الملحقيات الثقافية السعودية بالخارج: اللغة والاندماج وضعف المستوى التعليمي أبرز مشكلات المبتعثين

في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» على هامش أعمال المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي

الدراسة عبر الانترنت
TT

أرجع عدد من الملحقين الثقافيين السعوديين بسفارات السعودية بالخارج، أبرز المشكلات والتحديات التي تواجه الطلبة والطالبات السعوديين المبتعثين للدراسة بالخارج ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، لعدة أسباب منها اللغة، والاندماج في المجتمعات الجديدة، معتبرين أن تدني المستوى التعليمي المحلي مقارنة بالنظام التعليمي بالدول التي يبتعث لها الطلاب السعوديون من العقبات التي تواجه البعض منهم، مما يؤدي إلى تسرب أعدد من أولئك المبتعثين وانسحابهم من البعثة.

وأوضح الدكتور عبد الله الخطيب، الملحق الثقافي لدى فرنسا ويشرف على إسبانيا وسويسرا وبلجيكا، أن قضية اللغة والاندماج في المجتمع أكبر العقبات التي تواجه الطلاب السعوديين المبتعثين، مضيفا أن ملحقيته الثقافية بباريس عمدت إلى تكثيف دورات اللغة لكافة الطلاب المبتعثين، ليتمكن المبتعثون من تجاوز عقبة اللغة خلال السنة أو السنة والنصف، التي يقضونها عادة في تحصيلهم للغة الفرنسية، والتي تؤهلهم لدخول الجامعات الفرنسية.

وبين الخطيب أن عدد الطلاب السعوديين المبتعثين للدراسة في فرنسا يتجاوز 1000 مبتعث في تخصصات مختلفة، وأغلب المبتعثين هم في تخصص الطب وعلومه، حيث يوجد أكثر من 200 طبيب يحصلون على نفس الشهادة التي يحصل عليها الطبيب الفرنسي، مشيرا إلى أن بقية الطلاب يدرسون في مجال القانون والهندسة والعلوم الإنسانية والترجمة.

وأضاف أن عدد الطلاب السعوديين في إسبانيا يتجاوز 240 طالبا مبتعثا في تخصصات مختلفة أغلبها في العلوم الإنسانية، وخاصة الترجمة والتجارة والأعمال، بينما في سويسرا يبلغ العدد قرابة الـ200 مبتعث، مشيرا إلى إلحاق ما يزيد على 86 مبتعثا من الدارسين على حسابهم الخاص بعد صدور الأمر الملكي الأخير القاضي بضم كافة الدارسين من الطلبة السعوديين لبرنامج الابتعاث الخارجي.

وحول قضية الاندماج في المجتمع، يؤكد الخطيب أنه لا تشكل مشكلة كبيرة لدى عدد كبير من الطلاب، مرجعا ذلك لكون الجيل الجديد من الطلاب يتميزون بكونهم على قدر عال من التواصل مع بيئات وثقافات أخرى، من خلال توافر قنوات الاتصال الحديثة من الإنترنت والمحطات التلفزيونية وغيرها من الوسائل التي جعلت العالم قرية صغيرة، موضحا أنه لم يعد هناك ما يسمى «الصدمة الثقافية» التي كان يعاني منها البعض، وخاصة من المبتعثين في فترات مضت.

وحول قضية الانسحاب وتسرب الطلاب المبتعثين بسبب عدم القدرة على التحصيل العلمي أو اللغوي، يؤكد الدكتور عبد الله الخطيب الملحق الثقافي لدى فرنسا أنهم نسبة قليلة جدا ومحدودة، دون إعطاء نسبة معينة أو رقم محدد، وحصر الخطيب نسبة التسرب في طلاب مرحلة البكالوريوس فقط، مؤكدا أن عدد 30 طالبا من أصل 90 طالبا في السنة الثالثة في الطب يعد دليلا على نجاح تلك التجربة.

وطالب الخطيب في الوقت ذاته بإعادة النظر في دراسة الطب في مرحلة البكالوريوس خارج البلاد، مؤكدا أهمية تركيز البعثات على الدراسات الطبية المتخصصة، التي يحقق فيها الطلاب السعوديون المبتعثون نسبة نجاح عالية، وقدر الخطيب عدد الطلاب في تلك التخصصات الطبية المتقدمة بـ200 طالب من المبتعثين.

من جانبه، أكد الدكتور سطام العتيبي الملحق الثقافي في نيوزيلندا على أن الطلاب السعوديين المبتعثين في نيوزيلندا يواجهون عددا من التحديات، في مقدمتها تحدي اللغة الإنجليزية، مشيرا إلى أن الكثير من الطلاب المبتعثين يمضون ما يقارب السنة إلى السنة والنصف دون القدرة على تجاوز عقبة اللغة.

من جانب آخر، اعتبر الدكتور محمد العيسى الملحق الثقافي بالولايات المتحدة الأميركية، وهي أكبر ملحقية ثقافية سعودية في العالم حيث يتجاوز عدد الطلاب والطالبات المبتعثين في الولايات المتحدة الأميركية 43 ألف طالب وطالبة، أن هذا العدد بخلاف المرافقين لهم من أسرهم، حيث يصلون بمرافقين لهم إلى 65 ألف سعودي بالولايات المتحدة الأميركية، كما أن المبتعثين يدرسون في كافة التخصصات الموصى بها والمعتمدة من قبل وزارة التعليم العالي السعودية.

وأشار العيسى إلى أن نسبة تسرب الطلاب من البعثة نسبة متدنية لا تذكر، والسبب يعود لكون المجتمع الأميركي يساعد الطالب على الاندماج، معتبرا أن المجتمع الأميركي مجتمع مفتوح ويتقبل تعدد الثقافات، مشيرا إلى طلبه الشخصي من كافة المبتعثين بضرورة الاندماج في المجتمع الأميركي وعدم الانعزال عن المجتمع من حولهم.

ولمح العيسى إلى أن الأندية الطلابية السعودية بالولايات المتحدة الأميركية تقوم بدور كبير في عملية التبادل الثقافي ومساعدة الطلاب الجدد مما يقلل فرص التسرب والتغلب على كافة الصعاب والتحديات التي تواجه المبتعثين الجدد.

والمبتعثون السعوديون في الولايات المتحدة يدرسون في كافة التخصصات الموصى بها والمعتمدة من قبل وزارة التعليم العالي السعودية، ويوضح الملحق الثقافي السعودي بأميركا أن عددا من الطلاب المبتعثين يدرسون في الطب والهندسة، حيث إن أكثر من 1000 طبيب وطبيبة يحضرون الزمالة الأميركية في التخصصات الطبية المختلفة، وما يتجاوز 290 طبيب أسنان، وما يربو على 200 صيدلي جميعهم طلاب دراسات عليا، بالإضافة إلى تخصصات التمريض والعلوم الطبية والعلاج الطبيعي.

وأشار العيسى إلى أن ملحقيته الثقافية قامت مؤخرا بإلحاق ما يزيد على 7800 طالب وطالبة ممن يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية على حسابهم الخاص بعد الأمر الملكي بإلحاقهم ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، وتم إلحاقهم جميعا في مدة 3 أسابيع، مضيفا أن ما بقي هم 150 طالبا وطالبة لم يدرجوا ضمن برنامج الابتعاث الحكومي لأسباب متعددة دون أن يفصح عنها.

وأوضح الدكتور محمد العيسى أنه «على الرغم من كبر عدد الطلاب السعوديين المبتعثين في الولايات المتحدة فإن المشكلات لا تذكر، ولا تصل مشكلات المبتعثين السعوديين بأميركا لنسبة واحد في المائة»، مشيرا إلى أن أغلب تلك المشكلات هي مخالفات قانونية بسبب انتقال الطالب بدراسته من جامعة إلى أخرى دون مراعاة لقوانين الهجرة المطبقة في الولايات المتحدة.

واعتبر تلك التجاوزات أمرا طبيعيا وتتم السيطرة عليه وحله من قبل الملحقية مع السلطات الأميركية المختصة.

ونفى العيسى في الوقت ذاته ما يشاع من قبل بعض وسائل الإعلام المحلية وما تناقلته بعض الصحف من قضايا للطلاب السعوديين المبتعثين وما يواجهونه من مشكلات مع السلطات الأميركية، مؤكدا أنها عارية عن الصحة ولا تمثل ظاهرة يعاني منها كافة الطلاب المبتعثين.

وبين أن قضية الطالب الدوسري التي تناقلتها وسائل الإعلام متعلقة بطالب مبتعث من قبل شركة «سابك»، موضحا أن سفارة السعودية لدى الولايات المتحدة تتابع عن كثب تلك القضية.

وأكد الملحق الثقافي السعودي لدى أميركا أنه لم تمر عليهم أي قضية لأي مبتعث سعودي لها علاقة بالإرهاب، مضيفا أن قيام الملحقية بالتدخل عن طريق سفارة السعودية لدى الولايات المتحدة الأميركية في حال وجود أي مشكلة لأي مبتعث سعودي بأميركا، إما بتعيين محام متى ما استدعى الأمر أو بالتدخل لدى السلطات المعنية لحل لتلك المشكلة التي يواجهها المبتعث مع السلطات الأميركية. ولمح إلى وجود تواصل بين السفارة السعودية والكثير من السلطات الحكومية بالولايات المتحدة على أعلى المستويات لحل أي قضية تواجه المبتعثين.

وأوضح الدكتور محمد العيسى الملحق الثقافي السعودي لدى الولايات المتحدة الأميركية حيث كشف لـ«الشرق الأوسط» عن انتقال الملحقية الثقافية لمقرها الجديد خلال الأسبوعين المقبلين، الذي تم شراؤه من قبل وزارة التعليم العالي بالسعودية، بعد أن كانت الملحقية تعمل في مبنى مستأجر، مما سيعطي للملحقية فرصة أكبر في عملية التواصل مع الطلاب والطالبات المبتعثين بعد تزويد المبنى الجديد بكافة التقنيات الحديثة في التواصل.

وبين العيسى أن المبنى يتكون من 8 طوابق، ويقع في منطقة فيرفاكس في ولاية فرجينيا وهو على مقربة من مطار دلاس الدولي.

وكشف العيسى في الوقت ذاته عن قيام الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي بالسعودية بافتتاح المبنى في 17 يونيو (حزيران) المقبل، وسيتم خلال حفل الافتتاح للمبنى تدشين البوابة الإلكترونية للملحقية الثقافية بالولايات المتحدة، فيما سيرعى الوزير حفل تخريج الدفعة الخامسة من طلاب برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.

وأوضح العيسى أن العدد المتوقع لأولئك الخريجين ما بين 3000 و4000 طالب وطالبة من المبتعثين بالبرنامج، مشيرا إلى أن الملحقية ستنظم في التاريخ ذاته يوم مهنة يشارك به أكثر من 150 شركة ومؤسسة سعودية، بالإضافة لمشاركة 24 جامعة سعودية حكومية وأهلية وعدد من الجهات الحكومية.

واعتبر العيسى أن الهدف من هذا اليوم هو استقطاب الخريجين للعمل في تلك القطاعات الحكومية والخاصة، مؤكدا أن هذا اليوم رد على التساؤلات التي يطرحها البعض عن مصير الطلاب المبتعثين بعد حصولهم على شهاداتهم من الخارج. إلى ذلك، أشار الدكتور عصام بخاري الملحق الثقافي السعودي في اليابان إلى أن اليابانيين يتغنون بإمبراطورهم ميجي الذي نقلهم من عصر الانغلاق لعصر النهضة، وكان من أبرز سمات عصر الإمبراطور ميجي هو ابتعاث الطلاب اليابانيين للخارج، مضيفا أن الكثير من اليابانيين يتحدثون إلى المبتعثين السعوديين بالقول: «نحن نرى في الملك عبد الله إمبراطور اليابان ميجي»، مؤكدين أن أثر هذه البعثات على السعودية ستجدونه بعد 20 عاما من الآن.