن إنذار نهائي للجيش وإذا لم يمكنهم حل المشكلة في مصراتة، فسيتحرك الناس من المنطقة، مشيرا إلى أنه سيتم تخفيف الوضع في مصراتة وستتعامل معه القبائل المحيطة في المدينة وباقي أهالي مصراتة لا الجيش.

لكن متحدثا باسم المجلس الانتقالي الوطني الليبي رد بسخرية لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من مدينة بنغازي، على تصريحات كعيم واعتبرها خارج سياق الزمن.

وأضاف: «الآن يهددنا نظام القذافي بالقبائل، لماذا لم يستخدمها عندما كانت قواته موجودة في مصراتة؟ ليس لديه ولاء بين هذه القبائل، إنه يحاول التلويح يائسا بورقة الحرب الأهلية والقبلية». وأوضح أن معظم القبائل الليبية منحازة للثورة الشعبية ضد نظام القذافي الذي أكد أنه بدأ فعليا في الانهيار، وأنها مجرد فترة وجيزة قبل أن يقترب الثوار من أبواب مدينتي سرت وطرابلس في الغرب، على حد تعبيره.

كما جددت الحكومة الليبية، أمس، دعوتها إلى المعارضين للقذافي إلى الحوار والتفاوض، في وقت يقول فيه مسؤولون في المجلس الانتقالي المناهض للقذافي إن تلويح النظام الليبي باستعداده للدخول في مفاوضات والقيام بإصلاحات سياسية يستهدف في الأساس استباق قرار متوقع أن تتخذه المحكمة الجنائية الدولية الشهر المقبل باعتبار القذافي مجرم حرب.

وقالت مصادر ليبية في بنغازي لـ«الشرق الأوسط»، إن استمرار نظام القذافي في محاولة التودد إلى المجلس الانتقالي الممثل للثوار وإقناعه بالدخول في حوار تحت رعاية الاتحاد الأفريقي أو تركيا، يعني أن القذافي يسعى إلى استباق أي قرار دولي ضده بملاحقته على غرار ما فعلته المحكمة الدولية مع الرئيس السوداني، عمر البشير.

وكان مجلس الأمن الدولي قرر مؤخرا تكليف لويس مورينو – أوكامبو، مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، التحقيق في الوضع في ليبيا، معتبرا أن ما وصفه بالهجمات الممنهجة ضد المدنيين في هذا البلد يمكن تصنيفها على أنها «جرائم ضد الإنسانية».

وأعلن أوكامبو عن فتح تحقيق حول احتمال وقوع جرائم ضد الإنسانية في ليبيا يستهدف القذافي والحلقة المقربة منه، بمن فيهم أبناء القذافي. ويقول محققو المحكمة الجنائية الدولية، إن 565 على الأقل من المدنيين العزل قتلوا في ليبيا بين 15 فبراير (شباط) الماضي و28 من نفس الشهر، بينما تبدي منظمات حقوقية محلية ودولية قلقها بشأن عمليات خطف وتعذيب وقتل لأشخاص في ليبيا، ينظر إليهم على أنهم مناوئين للقذافي.

وبموازاة المحكمة الدولية، أعلنت منظمة «محامون بلا حدود»، غير الحكومية التي تحقق في مقتل مدنيين على أيدي قوات القذافي، أن «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب واسعة النطاق» ارتكبت في ليبيا وستبلغ عنها المحكمة الجنائية الدولية. وقال نائب رئيس المنظمة، المحامي الفرنسي فيليب موريسو، إن المنظمة جمعت إفادات تؤكد أن السلطات الليبية ارتكبت خلال الأسابيع الأخيرة أعمال عنف بمختلف أنواعها بحق المدنيين، بما في ذلك عمليات تعذيب وإعدامات خارج إطار القضاء، ومجازر، بالإضافة إلى استخدامها دروعا بشرية وقنابل عنقودية.

في غضون ذلك، قال موسى إبراهيم القذافي، الناطق الرسمي باسم الحكومة الليبية، إن السلطات الليبية تحث المعارضين المناوئين لها على الجلوس ومناقشة إحلال السلام، لكنها تقوم أيضا بتسليح المدنيين للتصدي لأي هجوم بري محتمل تشنه قوات حلف شمال الأطلسي. وقال إبراهيم القذافي للصحافيين في العاصمة الليبية، طرابلس، إن سكان الكثير من المدن الليبية نظموا أنفسهم في مجموعات لمحاربة أي غزو لحلف الأطلسي، مضيفا أنه جرى توزيع بنادق وأسلحة خفيفة على جميع السكان.

وحذر من أنه إذا جاءت قوات الحلف إلى مصراتة أو أي مدينة ليبية أخرى، فإن الليبيين سيفتحون عليهم أبواب الجحيم، وستكون المواجهة أسوأ عشر مرات مما يحدث في العراق، على حد تعبيره. وقال إبراهيم إن حكومة القذافي تسلح السكان جميعا ليس لمحاربة «المتمردين» وإنما لمحاربة حلف الأطلسي. وأضاف أن القبائل الليبية والشباب، رجالا ونساء، وليس الجيش الليبي هم من سيواجهون قوات حلف الأطلسي إذا فكر الحلف في القدوم واحتلال أي مدينة ليبية.

وقال إن القوات الحكومية تسيطر على 80 في المائة من مدينة مصراتة التي تقع غرب ليبيا، حيث يقول مقاتلو المعارضة والسكان إن القوات المؤيدة للقذافي تقصف المدينة يوميا.

وأضاف أن مقاتلي الثوار يسيطرون فقط على الميناء وعلى منطقة قريبة. وقال إن الحكومة قامت بإجلاء عشرات الآلاف من السكان من المدينة، وتعمل مع الصليب الأحمر لضمان المساعدات الإنسانية. وأكد إن الحكومة ترحب بالمساعدة الدولية، ولكنها لن تقبل أي مساعدات إنسانية تأتي تحت ستار عسكري، فهذا احتلال مباشر لليبيا «سنتصدى له.. الشعب كله وليس الجيش وحده».

وقال إن المشكلة في مصراتة لا تتعلق بميزان القوة لأن القبائل في مصراتة وخارجها أعلنت جميعا أنها مع الحكومة الشرعية في هذا البلد. ودعا إبراهيم المجتمع الدولي إلى الضغط على الثوار لإعادة النظر في خطة سلام للاتحاد الأفريقي رفضوها هذا الشهر أو تقديم بدائل أخرى غير القوة.

وأضاف: «نقول للجميع في الجزء الشرقي من البلاد، وللجميع خارج ليبيا، إننا نحتاج إلى أن نجلس ونتباحث ونخرج بليبيا من هذه الأزمة». وقال إبراهيم: «إننا نتحدى بريطانيا وفرنسا على وجه الخصوص.. ونتحدى المتمردين أن يأتوا بعملية سياسية دون شروط مسبقة. الشرط الوحيد هو أن لا يفرض حل سياسي من خارج ليبيا». وأضاف: «وزراؤنا ومسؤولونا يسافرون إلى أفريقيا لتنشيط خارطة الطريق هذه، لكننا مستعدون أيضا للحرب وإذا جاء حلف الأطلسي فسوف يفتح باب الجحيم».

وكانت حكومة القذافي قد قبلت خطة سلام للاتحاد الأفريقي، في وقت سابق من هذا الشهر، تدعو إلى هدنة ومعونات إنسانية وحوار وفترة انتقالية، لكن رئيس المجلس الانتقالي المناوئ للقذافي أعلن عن رفض الخطة التي قال إن الزمن تجاوزها لأنها لا تتضمن رحيل القذافي.